"النشامى" يعاني "عقدة الوصافة" ويخسر 32 نقطة في تصنيف "فيفا"

تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم التي خاضت المباراة النهائية لبطولة غرب آسيا - (الغد)
تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم التي خاضت المباراة النهائية لبطولة غرب آسيا - (الغد)

تيسير محمود العميري

عمان- أنهى المنتخب الوطني لكرة القدم مشاركته في بطولة غرب آسيا الثامنة أول من أمس، ومرة ثالثة وجديدة تلازم "عقدة وصافة" النشامى، وتتجدد الأسئلة.. هل كان بالإمكان أحسن مما كان؟.. متى نتعلم من أخطائنا؟.. ماذا يحمل المستقبل للمنتخب الوطني؟.

اضافة اعلان

رقميا.. كلفت الخسارة أمام قطر 0-2 في المشهد النهائي فقدان 100 ألف دولار، فبدلا من الحصول على جائزة المركز الأول ومقدارها 300 ألف دينار، حصل المنتخب على جائزة المركز الثاني ومقدارها 200 ألف دينار.
كما كلفت الخسارة النشامى فقدان 32 نقطة في لائحة التصنيف الدولية التي ستصدر عن "فيفا" يوم الخميس 16 كانون الثاني (يناير) الحالي، فرصيد المنتخب أصبح 504 نقاط بدلا من 536 نقطة في التصنيف الأخير الذي صدر يوم 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وحتما سيتراجع المنتخب أكثر من مركز، حيث يحتل حاليا المركز الخامس والستين عالميا والخامس آسيويا.
ورقميا أيضا يستطيع المنتخب الوطني والجهاز الفني دخول "موسوعة غينيس" من حيث عدد اللاعبين الذين تم استدعاؤهم للمنتخب، منذ أن تسلم المدرب حسام حسن مهامه كمدير فني جديد للنشامى منذ شهر تموز (يوليو) الماضي، والعدد المستدعى للمباريات بلغ نحو 50 لاعبا، ولم يعد أحد "خبيرا أو مارق طريق" يجزم بمعرفة اختيارات المدرب والتشكيلة التي ستخوض المباراة، وبات الواقع يؤكد "لكل مباراة تشكيلة كما لكل شيخ طريقة".
ورقميا أيضا.. خاض المنتخب الوطني أربع مباريات في البطولة، تعادل في الأولى أمام لبنان 0-0، وفاز في الثانية على الكويت 2-1 وفي الثالثة على البحرين 1-0 وبـ"دعاء الوالدين"، وخسر الرابعة أمام قطر 0-2، وكأن القدر يريد أن يمنح الكرة الأردنية فرصة حقيقية لقياس حال المنتخب في الوقت الحالي، ذلك أن خسارة حقيقية أفضل من فوز كاذب، وفي المباريات الأربع سجل المنتخب الوطني ثلاثة أهداف ودخلت مرماه ثلاثة أهداف.
لا أداء.. لا نتيجة
التعادل الذي حققه المنتخب الوطني أمام الأوروغواي 0-0 في إياب الملحق العالمي، منح الجهاز الفني "طوق النجاة" وقلل من حدة موجة الغضب الجماهيرية، فالعودة من مونتيفيديو بـ"نقطة تاريخية" شكل "تعويضا معنويا" عن الخسارة الموجعة 0-5 في عمّان، والتي أنهت الحلم ومنحت منتخب الأوروغواي بطاقة المرور إلى مونديال البرازيل.
لكن المنتخب في غرب آسيا كان بدون "طعم أو لون"، فالصدفة أسهمت في تسجيل هدفين من أصل ثلاثة، والأداء وإن تميز نسبيا أمام الكويت، الا أنه في المجمل لم يصل حد الطموح، ولم يرتق إلى مستوى الفريق في تصفيات المونديال.
الجهاز الفني ربما يجد في غياب سبعة من اللاعبين المحترفين في الخارج ذريعة في عدم الحصول على اللقب الآسيوي المعنوي؛ حيث لم تسمح الأندية الخليجية للاعبين أحمد هايل ومحمد مصطفى وشادي أبوهشهش وخليل بني عطية ومصعب اللحام وعدي الصيفي وعبدالله ذيب، بالالتحاق مع المنتخب في البطولة، التي شاركت فيها جميع المنتخبات "بما فيها القطري البطل" بالفرق الرديفة "أولمبي أو تحت 22 سنة"، باستثناء المنتخب الوطني الذي مزج بين لاعبين شاركوا كأعمدة أساسية في تصفيات كأس العالم، وآخرين من منتخبي تحت 22 سنة والأولمبي، ولعل التشكيلة التي خاضت المباراة النهائية تواجد فيها ثمانية أو تسعة لاعبين كانوا أساسيين في المباراتين أو إحدى المباراتين أمام الأوروغواي في الملحق العالمي من تصفيات المونديال وهم: محمد شطناوي، محمد الدميري، حاتم عقل، طارق خطاب، عدي زهران، شريف عدنان، سعيد مرجان، عدنان سليمان، راكان الخالدي.
ودفع الجهاز الفني بلاعبين على مدار مدد متفاوتة في المباريات الأربع، أمثال صالح الجوهري ومهدي علامة وعدي خضر ومنذر أبوعمارة ويوسف الرواشدة ومحمد خير وبهاء عبدالرحمن.
هذا الخلط العجيب أفقد المنتخب بوصلته وهويته واستقراره، فلعب المنتخب في كل مباراة بـ"قناع" مختلف، لم يرتق إلى الشكل الجميل للنشامى الذي انطبع في أذهان المتابعين للمنتخب الوطني من داخل وخارج الأردن.
غياب الهدف
كان ينقص المنتخب تحديد الهدف من المشاركة في "غرب آسيا"، وكان يجدر باتحاد الكرة أن يتدخل ويمنح منتخب تحت 22 سنة فرصة المشاركة في البطولة، لأن كل المنتخبات شاركت بفرق رديفة وغاب منتخبان قويان هما إيران "حامل اللقب أربع مرات" والإمارات "المتجدد والمتوثب لعودة قوية"، وكان يمكن لمنتخب تحت 22 سنة أن يتفوق بسهولة على كل منافسيه بمن فيهم القطري، الذي قدم ثلاثة لاعبين مجنسين على سبيل التجربة، تألق منهم القطري من أصل جزائري بوعلام خورخي فسجل هدفي الفوز في مرمى النشامى، بعد أن أحسن المدرب الجزائري جمال بالماضي قراءة المباراة النهائية خصوصا والبطولة عموما.
ستة من لاعبي منتخب تحت 22 سنة تواجدوا مع المنتخب الأول هم: منذر أبوعمارة وعدي خضر وخلدون خوالدة وعدي زهران وطارق خطاب وإحسان حداد، وهؤلاء توجهوا من الدوحة أمس إلى عُمان للالتحاق بالمنتخب الذي يستعد للمشاركة في النهائيات الآسيوية التي ستنطلق يوم السبت المقبل، ولعل المنطق يقول أن يترك الجهاز الفني للمنتخب الأول نظيره في منتخب تحت 22 سنة يعمل وحده بعيدا عن التدخل في شؤونه، فهذا الجهاز الأردني هو من أوصل "نشامى تحت 22 سنة" إلى النهائيات الآسيوية بـ"العلامة الكاملة".
لكن اذا كان هدف المنتخب الوطني يتمثل في نيل لقب غرب آسيا للمرة الأولى، فكان يجدر بالمدرب حسام حسن أن يراعي مصلحة المنتخب أولا، ويتسامى فوق أي خلاف مع اللاعبين، ولعل جمهور الكرة الأردني ضرب مثالا رائعا في الحرص على المصلحة العامة، عندما اتفقت الجماهير بعيدا عن انتماءاتها النادوية، على ضرورة الاستعانة بلاعبين أكفاء أمثال عامر ذيب ورائد النواطير وعبدالإله الحناحنة وحسن عبدالفتاح وحمزة الدردور وباسم فتحي، بما أن المنتخب يشتكي من غياب بعض العناصر الأساسية إما للإصابة مثل الحارس عامر شفيع أو نتيجة التزام المحترفين في الخارج مع أنديتهم، لأن مباريات غرب آسيا أقيمت خارج "الروزنامة الدولية"، وحتى المباراتين أمام عُمان وسنغافورة في تصفيات أمم آسيا يومي 31 كانون الثاني (يناير) الحالي و4 شباط (فبراير) المقبل في مسقط وسنغافورة، ستقامان خارج "الروزنامة الدولية" وهذه ليست مشكلة سببها الجهاز الفني للنشامى بل يتحملها الاتحاد الآسيوي، الذي بات في قراره وكأنه "يعاقب" المنتخب الوطني على اجتهاده وبلوغه الملحق العالمي من التصفيات.
بناء أم نتائج؟
من حق الجهاز الفني الجديد أن يبحث عن هوية للمنتخب الوطني قد تختلف كليا أو جزئيا مع الجهاز الفني السابق، و"الإحلال والتبديل" سياسة جيدة تضمن الاستمرار، لكن التغيير يجب أن يكون للأفضل وفي مكانه وزمانه الصحيحين، وغير ذلك سيفقد المنتخب هويته واتزانه ويتحول إلى "ضحية" أمام المنافسين.
التذرع بـ"البناء للمستقبل" ذريعة لا تنطلي على أحد، وفي كل منتخبات وأندية العالم تكمن الحاجة إلى التمازج بين الخبرة والشباب، وغياب أحد العنصرين سيكون كفيلا بتراجع المستوى الفني والنتائج.
بعد المشاركة في غرب آسيا، هناك ثلاث مباريات متبقية للنشامى في تصفيات أمم آسيا.. المنتخب "نظريا" بلغ النهائيات الآسيوية في أستراليا في العام 2015، ويحتاج إلى الفوز على سنغافورة بغض النظر عن نتيجتيه في المباراتين أمام عُمان وسورية، وبعد ذلك سيكون المنتخب متفرغا من الاستحقاقات الرسمية حتى انطلاق نهائيات آسيا مطلع العام المقبل، وستسبق ذلك معسكرات تدريبية ومباريات تجريبية ضمن تحضيراته للمشاركة في أستراليا.
هذا يؤكد أن البناء والنتائج معا لا يلتقيان.. يمكن البناء التدريجي مع النتائج لكن التغيير الجذري لن يأتي بنتائج إيجابية.. هكذا هي تجارب الآخرين.
جردة حساب
إزاء ذلك كله، يجب أن تكون هناك "جردة حساب"، فالمنتخب الوطني حقق إنجازا غير مسبوق على صعيد تصفيات كأس العالم الأخيرة.. صحيح أنه لم يبلغ حلم البرازيل، لكن ما قدمه في ضوء إمكاناته وبنيته التحتية يفوق الخيال، وبالتالي يجب تقييم هذه التجربة بموضوعية، ولا بد من قراءة تقارير المدرب الحالي حسام حسن الذي قاد المنتخب في أربع مباريات خلال الملحقين الآسيوي والعالمي من التصفيات، والمدرب السابق عدنان حمد الذي قاد المنتخب في ست عشرة مباراة في المراحل الثانية والثالثة والرابعة من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى البرازيل، ولا بد من الاستماع لوجهات نظر بعض خبراء الكرة الأردنية والإعلاميين، لمعرفة الإجابة عن جملة من التساؤلات لعل أبرزها.. لماذا لم يتحقق حلم الوصول إلى مونديال البرازيل 2014؟.. وكيف السبيل إلى تحقيق حلم الوصول إلى مونديال روسيا 2018؟.
التخطيط والمسابقات المحلية
قد لا يختلف اثنان على ضرورة وجود مخطط للكرة الأردنية يملأ الفراغ بعد رحيل المدرب الكبير محمود الجوهري إلى مثواه الأخير.. الحاجة ملحة إلى وجود تنسيق بين مدربي المنتخبات جميعا وكذلك مع مدربي الأندية.. الحاجة ملحة إلى تخطيط الموسم الكروي بشكل سليم.. اليوم مصير الموسم الكروي في "علم الغيب"، فقد تبقت 88 مباراة من عمر دوري المناصير للمحترفين، منها 15 مباراة في مرحلة الذهاب و66 مباراة في مرحلة الإياب، كما تبقت 13 مباراة من عمر بطولة كأس الأردن في دوري الثمانية والأربعة والمباراة النهائية.
هذا الأمر يعني أن 15 مباراة متبقية من مرحلة الذهاب يمكن أن تقام بعد مباراة المنتخب وسنغافورة في 4 شباط (فبراير) المقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود مباراة أو أكثر لفريق شباب الأردن في الدور التمهيدي من دوري أبطال آسيا، ومشاركة ذات راس وشباب الأردن أو الوحدات في كأس الاتحاد الآسيوي، ما يعني حتما أن مباريات مرحلة الإياب لن تقام قبل انتهاء مباراة المنتخب أمام سورية يوم 6 آذار (مارس) المقبل، وبالتالي فإن الموسم قد يمتد إلى شهر حزيران (يونيو) المقبل بدلا من بداية شهر أيار (مايو) المقبل كما جرت الحالة.
الدوري اليوم في "حكم الميت".. لا جمهور يحضر المباريات ولا مستوى فني مناسب يترجم مقولة "الدوري القوي يفرز منتخبا قويا".. فترة التوقف ستكون قياسية وقد تبلغ شهرين "منذ نهاية الأسبوع التاسع في 8 كانون الأول (ديسمبر) الماضي"، ودائرة المسابقات ستجد نفسها مضطرة لـ"ضغط" المباريات في مرحلة الإياب، والسبب يكمن في غياب التخطيط الذي يتضارب مع كون اتحاد الكرة حصل على لقب أفضل اتحاد آسيوي متطور في آسيا، وعليه تبدو الحاجة ملحة للانتهاء من ملف انتخابات اتحاد الكرة "اذا كانت هناك انتخابات"، لكي يتمكن الاتحاد الجديد بقيادة سمو الأمير علي بن الحسين من المضي قدما في مسيرة الإنجازات، بعد أن يتم تلافي الأخطاء والعثرات التي حدثت في الآونة الأخيرة.
التغيير بين الحاجة والضرورة
ومن المهم جدا تأكيد ضرورة الاستقرار، فالهدف ليس الإطاحة بالجهاز الفني بقيادة المدرب حسام حسن، بل الهدف تسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات، ووضع الكرة الأردنية في مسارها الصحيح، وهذا لن يكون الا بتغليب المصلحة العامة وتجاوز المصالح الشخصية الضيقة، واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب.. سواء كان ذلك في مجلس إدارة الاتحاد ولجانه ودوائره العاملة أو في صفوف المنتخبات الوطنية.. مدربين ولاعبين وإداريين.

 

[email protected]

taiseromiri@