النصف الممتلئ من كأس الرئيس

دعا الرئيس أمس دزينتين من الصحفيين والكتاب إلى لقاء حواري تمهيدا لمؤتمر صحفي سيعقد الأسبوع القادم لعرض أعمال الحكومة في الربع الثاني من السنة الحالية، وقال الرئيس ان منهج العمل هو ان تعلن الحكومة خطتها والتزاماتها لثلاثة أشهر تقوم في نهايتها بمراجعة نسبة التنفيذ وعرضها للرأي العام وهي فعلت ذلك نهاية الربع الأول من العام وتفعل ذلك الآن للربع الثاني ولفت الانتباه إلى ان نسب الانجاز قد تعلو وتنخفض تبعا للظروف، لكن المهم هو أن هذا هو النهج الجديد الذي تعمل به الحكومة. وهو – كما يمكن ان نستنتج - الترجمة لشعار تغيير النهج الذي طرحه جمهور الاحتجاجات. ها هو الرئيس كما في كل شأن آخر يعطي لشعار تغيير النهج المساحة الواقعية الممكنة دون تصادم مع أحد أو زعزعة لثوابت مستقرة أو مواجهة أو تحد لأي قوى أو مصالح. فمن يستطيع ان يتعارض مع قيام الحكومة بهذا الاسلوب النزيه في العمل! شخصيا قررت ان أتكيف في اللقاء مع مطلب الرئيس ان ننظر أيضا إلى النصف الممتلئ من الكأس، واستعان لدعم وجهة نظره بقصة عن خبير من وفد خارجي التقاه مؤخرا سأله: لو كنت رئيسا للوزراء العام 2008 (كان ما يزال النمو الاقتصادي في أوجه) وقلت لك ان أزمة مالية عالمية ستؤثر عليكم وتطيح بالسوق المالي وسيتبعها ربيع عربي وثورات تضرب الاستقرار والاستثمار وسوف يرتفع سعر النفط إلى 140 دولارا وسينقطع عنكم الغاز المصري وستغلق حدود الجوار وسيظهر الارهاب وينهار قطاع السياحة، فماذا ستقول لي عن مستقبل الاقتصاد؟ ستجيب طبعا انه سينهار، لكن.. يستطرد الرئيس على لسان الخبير.. ها هو اقتصادكم يقف على قدميه وبنسبة نمو تصل إلى 2 %، وهي نسبة معقولة قياسا لكثير من الدول التي لا تعاني من أزمة. هذا تقريبا ما قصده الرئيس بالنظر إلى النصف الممتلئ من الكأس. وهنا ايضا لا يستطيع احد ان يتعارض معه وانا شخصيا افعل ذلك كلما اردت رفع معنوياتي او معنويات الآخرين بالمقارنة مع اوضاع تحيط بنا او كان يمكن ان ننتهي اليها مع كل ما جرى بالمنطقة.. نعم مقاربة مقنعة من الرئيس لكن بعد هذه المقاربات الذهنية سأعود آخر النهار إلى الناس وأجد السخط الأشد على كل شيء اصحاب المصالح يعانون والعاملون يعانون والمراجعون للدوائر والخدمات يعانون والاهم بطالة الشباب وانعدام الوظائف. احرص دائما على السلوك البنّاء والتقييم الموضوعي ولدي موقف اساسي ايجابي من الرئيس واقدر كثيرا انفتاحه على التواصل والحوار لكن الأمر معه مثل الباب الدوار تدخل عليه بإقبال لتجد نفسك تلف إلى ذات المكان. ليس هناك انتقال حقيقي. وسأذهب لمثال من الموضوع الذي انشغل فيه باختصاص ومتابعة حثيثة مثل الاصلاح السياسي. كان الرئيس يقول منذ البداية لا اصلاح اقتصاديا دون اصلاح سياسي ثم قال ان تشريعات الاصلاح السياسي رزمة موحدة متكاملة وأمس برر التعامل بالقطعة مع قوانين الاصلاح والانشغال الطويل باللامركزية والحكم المحلي ثم وصل لقانون الانتخاب ليقول انه يسمع عدة وجهات نظر واحدة ان القانون الحالي هو الأفضل وثبت ان القانون نفسه ليس له دور حاسم في الاصلاح السياسي، وأخرى تقول ان القانون الحالي بحاجة لبعض التعديلات الجوهرية، وثالثة تقول بالعودة إلى صوتين او ثلاثة حرة للناخب، وبذلك حيّد نفسه واعاد تعويم القضية، وبعد كل المقدمات التي تؤكد على الاصلاح وتغيير النهج عدنا إلى لا شيء.اضافة اعلان