النظرة الإيجابية للنفس تمنح الفرد السلام الداخلي

متعة الحصول على تقييم إيجابي من قبل الآخرين يجب أن لا تكون أهم من تقييم الفرد لذاته - (أرشيفية)
متعة الحصول على تقييم إيجابي من قبل الآخرين يجب أن لا تكون أهم من تقييم الفرد لذاته - (أرشيفية)

علاء علي عبد

عمان- يعتمد البعض على آراء الناس في كل شيء؛ طريقة اللبس، نوعية الطعام، مكان السكن وحتى قيمة الذات. ولو افترضنا جدلا أن آراء الناس ضرورية، إلا أنها لا يجب أن تكون كذلك عندما يتعلق الأمر بقيمة المرء، فهذا الجانب على وجه الخصوص يجب أن يبقى الاعتماد على تقديره نابعا من داخل الشخص نفسه.اضافة اعلان
وعندما يقتنع المرء بأن ما يمتلكه الناس من ثروة ونجاح وشهرة هو أهم من الشخص ذاته، فإن الحياة تبدأ بإرسال الإشارات الخفية والصريحة لتعيده إلى حقيقة أن الشخص هو الذي يمنح الأشياء قيمة وليس العكس. لذا فإن الحياة كلما ابتعد المرء عن هذه الحقيقة تقوم بإعادته لحقيقة واحدة مفادها أن قيمتك وحب الناس لك يعتمد على الشخصية التي تمتلكها وليس على أي شيء خارج عنك.
لا يدرك الكثيرون أن محاولة الحصول على تقييم الآخرين لهم لن يحمل لهم أي فائدة تذكر، ففي حال كان المرء يعي قيمة نفسه، فإنه لا يحتاج لتأكيد هذه القيمة من قبل أحد، وإن كان لا يعلمها فإن العالم بأكمله لن يتمكن من زرعها داخله كونه سيبقى متشككا بحقيقتها.
ولا يتردد البعض بالقيام بكل ما يمكنهم لمحاولة "رفع تقييمهم" لدى الآخرين، حيث يقوم بصرف الجهد والمال والوقت لهذا الهدف، ويكون مستعدا لتغيير طريقته في اللبس، في الطعام، في الحياة بأكملها فقط من أجل تأكيد قيمته لدى الناس. لكن المشكلة في "لعبة التأكيدات" أنها لا تنتهي، وكلما حصلت على تأكيد أحد الأشخاص، فإنك تكون بحاجة للمزيد، والسبب بهذا أن الافتراضية الأولى المتعلقة بضرورة الحصول على تقييم الآخرين كانت خاطئة، وبالتالي يجد المرء نفسه يلف في دائرة مغلقة تقوده للرغبة بالحصول على المزيد والمزيد من آراء الناس.
ولا يمكن إنكار متعة الحصول على تقييم إيجابي من قبل الآخرين، لكن هذا التقييم لا يجب أن يكون بأي حال من الأحوال أهم من تقييمك لذاتك، فنظرتك الإيجابية لنفسك هي الميدالية الأهم التي يجب أن تزين عنقك. فإما أن تشعر بالسلام من داخلك وإما لا تشعر به إطلاقا.
وقامت إحدى المحطات التلفزيونية منذ فترة، حسبما ذكر موقع "InnerSelf" بعرض لقاء مع "باربي البشرية" وهي فتاة خضعت لأكثر من 100 عملية تجميلية كلفتها أكثر من مليون دولار! وعندما قام مقدم البرنامج بسؤالها عن السبب الذي دعاها لخوض كل هذه المتاعب وصرف كل هذا المال فقط لتكون شبيهة بدمية بلاستيكية أجابته بأنها قبل أن تجري العمليات التجميلية كانت تتعرض للإهمال من قبل الشباب الذين تتعامل معهم في الوقت الذي كانوا يبدون إعجابهم بصديقاتها، أما الآن فالأمر اختلف وأصبحت هي من تهملهم وهي سعيدة بهذا. ترى كم من الجهد والوقت والمال كان يمكن لهذه الفتاة أن توفر لو علمت قيمة نفسها؟
ويمكن للعمليات التجميلية أن تحمل أثرا إيجابيا في حال كان المرء يحتاجها لإزالة تشويه معين، لذا قبل الخضوع لمثل هذه العملية اسأل نفسك عن هدفك منها، وإذا كان الهدف حصولك على إعجاب الآخرين، فعليك أن تعيد النظر بالموضوع، فما تحتاجه حقيقة هو رفع ثقتك بنفسك لا أكثر.
من خلال ما سبق يجب أن نعي حقيقة أن لكل شخص مملكة خاصة به، هذه المملكة ليست بالثروة أو الجمال أو الجاذبية، وإنما هي مستقرة بداخل كل واحد منا، وكل ما علينا هو أن ندرك هذه المملكة ونعلم بأن الخالق المبدع هو من ميز كل منا بمملكته الخاصة ليكفينا الحاجة من البحث عن جمال الممالك الأخرى. من يدرك هذا المعنى، يتأكد بأن قيمته الحقيقية هو وحده القادر على معرفتها وتنميتها وليس أي شخص آخر.

[email protected]