النفط يخسر ربع قيمته في 2018

عمان- الغد- بعد التحرك الإيجابي لأسعار النفط خلال معظم فترات العام 2018، اتخذت الأسعار اتجاها معاكساً وانخفضت بشدة خلال الشهرين الأخيرين بتراجع بلغت نسبته 24.2 %.اضافة اعلان
وأدى استمرار ارتفاع الأسعار حتى تشرين الأول(أكتوبر) 2018 إلى بلوغ النفط أعلى مستوياته منذ أربعة أعوام، إلا أن المخاوف المتعلقة بزيادة العرض والقلق بشأن تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي مقارنة بالتوقعات السابقة أدت إلى دفع أسعار النفط إلى التراجع إلى أدنى مستوياتها منذ حوالي 17 شهراً.
كما يعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين من أهم العوامل التي أضعفت تفاؤل المستثمرين بشأن نمو الطلب على النفط في المدى القريب.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك عدد كبير من المؤشرات الاقتصادية التي تدل على تباطؤ الاقتصاديات الرئيسية في العالم بما أسهم في زيادة المعنويات السلبية حول أسعار النفط.
إلا أنه على الرغم من ذلك، فقد حصلت الأسعار على بعض الدعم في نهاية العام بعد إعلان منظمة الأوبك وحلفائها عن تمديد اتفاقية خفض الإنتاج حتى النصف الأول من العام 2019.
اتجاه أسعار النفط منذ بداية العام
واستهل النفط العام الحالي بأداء إيجابي خلال أول أسبوعين من العام في أجواء كانت تتسم بالأداء السلبي؛ إذ ارتفعت الأسعار بنسبة تخطت 16 % على خلفية تعافي المؤشرات العالمية وظهور مؤشرات تدل على تهدئة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية.
كما أسهم الانخفاض الشديد في إنتاج خام نفط الأوبك في كانون الأول (ديسمبر) 2018 في تعزيز الأسعار، بالإضافة إلى أنباء تفيد بنية السعودية الحد من صادراتها النفطية إلى 7.1 مليون برميل يومياً في شباط (فبراير) 2019 مقابل 7.2 مليون برميل يومياً المتوقعة في كانون الثاني (يناير) 2019.
إلا أنه على الرغم من ذلك، واصل تزايد إنتاج الخام الأميركي في الضغط على أسعار النفط، وفقا لأحدث التقارير الأسبوعية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وتخطت أسعار العقود الفورية لمزيج خام برنت علامة 60 دولارا أميركيا لفترة وجيزة خلال الأسبوع الثاني من الشهر الحالي، بعد أن سجلت ارتفاعا بنسبة 20 % مقارنة بمستويات إغلاق العام 2018.
في حين أنهت العقود الفورية لخام نفط الأوبك تداولات العام 2018 عند مستوى 51.6 دولارا أميركيا للبرميل مقابل 64.5 دولارا أميركيا بنهاية العام 2017، في حين أنهت العقود الفورية لمزيج خام برنت تداولات العام عند مستوى 50.6 دولارا أميركيا للبرميل مقابل 66.7 دولارا أميركيا للبرميل بنهاية العام 2017.
إلا أنه على الرغم من ذلك، سجل متوسط أسعار النفط الخام نمواً جيداً في العام 2018 مقارنة بالعام 2017.
وبلغ متوسط سعر سلة الأوبك المرجعية 69.8 دولارا أميركيا للبرميل خلال العام، مرتفعاً بحوالي الربع مقارنة بسعر نهاية العام 2017 البالغ 52.4 دولارا أميركيا للبرميل. وجاء ارتفاع متوسط سعر خام النفط الكويتي متسقاً مع الارتفاع الذي سجله خام الأوبك وأنهى العام عند سعر 68.9 دولارا أميركيا مقابل 51.6 دولارا أميركيا للبرميل في العام 2017.
ومن جانب آخر، كان نمو سعر مزيج خام برنت بمعدل أقل هامشياً بلغت نسبته 31.5 %، وبلغ متوسط السعر 71.2 دولارا أميركيا للبرميل مقابل 54.2 دولارا أميركيا للبرميل في العام 2017.
أما من ناحية توقعات السعر للعام 2019، فتشير التقديرات إلى عدم تسجيل نمو سنوي تقريباً، فوفقاً لتقديرات المحللين، من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر مزيج خام برنت 60.7 دولارا أميركيا للبرميل في الربع الرابع من العام 2019 مقابل السعر المتوقع في الربع الأول من العام 2019 البالغ 59.5 دولارا أميركيا للبرميل.
أما من جهة العرض، فشهد إنتاج النفط في الولايات المتحدة ارتفاعا قياسيا خلال العام 2018 بالغاً أعلى مستوياته المسجلة.
ووفقا لبيانات الإنتاج النفطي الصادرة عن إدارة الطاقة الأميركية، بلغ إنتاج خام النفط الأميركي 11.7 مليون برميل يومياً بنهاية العام؛ أي بزيادة تقارب مليوني برميل يومياً مقارنة بمستوى العام السابق، وذلك في استجابة لارتفاع أسعار النفط خلال العام. ووفقاً لأحدث توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، من المتوقع أن يصل إنتاج النفط الأميركي إلى رقم قياسي جديد عند مستوى 12.07 مليون برميل يومياً في العام 2019، على أن يواصل ارتفاعه إلى 12.86 مليون برميل يومياً في العام 2020.
ومن جهة أخرى، شهد إنتاج خام نفط الأوبك أعلى معدلات التراجع على مستوى العامين الماضيين، متراجعاً بأكثر من 0.5 مليون برميل يومياً على خلفية تراجع إنتاج السعودية بواقع 0.42 مليون برميل يومياً، إلى جانب انخفاض إنتاج كل من إيران ونيجيريا وليبيا وفنزويلا.
سوق النفط في 2018.. عام من التقلبات الشديدة في الأسعار
بعد عامين متتاليين من الأداء الإيجابي، تراجعت أسعار النفط في العام 2018 مع بلوغ أسعار العقود الفورية لكل من مزيج خام برنت وخام نفط الأوبك أعلى قليلاً من مستوى 50 دولارا أميركيا للبرميل بنهاية العام. وجاء هذا التراجع على خلفية ارتفاع معدلات التذبذب نتيجة للعوامل الخارجية التي أثرت على توقعات الطلب بالإضافة إلى زيادة العرض، وهو الوضع الذي عانى منه القطاع النفطي منذ الربع الأخير من العام 2014. وبدأ العام 2018 بتفاؤل كبير تجاه نمو أسعار النفط، بدعم من التوقعات القوية لنمو الاقتصاد العالمي الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع الطلب على النفط.
وكان من المتوقع أن يصل السوق إلى مرحلة التوازن بنهاية العام، وعززت محادثات فرض العقوبات على إيران من احتمالات ارتفاع أسعار النفط؛ إذ كان من المتوقع أن تسهم في التخلص من جزء كبير من زيادة العرض.
بالإضافة إلى ذلك، تراجع المعروض النفطي من قبل فنزويلا بوتيرة متسارعة؛ إذ واجهت البلاد مصاعب اقتصادية وسياسية.
وأدى انخفاض العرض بأكثر من مليون برميل يومياً بالإضافة إلى تراجع إنتاج منظمة الأوبك وحلفائها إلى دفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ أربعة أعوام؛ إذ بلغت حوالي 90 دولارا أميركيا للبرميل تقريباً، مع توقع أن يصل السعر إلى رقم ثلاثي العدد على المدى القريب.
إلا أنه على الرغم من ذلك، أدت بعض الأحداث غير المسبوقة مثل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بالإضافة إلى تباطؤ معدلات النمو في أوروبا أقل مما كان متوقعاً إلى تشكك المستثمرين حيال النمو الاقتصادي العالمي على المدى القريب وما لذلك من آثار على الطلب على النفط.
ومن جهة أخرى، استمرت مستويات العرض في الارتفاع؛ حيث أنتجت الولايات المتحدة بوتيرة قياسية، بالإضافة إلى أنه لمواجهة النقص في العرض من قبل إيران وفنزويلا، قامت روسيا والسعودية بزيادة إنتاجهما لفترة وجيزة وأنتجت بوتيرة قياسية أدت إلى إغراق سوق النفط.
في حين أن بعض منتجي النفط مثل ليبيا ونيجيريا ممن واجهوا اضطرابات شديدة في الإنتاج حتى بداية العام، تمكنوا من الإنتاج بمعدلات ثابتة وقاموا برفع الإنتاج تدريجياً بوتيرة جيدة قرابة نهاية العام.
الطلب والعرض العالمي على النفط للعامين 2018 و2019
ظلت توقعات نمو الطلب العالمي على النفط بدون تغيير وفقاً لأحدث تقرير شهري صادر عن منظمة الأوبك عند معدل نمو قدره 1.5 مليون برميل يومياً، مع توقع بلوغ متوسط الطلب الإجمالي 98.78 مليون برميل يومياً.
إلا أنه على الرغم من ذلك، كانت هناك بعض التعديلات التي طرأت على بيانات الطلب الفصلية؛ حيث تم زيادة توقعات الطلب في الربع الثالث من العام 2018 على خلفية الطلب القوي من جهة الولايات المتحدة والذي قابله تخفيض بالمعدل نفسه لتقديرات الطلب في الربع الرابع من العام.
وانخفض الطلب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وآسيا الأخرى التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الربع الأخير من العام 2018 بسبب انخفاض الاحتياجات النفطية دون المستويات المتوقعة.
وفي الوقت ذاته، بعد أن شهدت الدول الأوربية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ضعف مستويات الطلب في أيلول (سبتمبر) 2018، عادت مرة أخرى لتشهد نموا في الطلب في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 باستثناء ألمانيا على خلفية تراجع الطلب على النافتا والبنزين في قطاع النقل البري والديزل في القطاع الصناعي. وأظهرت الأرقام الأولية لشهر تشرين الثاني(نوفمبر) 2018 لكل من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة انخفاض مستويات الطلب، في حين أظهرت إيطاليا بعض الاتجاه الإيجابي.
أما على صعيد الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فقد شهدت اليابان تراجعاً للشهر التاسع على التوالي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، فيما يعد أعلى معدلات التراجع منذ خمسة أشهر.
وبالنسبة لمجموعة الدول غير التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كان الطلب في الصين قوياً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، وإن عادله تراجع الاحتياجات للديزل إلى حد ما.