النكبة الفلسطينية لن تمحى

هآرتس

أسرة التحرير

7/7/2019

اضافة اعلان

انطوت اقامة دولة إسرائيل على خراب المجتمع الفلسطيني الذي كان قائما هنا حتى 1948. مئات آلاف الفلسطينيين اصبحوا لاجئين، دمرت قرى، صودرت اراضيهم واستوطن يهود مكانهم. هذه الأحداث، التي تسمى منذئذ بالنكبة وتشعل نار النزاع، هي محظور كبير في الوعي الإسرائيلي.
لا يعلمون النكبة في المدارس، ومؤرخون قلائل يبحثون فيها، وذكرها في الاعلام يبعث على الفور ردود فعل من الاسكات على نمط "العرب رفضوا مشروع التقسيم وجلبوا خرابهم على أنفسهم". توصيفات على جرائم الحرب ارتكبها جنود الجيش الإسرائيلي في حرب الـ 48 – ابعاد السكان، السلب والنهب، القتل والاغتصاب – تكبت في الهوامش ونشرها يعد تشكيكا بعدالة المشروع القومي.
ولكن الدولة لا تكتفي بانغلاق الروح السائدة في المجتمع الإسرائيلي اليهودي بالنسبة لأحداث 1948، بل تبذل جهدا نشطا لاخفاء الادلة على النكبة. تحقيق ملحق "هآرتس" كشف نشاط وحدة خاصة في وزارة الدفاع، يتواصل منذ نحو عقد، بهدف اخفاء وثائق وشهادات على جرائم حرب في 1948 في الارشيفات العامة والخاصة، حتى في حالات سبق للمعلومات عنها ان نشرت.
هذه الوحدة التي من صلاحياتها الرقابة على الماضي مهزوزة وموضع خلاف، تتجاهل اعتراض المؤرخين ومدراء الارشيفات، المؤيدين لكشف احداث الماضي مثلما وقعت. وهدف الاخفاء هو التشويش على الشهادات وتعزيز الرواية الإسرائيلية الكاذبة وبموجبها "العرب هربوا طوعا وبتشجيع من زعمائهم". هكذا سحب رجال هذه الوحدة الخاصة وثيقة مفصلة وثقت هجرة المدن والقرى الفلسطينية حتى حزيران 1948 واظهرت ان معظمها هجرت بسبب أعمال عسكرية يهودية. وهذا حتى قبل أعمال الطرد الكبيرة من الرملة، اللد، مركز الجليل والنقب الشمالي في الأشهر التالية للحرب.
إن حقيقة أن الوثيقة سبق ونشرت، لم تردع مزوري التاريخ من وزارة الدفاع، ممن يؤمنون بسخافتهم بانه بغياب التوثيق، ستنسى النكبة ايضا. تعمل هذه الوحدة بروح شعار اليمين الفاشي "نكبة خرطة".
إسرائيل ابنة السبعين قوية بما يكفي لتواجه العلل الاخلاقية لماضيها. النكبة لن تختفي؛ فهي ما تزال موجودة في المشهد، في احراش الصبار للقرى المهجرة، في منازل مزينة بالاقواس في يافا وفي حيفا، في ذاكرة المجتمع الأهلي الفلسطيني في إسرائيل، في المناطق وخلف الحدود.
بدلا من الرقابة وسحب الوثائق، يجدر بنا أن نتعلم ونعلم تاريخ اقامة إسرائيل وتاريخ المجتمع الفلسطيني الذي اقتلع من هنا. اننا نقيم يافطات ذاكرة في مواقع القرى التي خربت والتصدي للمعاضل الاخلاقية التي ترافق الدولة منذ 1948. مثل هذا الاعتراف لن يحل النزاع، ولكنه سيقيم الحوار بين اليهود والفلسطينيين في إسرائيل على أسس من الحقيقة بدلا من الأكاذيب، الخجل والاخفاء.