النمري :أعمالي الفنية باختلاف مجالاتها مستوحاة من حياتي اليومية

النمري :أعمالي الفنية باختلاف مجالاتها مستوحاة من حياتي اليومية
النمري :أعمالي الفنية باختلاف مجالاتها مستوحاة من حياتي اليومية

تشكيلية تجد ان "كثرة التفاصيل في اللوحة يشتتها"

 

          حاورتها: نسرين منصور

اضافة اعلان

 

    عمان - منذ عقد تقريباً بدأت الفنانة جمان النمري بالتعرف على مفردات عالم الفن من خلال دراستها في جامعة اليرموك (تخصص فنون تشكيلية) والتحقت بالعديد من دورات فن الجرافيك تحت اشراف أساتذة في الفن التشكيلي. وبالرغم من اختلاف مجالات الطاقة التعبيرية التي تختزنها هذه الفنانة الشابة، وتنوعها الا انها تجمع بينها جميعا اجوائها المشحونة بالألفة و"الوحدة"، "فحبها للسكينة والهدوء خلق جوا حميميا بينها وبين نبتة الصبار التي رسمتها كثيراً ورمزت إليها في لوحاتها لأنها تشعر بأنها تعبر عنها".

    شاركت الفنانة جمان النمري في معارض جماعية عدة من أهمها؛ معرض الصور الضوئية العام 2002 ومعرض الفنانين الشباب " أطياف"العام 2003، وحازت على الجائزة الثالثة في مسابقة التصوير الضوئي والتي نظمها المتحف الوطني للفنون الجميلة.

 الغد التقت الفنانة النمري وكان معها هذا الحوار حول تجربتها الفنية:

? ركزت في معظم أعمالك سواء في الجرافيك أو التصوير على الموضوعات المستمدة من المحيط الخاص بك واهتممت بنبتة الصبار تحديداً لماذا؟

 يمكنك القول بأن كل أعمالي الفنية باختلاف مجالاتها مستوحاة من حياتي اليومية، والاستوديو الخاص بي وهو المكان المفضل لدي، حيث أقضي معظم وقتي فيه أنجز أعمالي فهو مسيطر على كياني وروحي وعقلي، ويساعدني على إبراز ما بداخلي. وبطبيعتي فانا أحب الخصوصية والتوحد في كل شيء، وهذا المكان وفر لي هذه الخصوصية، كما أنني أحب تفاصيل هذا المكان الذي أشعر فيه بالأمان أكثر من الخارج الذي لا يمنحني سوى الخوف وعدم الثقة لذلك أتجنبه، لكنني أحاول أن أرسم خارج هذا الاطار ولكن الأمر ليس بيدي.

علاقتي مع نبتة الصبار حميمية، إما أن تكون موجودة داخل أية لوحة أو مستوحاة منها فأنا أستخدمها للتعبير عن شخصيتي لأنني أشعر بأن الصبار نبات هادئ، ووحيد نوعاً ما ويتحمل الكثير وهذا يعبر عني نوعاً ما فأنا أحب السكينة والهدوء.

?  الى اي مدى تولين اهمية في استخدام الرموز في اللوحة؟

أنا أفضل البساطة في اللوحة، ومن عادتي تقليص الرموز فأنا لا أستخدم أكثر من رمز أو رمزين في اللوحة الواحدة، فوجود رمز واحد يكفي للتعبير عما أريد كما أن كثرة التفاصيل في اللوحة تجعل المتلقي يتشتت ويتوه عن الفكرة التي أريد توصيلها.

وتتحد هذه الرموز مع مفردة اللوحة لتشكل عملا فني متكاملا، وبالنهاية فإن المفردة هي الاساس والقصة الرئيسية التي تتمحور حولها اللوحة.

ومن جهة اخرى فانا لا أعتمد على الرسم الأكاديمي، وما يهمني هو التعبير عما يدور في داخلي، فتركيزي يكون على المفردة وكيف أخرج العمل الفني بخطوط كلها تتحد ضمن رؤية واحدة، وهنا تلتقي الفكرة مع الخطوط لتشكل اللوحة كاملة.

في البداية لجأت إلى رسم جسم الانسان حتى يعبرعن تفكيري، ولكن بعد ذلك شعرت بأن العمل واضح ومباشر وشخصي وأنا بطبعي أحب الغموض لذلك اتجهت إلى رسم المفردات غير الواضحة، والرموز الغامضة؛ مثل الطاولة والكرسي، والمدفأة، وهذا يجعلني في النهاية سعيدة، لأنني عبرت عما أريد بطريقتي كما أنني أتحت المجال للمتلقي ليشعر ويحلل كما يريد.

    في أعمالي أستخدم الرموز التي توحي بالهدوء والسكينة ولكن المتلقي يشعر أيضاً ،بوجود شخص، بجانب هذه الرموز لكن لا تعرف بالتحديد أين هو، فالمفردات مثل الطاولة أو الكرسي من الممكن أن تتحول إلى أشخاص قد لا يكونوا موجودين فعلياً ولكن المتلقي كما قلت يشعر بوجودهم فتراه يفسر اللوحة كما يريد.

? طغت على معظم أعمالك في الجرافيك أجواء مشتركة التي غالبا ما تتسم بالوحدة، كيف تخلقين الانسجام بين تناقض الوحدة الموحشة والألفة في لوحاتك ولماذا الاتجاه إلى الوحدة؟

هذا يعود إلى شيء داخلي يتعلق بشخصيتي، ولا أعني الوحدة بمعناها أن أكون وحيدة بل أشعر بأن الوحدة موجودة عند كل انسان حتى لو كان متواجدا دائماً مع العديد من الأشخاص، وحياته جميلة الا أنه من الممكن أن ينتابه شعور الوحدة ولو للحظات، وهذا ينبثق بنظري من فكرة أن كل انسان لديه خصوصية في تفكيره وعقله وبالنهاية فهو وحيد في ذلك يختلي بنفسه وهذا ما اكتشفته ليس فقط بشخصيتي بل بشخصية كل الناس فالوحدة لا تخصني وحدي وهذا ما يخلق جو الألفة في لوحاتي لأن كل الناس مشتركة بهذا النوع من المشاعر.

? من أين تستمدي مرجعياتك في أعمالك النحتية؟

بدأت بأعمال النحت منذ تخرجي من جامعة اليرموك في العام 1996 وكان تركيزي على موضوع جسد المرأة، كنت في البداية أدرس تفاصيل جسد المرأة، واتعمق فيها وكلما غصت أكثر في التفاصيل، أستطيع نحت أي شكل أريده.

كان يهمني في النحت التعبير عن الحالات التي تمر فيها المرأة مثل الحزن، الوحدة، الألم وبنفس الوقت اللامبالاة والاسترخاء، فكان هناك الكثير من التناقضات في نحت جسد المرأة فكل منحوته تعبر عن امرأة مختلفة عن الأخرى، وكنت أتعمد اظهار المرأة خالية ومتجردة من أية شيء حتى الملابس فكانت كل منحوتاتي عارية لأن الملابس تساعد المتلقي في اعطاء فكرة عن هذه المرأة أو تغييرها.

أما الآن خرجت قليلاً عن نطاق نحت المرأة واتجهت إلى الأشكال التجريدية، وأحياناً الهندسية لكن تجربة نحت المرأة كانت مميزة فاستفدت منها في مجال سهولة الحركة والعفوية والليونة مما جعلني أستطيع نحت أية شكل بكل سلاسة.

 بالنسبة إلى الألوان التي أستخدمها في الخزف فهي قريبة من بعضها البعض وكلها مستوحاة من ألوان الطبيعة والتربة ولون جسم الانسان.

? هناك بعد سينمائي فيما يتعلق بلقطة المشهد البصري في أعمالك الفوتوغرافية والتضاد الدرامي باللون الأبيض والأسود من اين تستمدين هذا التوظيف؟

بامكان اي شخص عادي حمل الكاميرا والتقاط الصور الفوتوغرافية، لذلك فأنا أحاول أن أخرج من هذه الصورة التي التقطها الفكرة الموجودة عندي كأنني أرسم لوحة لهذا تكون أقرب إلى اللقطة السينمائية مع استخدام الضوء الطبيعي فيها، استخدامي اللون الأبيض والأسود جاء من فكرة اسلوب التجريد بالصورة حتى تكون الفكرة مباشرة لأن الألوان باعتقادي تشتت المشاهد وتبعده عن الفكرة الأساسية التي من المفترض أن يتلقاها فاللون الأبيض والأسود يحدد عناصر اللوحة.

    بطبعي أحب الاضاءة وأشعر بالضغط والتوتر من الظلام ولكن ذات يوم حدث خلل في الاستوديو الخاص بي مما اضطرني إلى الجلوس بدون كهرباء لمدة أيام وصرت ابحث عن الضوء الطبيعي الذي يدخل على المرسم وأصوره مما جعلني أصل إلى أن الضوء وسيلة لرؤية كل شيء ولكنه في الوقت نفسه يعمي الانسان عن رؤية كل شيء أيضاً.

? ما هي المعطيات المشتركة بين المجالات التعبيرية الثلاثة الخزف، التصوير، الجرافيك ولماذا اتجهت إلى هذه المجالات دون غيرها؟

صحيح أن المجالات مختلفة عن بعضها البعض ولكن الموضوع واحد، وعندما تم توحيد الموضوع وهو تأثري وحبي للاستوديو والمحيط الخاص بي أصبحت هذه الحقول متقاربة من بعضها البعض لأنه يجمعها موضوع واحد من حيث الفكرة والمكان، كما أن عدم استخدام الألوان والتركيز على الألوان الطبيعية ساعد على خلق جو موحد بين مجالات عملي المختلفة.

? أنت تعملين كمدرسة تربية فنية في المدرسة الأرثوذكسية، ماذا شكلت لك هذه التجربة وما الذي أضافته على مستوى علاقتك باللوحة؟

أدرس تربية فنية للمرحلة الابتدائية من الصف الأول للخامس الابتدائي والتعامل مع الأطفال بحد ذاته شيء مميز ومختلف عن التعامل مع بقية الفنانين فالشخص يجب أن يتصف بالحساسية والتيقظ ليتمكن من فهمهم.

وبقدر ما أحاول أن أعلم الأطفال أحاول أيضاً الاستفادة منهم، وأحياناً أفاجأ كثيراً بأفكارهم من حيث الجرأة والعفوية والبراءة وعدم التفكير بالصواب أو الخطأ عند طرح الفكرة.

? ما مدى تجاوب الآخرين وتلقيهم لعملك، وكيف تجدين ردود فعلهم؟

هناك  تجاوباً لا بأس به من قبل الآخرين وهناك أناس كثيرين أحبوا عملي وخصوصاً نبتة الصبار واستوعبوا الفكرة التي أريد طرحها وكانوا مستمتعين بالأعمال وكنت أشعر بذلك، ولكن في الوقت نفسه كان هناك ردود فعل سلبية على أعمال الخزف الخاصة بي مثل طرح التساؤلات الخاصة بجسد المرأة ولماذا عارية، أو لماذا لا يوجد أشخاص في أعمالك الجرافيكية.

? كيف تنظرين إلى المستوى الذي حققته الفنانة الأردنية في المشهد التشكيلي المحلي وسياقه العربي والعالمي، هل يمكن الحديث عن فن نسوي وإذا أمكن فما الذي يميزه؟ 

     أنا ضد فكرة القول هذا نسائي وهذا ذكوري، ودعيني اوضح بانني كنت في السابق أشارك في معارض تخص المرأة، ولكنني الآن لا أفضل المشاركة فيها حتى أشجع أن تكون المرأة موجودة بدون تحديدها وقوقعتها، واذا استمرينا بهذا الفصل  فاننا نساهم في غلق المرأة وتحجيمها فالفنان هو فنان سواء كان رجل أم امرأة.

 ? هل يؤثر الفن بنظرك على حياة الفنان اليومية وعلاقته مع الآخرين وواقعه؟

بالطبع يستمر تأثير اللوحة أو العمل الفني على ايقاع حياة الفنان، وأنا أتخيل بأن العمل  يكون ناجحاً اذا كان دائماً متصل بالحياة اليومية بالفنان وبالمقابل يجب أن تؤثر الحياة اليومية للفنان على عمله .


 

تصوير: محمد أبو غوش