النموذج الفكري ومؤشرات نمو التمويل الإسلامي 6 - 6

غسان الطالب* مقالاتنا السابقة حول مؤشرات نمو التمويل الإسلامي، نختتمها في هذه المقالة للحديث عن مؤشر التوعية الهادف إلى ترسيخ الوعي المصرفي الإسلامي من خلال سياسات تسويقية محلية وخارجية حتى نرتقي بالتعريف بصناعة التمويل الإسلامي إلى مكانة متقدمة في السوق المصرفي العالمي وفي عموم المجتمعات الإسلامية على وجه الخصوص. وما يزيد من أهمية ترسيخ الوعي المصرفي أن القطاع المصرفي الإسلامي ما يزال يعاني من تحديات التشكيك والمراهنات على عدم قدرته على المنافسة في الأسواق المالية العالمية هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ فهو يواجه الحملات الفكرية والإعلامية المضادة والمتضررة من نجاح هذه المصارف في إثبات وجودها وتحقيق مكاسب مصرفية تجلت بعد حدوث الأزمة المالية العالمية؛ إذ اتجهت أنظار العالم إلى أهمية هذا النوع من العمل المصرفي، وبدأت العديد من الدول تفكر جديا في الاستفادة من طبيعة الخدمات المالية الإسلامية وأدواتها المتبعة. بكل تأكيد سيكون العائد مجزيا لمثل هذه البلدان خاصة تلك الدول التي تتمتع بعلاقات اقتصادية وتجارية واسعة مع العالمين الإسلامي والعربي؛ حيث سيساعد ذلك على جذب الاستثمارات إلى هذه البلدان إضافة إلى إيجاد نافذة في المعاملات التجارية التي تجريها المصارف الإسلامية مع بقية دول العالم، كما ستساعد في توطين مدخرات الجاليات الإسلامية التي تعيش على أرض هذه الدول بدل خروجها للبحث عن استثمار أموالها في الخارج، علما بأن هناك العديد من دول العالم بدا لها الاستعداد للتعامل مع الصناعة المصرفية الإسلامية لأسباب قد تكون محض اقتصادية سواء لجذب الاستثمارات أو لإيجاد نوافذ للتعامل المصرفي والتجاري مع الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى إفرازات الأزمتين الاقتصادية والمالية العالميتين واللتين لم يتعافَ الاقتصاد العالمي منهما للآن. إذن لابد من وضع استراتيجية تسويقية شاملة تكون مهمتها التركيز على التعريف بنفسها ونهجها المصرفي المتسم بالأخلاقية والملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية إضافة إلى الأدوات المالية المتبعة لديها، وهي كذلك تحمل رسالة مفادها؛ أن المال له وظيفة اقتصادية واجتماعية تعمل على خدمة المجتمع وتحقيق التنمية مع مراعاة حقوق أصحاب الملكية لهذا المال في تحقيق عائد يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وحتى يتحقق لنا ذلك لابد من تأكيد أمور عدة تؤدي بنا إلى وضع خطوات فعالة لهذه الاستراتيجية الشاملة منها: توضيح منهج التعاملات المالية الإسلامية ومدى انسجامها مع أحكام الشريعة الإسلامية بحيث تزيل كل الشكوك لدى المتعاملين معها. توعية الفرد في المجتمع الإسلامي بأهمية الادخار والابتعاد عن الاكتناز الذي يعمل على حبس الأموال وعدم مشاركتها في الحياة الاقتصادية، بينما يعمل الادخار على تنمية رأس المال وخلق فرص استثمارية تعود بالفائدة على المجتمع. الابتعاد عن سياسات التسويق غير الممنهجة والمعتمدة بالأساس على المناسبات أو المواسم والتوجه إلى استراتيجيات تسويقية ذات منهج علمي وشامل تنظر للمستقبل وتحافظ على منجزات هذا القطاع. الاهتمام بالعنصر البشري العامل في مجال التسويق المصرفي من حيث التدريب والتطوير ومتابعة كل وسائل التسويق الحديثة التي تراعي وتهتم بثقافات وعادات وتقاليد الشعوب عند مخاطبتها لإيصال الصورة الحقيقية عن المصارف الإسلامية ورسالتها. فتح قنوات اتصال وحوار مع المؤسسات المالية العالمية الكبرى والوصول إلى أماكن نفوذها لكسب المزيد من المتعاملين الجدد. التنسيق مع مراكز المعلومات والدراسات التي تزودها بكل ما يستجد عن القطاع المالي والمصرفي العالمي ومعرفة كل ما هو جديد. جميع هذه العناصر مجتمعة تعمل على تنمية عنصر الوعي بطبيعة الصناعة المصرفية الإسلامية وتؤخذ كمؤشر لنمو التمويل الإسلامي إضافة إلى بقية المؤشرات التي سبق ذكرها في مقالات سابقة وتعزز النموذج الفكري لهذا القطاع. *باحث ومتخصص في التمويل الإسلامياضافة اعلان