"النواب" والحكومة.. تكهنات البقاء مرتبطة بعوامل دستورية وسياسية

قاعة مجلس النواب
قاعة مجلس النواب

محمود الطراونة

عمان - تنظر أطراف نيابية الى مصير مجلس النواب، بعد انقضاء مدة الدورة العادية الحالية؛ الرابعة والأخيرة من مدته الدستورية، في التاسع من أيار (مايو) المقبل، بعين الغموض للمرحلة المقبلة، بسبب تعدد السيناريوهات المتوقعة، لبقاء أو رحيل المجلس والحكومة، وتأثيراتها عليهما، أو تعديل الدستور بهذا الشأن.اضافة اعلان
وفيما يعتبر سياسيون أن أي اجتهادات أو آمال، أو أحلام للنواب، أثبتت التجربة انهم يمارسون مهام شخصية تعبر عن تطلعاتهم، فيما لا يوجد أي مسار استثنائي لتغيير المسار الزمني لمتطلبات الدستور، والذي يتطلب وجود حالة طارئة وملحة، لا يمكن التعامل معها الا بهذه السيناريوهات.
وأشاروا الى انه لا يوجد قاعدة معرفية واضحة، تعبر عن الحالة السياسية أو المشاكل الاستثنائية، وكلها تكهنات واجتهادات وتوقعات ضحلة في الأوساط السياسية التي لا تملك أي رؤية سياسية شريكة في صنع القرار بالبلاد، وبالتالي هي محيدة عن تفهم او التعرف على الحالة السياسية المرتبطة بالمتغيرات على الصعيدين السياسي والدولي المرتبط بالأردن.
وعموما؛ فإن هناك أربعة سيناريوهات مطروحة، يعتمد بعضها على تطور الظروف السياسية الخارجية والداخلية، فيما يبقى سيناريوهان الأقوى من بين السيناريوهات، ويتمتعان بقابلية في التطبيق، ويشكلان استقرارا سياسيا ودستوريا، مع احترام ومراعاة المدد الدستورية والقانونية.
وأولها؛ حل المجلس بعد إقرار مشروعي قانوني الموازنة العامة للدولة والوحدات الحكومية لسنة 2020، خلال الفترة المقبلة، وربما يشمل إقرار قانون الإدارة المحلية، والذي لم يعد اقراره بأهمية بقاء المجلس من عدمه، وإعلان موعد الانتخابات قبيل رمضان المقبل، لكن ذلك يعتمد على استخدام الدولة عنصر المفاجأة، وهو سيناريو ضعيف نسبيا.
اما السيناريو الثاني، فهو أحد السيناريوهات القوية، ويكمن في إنهاء "النواب" لدورته العادية الأخيرة في التاسع من أيار (مايو) المقبل، وبالتالي حل المجلس في اليوم الذي يليه، ليعلن موعد الانتخابات في الأشهر الأربعة التي تلي هذا الحل، بحيث يتوقع ذلك وفقا لمراقبين برلمانيين أن يكون في الثامن من أيلول (سبتمبر) المقبل.
ويتوقع في السيناريو الثالث؛ والذي يعد ثاني اقوى سيناريو، أن تحل الدورة "العادية الرابعة" في موعدها، إذ سيدعى للانتخابات النيابية في أيلول (سبتمبر) المقبل، دون التطرق الى حل المجلس، بحيث يسلم المجلس في دورته هذه، للمجلس التالي والذي يحمل الرقم 19 دون حل، وهذا السيناريو الأكثر دستورية، وفقا للنائب إبراهيم البدور.
وينص الدستور على "ان عمر مجلس النواب 4 سنوات شمسية"، بدأت بتاريخ 27 أيلول (سبتمبر) 2016 من تاريخ نشر الأسماء في الجريدة الرسمية، والتي تنتهي دستوريا في الـ27 من أيلول (سبتمبر) 2020.
اما السيناريو الرابع، ويرتبط بعوامل سياسية خارجية - وربما داخلية، فهو التمديد لمجلس النواب لعام أو عامين، ويعد هذا السيناريو ضعيفا نسبيا.
ما يجري في الغرف المغلقة، وفقا لبرلماني مخضرم، عاصر مجالس نيابية، قال لـ"الغد"، هو الترويج للسيناريو الرابع والأخير، والمتمثل بالتمديد للمجلس الحالي.
وأشار البرلماني نفسه، الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى حديث أجرته مستويات عليا (دون أن يحددها)، قالت فيه إن هناك توقعات ورغبة بالتمديد للمجلس الحالي، خصوصا في حال تم اختيار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة، المزمع إجراؤها في شهر آذار (مارس) المقبل، وتوقعات بإعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يمكن ان يكون له انعكاسات مستقبلية على الأردن، وربما يكون خيار الكونفدرالية مطروحا مستقبلا.
مصادر سياسية استبعدت هذه الخيار، قائلة ان حل البرلمانات عادة يجري خلال الأزمات السياسية، وهو تجذير للديمقراطية، مثلما حدث في المملكة المتحدة وأزمة خروجها من الاتحاد الأوروبي، وأيضا في إسرائيل؛ وعدم نجاح تشكيل حكومتها للمرة الثالثة.
ويبدو أن المشهد ضبابي في الحديث عن إجراء تعديلات دستورية، لجهة إبقاء الحكومة بعد حل مجلس النوب، فيما يبدو ان سيناريو بقاء المجلس وإكماله مدته الدستورية، يمكن ان يحقق الهدف لبقاء الحكومة، ولا يتعارض مع نص المادة 74 من الدستور، والتي تشترط على الحكومة التي تحل "النواب" الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ الحل.
النائب إبراهيم البدور قال إن السيناريوهات المشار اليها ممكنة جميعها، مرجحا السيناريوهين الثاني والثالث، إذ يسمحا للمجلس بإكمال مدته الدستورية.
وأشار إلى أن فكرة التعديل الدستوري كانت مطروحة بقوة، غير أن الظروف يمكن الا تدفع باتجاه حل المجلس قبيل انتهاء مدته الدستورية، لافتا إلى توجه الدولة لترسيخ الأعراف الدستورية واستقرارها.
ويتوافق ذلك مع ما أشار إليه مصدر نيابي واسع الاطلاع، عبر عن صعوبة اجراء تعديل دستوري بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ليمد في عمر الحكومة بغض النظر عن حل المجلس من عدمه، جراء صعوبة التوافق على هكذا تعديل نيابيا.
وأشار إلى أن بقاء الحكومة ممكن دون حل المجلس، واستمراريته لا تعني حله أو عدم التقيد بالمدد الدستورية.
وأوضح المصدر أن الدرس المستفاد من اضراب نقابة المعلمين، افرز وجود شخصيات معارضة صلبة، يمكنها الوصول للبرلمان دون أن يكون لها أي توجه أيديولوجي أو حزبي، ما يتيح المجال للدولة بإعادة حساباتها عن إفرازات المجلس المقبل.
الوزير السابق للشؤون القانونية سالم الخزاعلة، شدد على أهمية الالتزام بالمدد الدستورية، معتبرا أن أية اجتهادات أو آمال او أحلام للنواب، اثبتت التجربة انهم يمارسون مهام شخصية، تعبر عن تطلعاتهم، فيما لا يوجد أي مسار استثنائي لتغيير المسار الزمني لمتطلبات الدستور، ويتطلب ذلك وجود حالة طارئة وملحة لا يمكن التعامل معها الا بهذه السيناريوهات.
وأشار الخزاعلة الى انه لا توجد قاعدة معرفية واضحة، تعبر عن الحالة السياسية او المشاكل الاستثنائية، وكلها تكهنات واجتهادات وتوقعات في الأوساط السياسية الضحلة التي لا تملك اي رؤية سياسية شريكة في صنع القرار بالبلاد، وبالتالي هي محيدة عن تفهم او التعرف على الحالة السياسية المرتبطة بالمتغيرات على الصعيدين السياسي والدولي المرتبطين بالأردن.
وقال ان ترسيخ الاستقرار والممارسة الدستورية واحترام المدد في النظام الدستوري، تأتي في ظل عدم وجود ظروف طارئة او استثنائية لتمديد البرلمان.
وأضاف أن الأصل الا يستجاب للنوايا الباطنية للنواب والمصالح الشخصية، لتوليد حالة حزبية راسخة ذات ابعاد، تعبر عن حالة سياسية ناضجة.
ولفت الخزاعلة إلى أن الدولة والنظام السياسي، ليسا رهينة لاحلام وطموحات سياسية ضحلة، لا تملك أي رؤى سياسية شريكة في صنع القرار، وبالتالي هي بعيدة عن تفهم او التعرف على الحالة السياسية المرتبطة بالمتغيرات السياسية والدولية.
وبين أن هذه القوى السياسية المتسيّدة للمشهد السياسي في البلاد، لا تستطيع فرض حلول تعبر عن طموحاتها الشخصية، خصوصا ان كانت اجتهاداتها غير علمية.
الوزير الأسبق تيسير الصمادي، قال إنه يتفق مع بقاء المجلس، ليتم مدته الدستورية.
وأشار الى انه لا مبرر للتمديد للمجلس، معبرا عن اعتقاده بان الدول المتجذرة في الديمقراطية تحل مجالس النواب في الازمات، لبدء دورة جديدة كما حصل في المملكة المتحدة التي تواجه تحدي خروجها من الاتحاد الأوروبي، وإسرائيل التي لم تنجح لأكثر من مرة بتشكيل الحكومة.