الهامش والتفصيل في مكافحة الإنفلونزا الموسمية

ربما تكون حالة الهلع التي تصيب المواطنين في المملكة بشكل عام وفي محافظة الكرك بشكل خاص مبررة نتيجة انتشار مرض انفلونزا الخنازير والتي تعدلت تسميتها بعد أن أصبحت مستوطنة لتصبح "الانفلونزا الموسمية"، يساعد في ذلك غياب المعلومات الدقيقة عن عدد الإصابات وعدد الوفيات وغياب حملات التوعية خاصة في الأماكن العامة والتجمعات كالمدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز التجارية. اضافة اعلان
أسهل شيء هو اتهام الحكومة ممثلة بوزارة الصحة بالتراخي في التعامل مع ارتفاع الحالات لكن هذا ليس مجدياً ولا يساهم في محاصرة المرض الذي استقر وأصبح واقعاً سيمر به المجتمع سنوياً بفعل الظروف الجوية وتأخر سقوط الامطار وانعدام التوعية والرعاية. المهم اليوم هو اتخاذ إجراءات عاجلة للتعامل مع المرض، جزء من هذه الإجراءات يقع ضمن نطاق مسؤولية وزارة الصحة بتوفير الأدوية والمطاعيم والرعاية في المستشفيات والمراكز الصحية بشكل دائم والبدء بحملة التطعيم السنوية في موعدها وبشكل الزامي في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية وإلزام القطاع الخاص بذلك وبنفس الوقت أن يتفهم الناس دورهم بالرعاية الذاتية بتجنب الاختلاط مع المرضى والابتعاد عن العديد من السلوكيات في المناسبات الاجتماعية ومراعاة خصوصية المناعة لدى الأطفال وكبار السن ومنع الطلاب والموظفين من الدوام حتى الشفاء التام تجنباً لانتشار العدوى.
هناك شعور لا يمكن تجاهله وهو أن البعض يريد أن يضخم هذه الظاهرة السنوية ويستثمر فيها خاصة في مجال الترويج للأدوية والمطاعيم ولعل حالة التهافت على شراء الادوية خلال الأسابيع الماضية أدت لنفاد كل المتوفر منها في محافظات عديدة وخصوصا الكرك التي نفدت منها الادوية التي تستخدم في علاج الانفلونزا بما فيها بعض الأعشاب التي نصحت الوزارة باستخدامها مثل اليانسون والبابونج باعتبارهما من وسائل الوقاية والمعالجة الطبيعية.
خلال الأيام الماضية طغى على مواقع التواصل الاجتماعي انتقاد حاد لوزارة الصحة وتأخر الوزير في زيارة المستشفيات التي يتواجد فيها مصابون بالمرض على حساب التركيز على وسائل العلاج وطرق التوعية التي لا تقل أهمية عن العلاج لأنها تساهم في الحد من انتشاره، وهو أساسي في مثل هذه الظروف صحيح أن من حق الناس أن تشعر باهتمام المسؤول من خلال وجوده الميداني وهذا من أعلى درجات المسؤولية لكن يجب ألا يكون هذا هو العنوان والمقياس في تقييم الأداء الرسمي وحتى لا تتحول المشكلة من مخاطر انتشار الانفلونزا كوباء سريع الانتشار والخطورة الى مشكلة زيارة هذا المسؤول من عدمها.
التعامل مع الأمراض والأوبئة مسؤولية الجهات الحكومية المعنية بالدرجة الأولى وهي بارومتر لنجاحها، ولكن الوعي المجتمعي والرعاية الأسرية لا تقل أهمية فالسبب الرئيسي لانتشار الأمراض الموسمية هو في التساهل وعدم الالتزام بالإرشادات الصحية وعدم تجنب السلوكيات الاجتماعية غير الصحية التي تفرضها العادات والتقاليد والمشاركة في المناسبات.
الهامش في جائحة الانفلونزا هي زيارة المسؤولين على أهمية ذلك باعتباره دليل إحساس بالمسؤولية والمتابعة، لكن التفصيل هنا مسؤولية الجميع مواطنين ومسؤولين ومؤسسات بالتركيز على السلوك الصحي السليم وتوفير بيئة لا تساعد على انتشار الامراض المعدية وخاصة الانفلونزا.