"الهروب من الرقة".. الأبوة تحت وطأة الإرهاب

99
99

إسراء الردايدة

عمان- من وحي قصة حقيقية في العام 2015 لامرأة تذهب بطفلها طواعية للرقة حرصا على مساعدة أهلها، والمصابين هناك، والتخفيف من معاناة ما يمرون به تحت حكم وسيطرة تنظيم داعش، بنى المخرج الفرنسي ايمانيويل هامون فيلمه "الهروب من الرقة"، وفي الوقت نفسه يتطرق لواقع ما يمر به من يريدون العودة لبلادهم بعد خوضهم هذه التجربة، وهربهم منها وكيف تتعامل معها.اضافة اعلان
الفيلم الذي افتتح الدورة الـ25 لمهرجان الفيلم الفرنسي العربي، أول من أمس، برعاية سمو الأميرة ريم علي بحضور السفير الفرنسي دافيد بيرتولوتي في الهيئة الملكية للأفلام، صورت معظم مشاهده في الأردن.
ويتتبع الفيلم رحلة فوستين التي اعتنقت الإسلام مؤخرا، ورغبتها في الذهاب لسورية من أجل مساعدة النساء والأطفال بحكم خبرتها كعاملة اجتماعية، ولكنها تخفي نتيها عن زوجها الفرنسي، وتلك هي القصة الحقيقية التي تكمن في عودة من ذهبوا للقتال مع داعش لبلادهم، التي يركز عليها السيناريو للفيلم الذي كتبه بنجامين دبوا، وسط صراع لكل الأطراف لإنقاذ الطفل الذي أخذته معها من هذا الجحيم.
الفيلم الذي يميل لعناصر التشويق في طرحه يقدم خمس شخصيات تتقاطع مصائرها هي؛ فوستينا التي غادرت للرقة وزوجها سوليفان الممرض في قسم الجراحة للطبيب الشهير باتريس، وابنه الذي يعمل في المديرية العامة للأمن الخارجي ومقرها في إسطنبول، والأخير هو عدنان من سورية الذي يساعدهم لاحقا.
هذه الشخصيات التي تم التعامل معها بواقعية في تقديم لفهم قرار فوستينا ودوافعها ونواياها في الذهاب لسورية، بغض النظر عن سذاجتها التي أوقعتها في مأزق، مقابل إظهار التعقيدات من وجهة نظر السلطات الفرنسية لموضوع سورية وحساسيته ببعديه السياسي والأمني، ما يوفر مساحة أساسية للمشاهد للتفكير، ولا يقدم أي انحياز لأي من الطرفين.
الفيلم الروائي يعد الأول لمخرجه هامون الضليع في الوثائقيات المتقنة وفر لشخصياته مساحة واسعة، استعان بمشاهد حقيقية للاقتتال والمعارك الداخلية التي وقعت في الرقة لداعش، وأيضا للعنف مقابل تقارير إخبارية أضافت لمسة وثائقية واقعية؛ حيث إن القصة تجربة في إطار زمني هو شهر، وإن بدا السيناريو باهتا قليلا في توفير المستوى المطلوب من الترابط.
والتمثيل لطاقم العمل يعد قويا، خاصة أنه استعان بشخصيات تتقن اللهجة السورية في الرقة لتكون واقعية أكثر، ويعطي الفيلم شعورا حقيقيا من الأصالة خاصة وأنهم ممثلون غير محترفين، موثقا بخلفيات ذكية كتعليق على بيئة الصراع بين الخدمات السرية والمواقع الجغرافية للصور.
الهروب من الرقة
رحلة تقدم نظرة قاتمة للحياة بشكل لا يصدق من وراء حدود تنظيم الدولة الإرهابية داعش، التي تعدم الخائنين لها ببرود وتجبر النساء على حياة العبودية والخضوع للجهاديين فيها، وفي الوقت ذاته يبرز الهم الأكبر وهو إنقاذ الطفل "نوح" على الرغم من القطع المستمر بين الشخصيات، التي لا يتم استشكافها بعمق كبير الى حد ما باستثناء شخصية غابرييل وعدنان، وهما شابان من خلفيات مختلفة، لكن يجمعهما وضع مماثل ودينامية مثيرة، في بيئة صراع عنيفة.
فالفيلم، من خلال مخرجه، يرفض الحكم على موقف الأم فاوستينا، وأمومتها على الرغم من ذهابها طواعية للجحيم، تاركا للجميع حرية إبداء الرأي وفقا لقناعاته.
وخلال حفل الافتتاح، عبرت سمو الأميرة ريم علي، عضو مجلس مفوضي الهيئة الملكية للأفلام، عن اعتزازها بافتتاح المهرجان بفيلم صور في الأردن، بالإضافة إلى اعتزازها باختيار فيلم وثائقي بدعم من الهيئة الملكية للأفلام من بين الأفلام التي ستعرض في المهرجان. كما بينت أن المسابقة قد اجتذبت رقماً غير مسبوق من الأفلام التي أنتجها شباب أردنيون. وأشارت سمو الأميرة إلى أن "كل هذا يعكس الديناميكية السمعية-البصرية الجديدة التي يعيشها الأردن".
وفي كلمته، عبر السفير الفرنسي في الأردن عن سعادته بالاحتفال بالعيد الخامس والعشرين للمهرجان، الذي يعكس الأواصر الثقافية المتينة والعريقة بين فرنسا والأردن.
وأضاف دافيد بيرتولوتي، قائلاً "تدعم فرنسا الإبداع السينمائي في الأردن، وهي تؤمن بمواهب الأردنيين. لأول مرة هذا العام، سنرسل صانع أفلام أردنيا شابا إلى معهد السينما العريق في باريس. فمن خلال مثل هذه المبادرات، ومن خلال توفير التدريب محلياً، نقوم مع شركائنا بدعم الجيل الجديد من صانعي الأفلام الأردنيين".