الوباء أضاف فقط إلى متاعب النساء..!

تندّر البعض بما قيل عن استهداف «كوفيد- 19» الرجال أكثر من النساء، من حيث احتمال الإصابة أو شدتها أو الوفاة. لكن الإصابة المباشرة بالعدوى ليست سوى واحد فقط من الشرور التي جلبها الوباء على النساء في العام الماضي القاسي. وينبغي أن تسلط مناسبة «يوم المرأة العالمي» في 8 آذار (مارس)، ضوءًا مستحقاً على المشكلات الجديدة التي أضافها الوباء إلى معاناة النساء بالتحديد، والبحث عن حلول عملية تعالج خصوصيات تجربتهن معه. حتى قبل الوباء، لم تُحل بعد معاناة النساء– تاريخياً- من العنف ضدهن، والزواج القسري وزواج القاصرات، واللامساواة في الأجور والوظائف، والاستقواء عليهن والتحرُّش بهنّ، ومصادرة إرادتهن والوصاية الذكورية عليهن، بل وحتى تعرضهن لـ»السبي» والاستعباد الجنسي المعلن بالإضافة إلى الاتجار المتخفي بهن. ولم تنجُ النساء من مظاهر التمييز ضدهن في أي مكان في العالم. وجاء الوباء ليضيف فقط إلى أسباب معاناتهن ويستهدفهن بشكل خاص. بالإضافة إلى التهديد المباشر للحياة من الوباء، وضعت الإغلاقات وإجراءات الحظر التي فرضها النساء العاملات أمام خيار صعب: إما العناية بأطفالهن الذين لا يذهبون إلى المدارس ورياض الأطفال ودور الحضانة المغلقة، أو فقدان وظائفهن حيث لا ينفع العمل عن بُعد. وخسرت الكثير من النساء وظائفهن التي تمسُّ الحاجة إلى مردودها نتيجة اضطرارهن إلى اختيار البقاء مع أطفالهن. وحتى في المجتمعات التي تتيح قوانينها إجازات للآباء للعناية بالأطفال، حكَم السياق الذكوري بأن تكون المرأة هي التي تضحي بوظيفتها لصالح احتفاظ الرجل بعمله. كما سُرحت الكثير من النساء من أعمالهن من دون تخيير، أو أُجبرنَ على إجازات قسرية بلا أجور أو بأجور مخفضة. كما تصاعد العنف ضد النساء في كل أنحاء العالم بمعدلات غير مسبوقة بسبب الإغلاقات والحظر، نتيجة لتواجدهن مع الذين يعنّفونهن في مكان واحد لأوقات طويلة. ووصفت الكثير من الأدبيات والإحصائيات الطفرات في حوادث العنف ضد النساء في العام الماضي. وكان فقدان الرجال أعمالهم أو تضررها أو تأثُّر دخولهم بسبب تداعيات الوباء، وبقاؤهم الطويل في المنازل، أسباباً للتوتر العصبي، الذي يجري التنفيس عنه –تقليدياً- باستهداف النساء بالإيذاء اللفظي والجسدي والاستقواء. وفي مستوى آخر من المعاناة، تضررت الصحة النفسية والجسدية للنساء الحوامل اللواتي لم يتمكن من الحصول على رعاية منتظمة بسبب الضغط على المستشفيات والعيادات من مصابي الفيروس، وندرة البدائل في الإغلاقات والحظر. وكانت حتى زيارة عيادة أو مستشفى -إذا أتيحت إمكانية زيارتهما- تنطوي على خطر مضاعف من التقاط العدوى والمغامرة بروح الأم والجنين معاً. وكانت النساء الحوامل من الفئات الأكثر اختطاراً – بل إنهن مستبعدات الآن من تلقي اللقاحات؛ الطريقة الوحيدة للحصانة وبعض الأمن. وفي «الجبهة» حيث الكوادر الطبية والتمريضية تشغل الخط الأول في معركة البشرية مع الفيروس وتعاني من أقوى هجماته، كانت النساء هن الأكثر حضوراً. وحسب الإحصائيات العالمية، فإن «نسبة العاملات إلى العاملين في مجال التمريض بحسب أقاليم منظمة الصحة العالمية، بلغت في نيسان (أبريل) الماضي 78 % من الإناث في إقليم شرق المتوسط مقابل 22 % من الذكور. وترتفع النسبة في إقليمي جنوب شرق آسيا وأوروبا، لتكون نسبة الممرضات 89 % مقابل 11 % من الذكور. وفي الأميركيتين، تصل نسبة الممرضات إلى 87 %، مقابل 13 % من الممرضين الذكور». وبإضافة العدد الكبير من الطبيبات والمساعدات وفنيات المختبر والعاملات في اللوجستيات والتقصي الوبائي، تتبين حقيقة أن القوام الأساسي للقوة التي تدافع عن البشرية من الوباء في المواقع الأمامية الخطِرة هن النساء. ولن ينسى العالم صور جيوش الممرضات اللواتي تقاطرن بالآلاف من مختلف أنحاء الصين إلى ووهان في بداية الوباء ليشتبكن مع عدو مجهول قاتل؛ أو ممرضاتنا اللواتي أمضين أسابيع في مستشفيات العزل مع الخطر، من دون عودة إلى بيوتهن للاستراحة ورؤية أبنائهن وعائلاتهن، خوفاً من نقل العدوى وبسبب ضغط الحالات. هذه عينة فقط من التداعيات التي جلبها الوباء– الذي كان جندرياً هو الآخر عندما يتعلق الأمر باستهداف النساء لمجرد كونهن إناثاً، سواء كان ذلك اقتصادياً أو فيزيائياً أو نفسياً. وستتطلب أي خطط للتعافي مراعاة الآثار الخاصة للوباء على حياة النساء، وتخصيص الموارد المادية والقانونية لتخفيف معاناتهن الإضافية، وتقدير أدوارهن الأساسية التي لا ينجح من دونها تعافٍ أو شيء.اضافة اعلان