الورشة الاقتصادية.. خطط عابرة للحكومات ورقابة على التنفيذ

الديوان الملكي العامر الذي احتضن الورشة الاقتصادية - (أرشيفية)
الديوان الملكي العامر الذي احتضن الورشة الاقتصادية - (أرشيفية)

رهام زيدان

عمان - أكد خبراء واقتصاديون أن الورشة الاقتصادية التي عقدت على مدار 6 أسابيع بين شهري شباط (فبراير) ونيسان (إبريل)، شكلت فرصة مهمة لتقييم القطاعات ذات الأثر في الاقتصاد الوطني ووضع حلول وخطط تنفيذية عابرة للحكومات ترافقها رقابة على التنفيذ.

اضافة اعلان

وقال جلالة الملك عبدالله الثاني أمس، خلال كلمة هنأ فيها أبناء الوطن وبناته بمناسبة عيد استقلال المملكة السادس والسبعين، "سنطلق خلال الأيام القادمة، رؤية اقتصادية متكاملة للسنوات المقبلة، لتكون وثيقة مرجعية شاملة. وستعمل الحكومة قبل نهاية الشهر المقبل على إنجاز برنامج لتطوير القطاع العام، هدفه الأساس، الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، ورفع كفاءة العاملين، والسير قدما في برنامج الحكومة الإلكترونية".

وأكد الخبراء إن التكليف الملكي كان واضحا للتوصل إلى إعداد استراتيجية للسنوات العشر المقبلة تؤهل الأردن للانطلاق نحو المستقبل وتتضمن أهدافا محددة وكذلك مبادرات لتحقيق هذه الأهداف.

الخبيرة في مجال الطاقة والمشاركة في اللجنة المخصصة للقطاع رانيا الهنداوي بينت أن المهم في هذه الاستراتيجية أن تكون عابرة للحكومات ويتم تضمينها في كتب التكليف السامي للحكومات المقبلة مع عدم التغيير فيها إلا إذا كان هذا التعديل يخدم تنفيذها.

وأوضحت الهنداوي أن هذا النوع من الورش واجتماع القطاعات المختلفة لم يسبق وأن جرى بالطريقة نفسها، إذ كان يتم سابقا على شكل قطاعات منفصلة، إلا أنه لأول مرة يتم الجمع والتشبيك بين مختلف القطاعات التي تتداخل في عملها أو في التأثير كل على الآخر.

كما أن الإستراتيجيات التي كانت تعد سابقا، كانت تتغير وتتعدل مع تغير الحكومات، ما يوقف التقدم فيها وعدم التوصل إلى أهدافها الاستراتيجية، أما ما سيخرج ويتم إعلانه قريبا عن هذه الورشة فسيتضمن أهدافا قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى كل مرتبط بجدول زمني لتنفيذه.

إلى ذلك، قال الاقتصادي والمشارك في لجان الورشة موسى الساكت "مع تراجع المؤشرات الاقتصادية خلال السنوات الماضية، أصبح من الضروري أن تكون هناك خريطة اقتصادية للدولة الأردنية؛ إذ كان ذلك من أسباب توجه جلالة الملك بعقد هذه الورشة التي اجتمعت لجانها الـ14 على مدار أسابيع عدة لتخرج بتوصياتها".

وبين أن السنوات الماضية شهدت ارتفاعا كبيرا في معدل البطالة لتتضاعف وتتجاوز 24 % خلال السنوات العشر الماضية، يضاف إلى ذلك مؤشرات عجز الموازنة والدين العام، مع توقعات باستمرار الزيادة للعام الحالي.

وقال الساكت "الأهم من ذلك كله هو التطبيق، إذ يحتاج إلى وقت ما بعد صدور التوصيات قد يصل إلى سنوات لتلمس أثرها على القطاعات الاقتصادية المختلفة والمواطنين".

ولذلك، بحسب الساكت، كان التفكير بأمرين؛ أولهما الإصلاحات الاقتصادية السريعة، وهو ما وجه له جلالة الملك الحكومة واللجان الاقتصادية المختلفة، والأمر الآخر هو التطبيق سواء للتوصيات أو الإصلاحات السريعة، وبالتالي يجب أن تكون هناك حكومة قادرة على التخطيط والتنفيذ على المدى القصير.

ومن جهته، قال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب خير أبو صعيليك "إن هذه الورشة جاءت انطلاقا من معرفة دقيقة من قبل جلالة الملك باقتصاد المملكة والمنطقة، مع ضرورة أن يكون القطاع الخاص هو اللاعب الرئيس في دفع هذا الاقتصاد خصوصا بعد الجائحة".

وبين أن الورشة جاءت بمشاركة كبيرة من القطاع الخاص، لافتا إلى أن التغيرات الاقتصادية بعد كورونا أوجدت أنماطا اقتصادية جديدة لا يمكن إدارتها بالأدوات السابقة نفسها.

كما بين أن مخرجات الورشة ترافقها ضمانات للتنفيذ من خلال تضمين هذه المخرجات بالرسالة الملكية في كتب التكليف السامي، إضافة إلى تشكيل وحدة في الديوان الملكي للرقابة على تطبيق الخطة في كل مرحلة من مراحلها.

من جهتها، قالت المشاركة في الورشة الاقتصادية ضمن لجنة قطاع النقل، رنا الإمام، إن خبراء الورشة قدموا وثيقة استراتيجية كخارطة طريق للاقتصاد الأردني للأجل القصير والمتوسط والطويل".

وأضاف الإمام: "وهي عابرة للحكومات وتمثل جميع قطاعات الاقتصاد الأردني و بعد الإعلان الرسمي عنها ستصبح بعهدة الحكومة وبالتالي من المفروض السير بتطبيقها، لأنها تحتوي على مؤشرات قياس ومحاور واضحة، ونقاط إصلاح سريعة بالإضافة للإجراءات طويلة الأمد واضحة المعالم".

وبينت أنه "يفترض من  المجالس الرقابية كالنواب والأعيان مراقبة عملية تطبيقها، كما أن للأعلام دورا مهما بالمراقبة والمتابعة".

وأوضحت أن من اهم ميزات الخطة انها واقعية وتم تطوريها ببعد فني تطبيقي على يد الخبراء والمختصين الاردنيين

وبدأت في السادس والعشرين من شباط (فبراير) الماضي ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي كانت تحت عنوان "الانتقال نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد"؛ إذ بدأت الاجتماعات بتقييم الوضع الراهن للقطاعات الاقتصادية الحيوية، بما في ذلك الإنجازات التي تحققت، وعوامل النجاحات السابقة، إضافة إلى التحديات السابقة ونقاط الضعف.

وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد وجه لعقد هذه الورشة لرسم خريطة طريق يتم ترجمتها إلى خطط عمل عابرة للحكومات، بما يضمن إطلاق الإمكانيات لتحقيق النمو الشامل، وما يرتبط به من استحداث فرص العمل وزيادة الإيرادات التي تنعكس بالتالي على مستوى معيشة المواطنين.

وتهدف الاجتماعات، التي تضم نحو 300 من الخبراء والمختصين الذين يمثلون القطاعات الرئيسة المكونة لجميع النشاطات الاقتصادية، إلى وضع رؤية مستقبلية واضحة للقطاعات الاقتصادية وخريطة طريق استراتيجية، محددة زمنيا ومتكاملة وقابلة للتنفيذ.

وغطت أعمال الورشة، التي ستبنى على جهود سابقة، 17 قطاعا حيويا: الزراعة والأمن الغذائي، الطاقة، المياه، التعدين، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الأسواق والخدمات المالية، الرعاية الصحية، التجارة، الصناعة، السياحة، التعليم وسوق العمل، النقل والخدمات اللوجستية، التنمية الحضرية والتغير المناخي، الصناعات الإبداعية، السياسة المالية، التشغيل، الاستثمار وبيئة الأعمال.

وتأتي ورشة العمل الاقتصادية الوطنية لمواجهة حالة من التباطؤ الاقتصادي وتراجع القدرة على التوظيف وتوفير فرص العمل التي جاءت انعكاسا لظروف إقليمية ودولية ضاغطة، منها آثار الأزمة المالية العالمية وجائحة كورونا التي أثرت في الاقتصاد العالمي.