الولاء للأردن ليس مشروطا

إذا كانت عروبة وقومية الأردن ليست مشروطة، ولا تخضع لأي نقاش، فإن الأولى والأصح والأصوب أن يكون الولاء والانتماء والإخلاص لتراب الأردن، ليس مشروطًا أيضًا، ولا يكون مقرونًا بتحقيق منافع هنا أو هناك، فذلك أمر بديهي لا يختلف عليه عاقلان. عُلمنا منذ نعومة أظافرنا بأن العطاء أسمى مراتب الكرم والشهامة والنخوة، كيف لا؟، وهو إحساس وشعور بضعف وحاجة الآخرين، وأعلى مراتب العطاء ذلك الذي لا ينتظر أي «مقابل»، أو يكون مشروطا أيا كان الشرط. إذا كان ذلك ينطبق على العطاء والكرم، اللذين يمتاز بهما جل الشعب الأردني، فإن الأولى والأهم أن يكون الانتماء للأردن، بلا مقابل، أو مشروطا بتحقيق منفعة شخصية أو لفئة معينة. ما شهده الأردن، خلال الفترة الماضية، يدق أكثر من ناقوس خطر، ويدل بطريقة أو أخرى، على وجود خلل ما في التنشئة للبعض، وهم قلة، أو للإنصاف أكثر هناك خطأ أو لبس، في موضوع الإخلاص لتراب الوطن، في حال كان مرتبطا بمنافع أو مصالح، أيا كانت تلك. عندما يُحاط الوطن بأخطار خارجية، سواء كانت جسيمة أو لم تكن كذلك، فإنه يتوجب طرح أي مشاكل أخرى بعيدًا، أو على الأقل تأجيلها، وإن كان بعضها، من قبيل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ضرورة حتمية في أي وقت وزمان، لا تحتمل التأجيل أو التأويل. على الدولة، وضع خريطة طريق لإعادة النظر فيما يتعلق بمفهوم الولاء والانتماء للوطن.. وإن قال قائل بأنه قد «مللنا» الخطط وخرائط الطرق، فإن الجواب عليه، بسيط يتمثل بالرجوع إلى الوراء، لأعوام قليلة فقط، عندما كان طلبة المدارس ينشدون في صباح كل يوم، أثناء فعاليات الطابور الصباحي، أغاني تدل على حب الوطن والانتماء إليه، والذود عنه بالروح والولد والمال، ناهيك عما كانت تحتويه المناهج من أمور تحث على حب الأوطان. مادة التربية الوطنية يجب أن تكون أساسية ورئيسة، سواء لطلبة المدارس أو الجامعات، وكذلك في المساجد ووسائل الإعلام المختلفة.. كما يتوجب على المعنيين أن يضمنوا هذه المادة كل ما هو مفيد للوطن وإعلاء شأنه، وتفضيله على أي مصلحة أخرى. أحد أهم أركان الانتماء للوطن، هو سيادة القانون واحترامه وتطبيقه على الجميع، وكل ما يشذ عن ذلك مرفوض قانونيًا وأخلاقيًا، ويصب في النهاية ضد مصلحة الوطن، التي يجب أن تكون فوق أي مصلحة أو منفعة أو فوائد آنية كانت أو بعيدة. يجب النقش في عقول وقلوب النشء الجديد، الذين يُعتبرون فرسان وقادة المستقبل، حب الوطن، ودولة القانون والمؤسسات، وتوحيد صف المجتمع، فعكس ذلك يُسهم بإضعاف الوطن وتشرذمه، وجعله لقمة سائغة لمن هب ودب، أو حاقد، أو حاسد، فضلًا عن أنه لا تنمية سياسية أو اقتصادية إذا لم يكن هناك أمن وأمان. ولكي أكون منصفًا، ولا أضع اللوم كله على المواطن، فإن الدولة، بمسؤوليها، مطلوب منها، وخصوصًا في الأوضاع الراهنة التي تعيشها المنطقة من أزمات وصراعات، السير قدما في الإصلاح... فإدارة المشهد بشكل عام يجب تغييره، فما كان مقبولًا قبل ما يُسمى بـ «الربيع العربي»، أصبح غير ذلك في هذه الأيام، وتلك المقبلة. إن ذلك يتطلب مراجعة مختلف التشريعات الناظمة للحياة السياسية، وخاصة قانوني الانتخاب والأحزاب، تُنصف جميع مكونات المجتمع الأردني، وتجاوز التحديات الاقتصادية، وتبني سياسة استثمارية مُجدية، وتوفير فرص عمل تُقلل من معدلات البطالة، ومحاربة الفساد الإداري والمالي وعرابيه، ومحاربة الواسطة والمحسوبية.اضافة اعلان