اليافعون: معاناة من العنف.. والانتحار خامس أكثر أسباب الوفيات شيوعا

Untitled-1
Untitled-1

نادين النمري

عمان – أظهر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن "الانتحار يعد خامس أكثر الأسباب شيوعا لوفيات اليافعين في الفئة 10 الى 19 عاما حول العالم"، في حين أكد التقرير أن العنف الجسدي واللفظي كان أبرز المشاكل التي يواجهها اليافعون في الأردن، فيما لا يتجاوز إنفاق الدول الأكثر فقرا اقل من دولار واحد على الصحة النفسية.

اضافة اعلان


أما في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقا فوصلت معدلات انتشار الاضطرابات التي يتم تشخيصها الى اعلى مستوى لها، في حين حل الانتحار في المرتبة الخامسة بين اكثر الاسباب شيوعا للوفيات بعد حوادث السير، العنف الجماعي واختراق القانون، والعنف بين الافراد، وامراض واعتلالات القلب للفئة العمرية من 15 - 19 عاما.


وقال التقرير الذي حمل عنوان "تأثير كوفيد- 19 على صحة الأطفال واليافعين النفسية ما هو إلا غيض من فيض"، والذي صدر مؤخرا، إنه "ووفقاً لأحدث التقديرات المتوفرة، يُقدّر أن أكثر من 1 من كل 7 يافعين من الفئة العمرية 10–19 سنة في العالم مصابون باضطراب نفسي تم تشخيصه. وفي الوقت نفسه، ثمة فجوات واسعة ومستمرة بين الاحتياجات والتمويل في مجال الصحة النفسية".


ولفت إلى نتائج دراسة أجرتها اليونيسف مع معهد غلوب الدولي وتنشر قريبا، بينت ان نحو 19 % من اليافعين والشباب في الفئة العمرية 15 الى 24، من 21 بلدا، عانوا خلال النصف الاول من العام 2021 من الاكتئاب او لديهم اهتمام قليل بالقيام بالانشطة.


كما لفت إلى ان نسبة الاطباء النفسيين المتخصصين بمعالجة اليافعين والاطفال حول العالم لا يتجاوز 0.1 لكل 100 الف، في حين ترفع هذه النسبة الى 5.5 لكل 100 الف في البدان مرتفعة الدخل.


ودعا الحكومات والشركاء من القطاع الخاص والتطوعي إلى الالتزام بتعزيز الصحة النفسية لجميع الأطفال واليافعين ومقدمي الرعاية، وأن يتواصلوا ويتصرفوا بشأنها، وإلى حماية المحتاجين للمساعدة، ورعاية الأكثر هشاشة بينهم، بما في ذلك الاستثمار العاجل في الصحة النفسية للأطفال واليافعين في جميع القطاعات، وليس فقط في قطاع الصحة، لدعم النهج القائم على المجتمع بأكمله في مجالات الوقاية والتعزيز والرعاية.


وأوصى بإدماج وتوسيع التدخلات القائمة على الأدلة على امتداد قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بما في ذلك برامج تنشئة الأطفال التي تشجّع الرعاية الحانية والمستجيبة، ودعم الصحة النفسية للوالدين ومقدمي الرعاية؛ وضمان أن المدارس تدعم الصحة النفسية من خلال الخدمات الجيدة والعلاقات الإيجابية.

وشدد على ضرورة كسر الصمت المحيط بالاضطرابات النفسية، من خلال التصدي للوصم وتعزيز فهم أفضل للصحة النفسية والتعامل بجدية مع تجارب الأطفال واليافعين.


ولفت إلى التحديات التي واجهت الاطفال واليافعين خلال جائحة كوفيد- 19، حيث منع الاطفال من الدخول الى الغرف الصفية وتم عزلهم في المنازل، اضافة الى الدفع بملايين الاسر الى براثن الفقر، فأضحت الاسر غير قادرة على تغطية نفقاتها، وتزايدت عمالة الاطفال والإساءة والعنف ضدهم.


وبين أنه حتى قبل الجائحة فإن الكرب النفسي- الاجتماعي، وسوء الصحة العقلية، يصيبان عددا كبيرا من الاطفال، بمن فيهم الملايين ممن يجبرون على ترك ديارهم، ما يخلف فيهم ندوب الصراعات والشدائد الخطيرة، ويحرمون من الحصول على التعليم والحماية والدعم.


ودعا إلى كسر حاجز الصمت حول الصحة العقلية وتحدي الوصم، ورفع مستوى الوعي بالصحة العقلية، والاستماع لاصوات اليافعين، خصوصا الذين سبق ان عانوا من اعتلالات في الصحة العقلية.


وتضمن التقرير مقابلات مع أطفال ويافعين من عدد من دول العالم بما فيها الاردن، عبر ترتيب مجموعات نقاشية، وبرز العنف الجسدي واللفظي واحدا من أبرز المشاكل التي يواجهها اليافعون في الأردن، كما تحدثوا عن مشكلة التحكم والسيطرة التي تفرضها الأسرة، وهي مشكلة كانت أكبر لدى الفتيات اللواتي اشتكين من سيطرة إخوتهم الذكور.


كما تحدثت الفتيات في كل من الاردن ومصر عن مشكلة العنف الجنسي، وكيف أن تعرضهن لهذا النوع من العنف جعلهن عرضة للرفض من قبل أسرهن، فيما تحدثت الفتيات عن تمييز الابناء الذكور عليهن، فضلا عن التقييد الذي تواجهه الفتيات في حرية التنقل، والأحكام التي تطلق على الإناث.


وفي الاردن تحدثت فتيات كيف يجدن في وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتعبير عن مشاعرهن ومشاركتها، من دون اظهار الهوية، حيث تعتبر الفتيات هذه الوسيلة "استراتيجية جيدة للتكيف مع الضغوطات النفسية".


وكانت ممثلة اليونيسف في الأردن تانيا شابويزات قالت في تصريحات سابقة إن جائحة كوفيد- 19 كشفت مدى خطورة أزمة الصحة النفسية على الأطفال والشباب الأكثر تهميشاً، مؤكدة ضرورة ادماج تدخلات الصحة النفسية والدعم النفسي في قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية لتلبية احتياجات الصحة النفسية المتنوعة والمركبة للأطفال واليافعين في الأردن.

وقالت إن الجائحة وهي توشك على دخول سنتها الثالثة، تستمر وطأتها الثقيلة على الصحة والعافية النفسيتين للأطفال واليافعين، فوفقاً لأحدث البيانات المتوفرة من اليونيسف، تأثّر ما لا يقل عن 1 من كل 7 أطفال في العالم تأثراً مباشراً بالإغلاقات العامة، فيما عانى أكثر من 1.6 بليون طفل من قدرٍ ما من خسارة التعليم، وأدى تعطيل الروتين اليومي والتعليم والترفيه، إلى جانب الانشغال بشأن دخل الأسرة وصحتها، إلى دفع العديد من اليافعين إلى الشعور بالخوف والغضب، وإلى الانشغال بشأن مستقبلهم.


وأضافت شابويزات: "ستواصل اليونيسف التعاون مع الحكومة الأردنية والشركاء لضمان خلق بيئة آمنة وملائمة في المدارس والبيوت وفي المجتمعات أيضًا، وإكساب الأطفال واليافعين والشباب مهارات تمكنهم من التغلب على المشاكل التي تواجههم وتؤثر في الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي".


وتنفذ اليونيسف في الاردن برنامج النهوض باليافعين والشباب ضمن المبادرة الإقليمية "لا لضياع جيل"، وهي مبادرة لمنع فقدان جيل كامل بسبب آثار الحرب والعنف والنزوح.


وقدم البرنامج أنشطة جماعية منظمة لليافعين من اللاجئين السوريين والمجتمعات الأردنية المضيفة الذين تتراوح أعمارهم بين 10 - 18 عامًا.

واستندت الأنشطة الجماعية إلى نهج الرعاية النفسية الاجتماعية الذي شدد على التفاعل الاجتماعي وشجع على المشاركة، فيما أدار الأنشطة ميسرون بالغون مدَربون، وشملت دروساً في اللياقة البدنية والفنون والتدريب على المهارات التي ساهمت في تعزيز الرفاه النفسي والاجتماعي للمراهقين وساعدتهم في تعلم مهارات جديدة، خاصة المهارات التي تشتد الحاجة إليها حاليا، مثل التعامل مع العزلة والتوتر، وتقوية العلاقات الأسرية، وحل المشكلات، والتفكير النقدي من ضمن أمور أخرى.


وكجزء من جهود منظمة الصحة العالمية في الأردن للارتقاء بخدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، تم التعاون مع المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية لتعزيز قدرة هذه المرافق على الاستجابة لاحتياجات المستفيدين المتضررين من اضطرابات النمو والإعاقات الذهنية، وكذلك الأطفال واليافعين بشكل عام.


كما نفذت منظمة الصحة العالمية في الأردن عدة برامج بالتعاون مع وزارة الصحة لتعزيز نظام الصحة النفسية وتحسين وصول الأردنيين واللاجئين الأكثر هشاشة لهذا النظام والاستفادة من خدماته.

كما تهدف هذه الجهود إلى تعزيز الصحة النفسية على مستوى الرعاية الصحية الأولية والثانوية لدعم مستشفى الصحة النفسية المستقل بذاته، وإلى دعم وعي المجتمع بالصحة النفسية، وكذلك دعم حوكمة نظام الصحة النفسية في الأردن.