انتقادات وتعليقات سلبية تطال الأطفال بتجمعات عائلية.. وخبراء يحذرون!

انتقادات وتعليقات سلبية تطال الأطفال بتجمعات عائلية.. وخبراء يحذرون!
انتقادات وتعليقات سلبية تطال الأطفال بتجمعات عائلية.. وخبراء يحذرون!
رشا كناكرية - "كثير نصحان وقف أكل.. ليش هالقد نحيف.. شعرها منكوش.. كثير حركة.. أسمر لمين طالع"، وغيرها الكثير من التعليقات السلبية والانتقادات التي تطال الأطفال من قبل أشخاص ضمن تجمعات عائلية ولقاءات الأصدقاء. ربما يعتقد البعض، أن هذه التعليقات مقبولة بحكم درجة القرابة وأنها تأتي من باب النصح، لتقف العائلات عاجزة أمام هكذا تصرفات وعن كيفية التعامل وردة الفعل اللازمة على انتقادات تطال ابناءهم. وبين التغاضي والتجاهل والغضب والانزعاج؛ يقف الآباء في حيرة ما الفعل الذي عليهم الاقدام عليه؟ ووفق خبراء، فإن تعزيز ثقة الطفل في نفسه ورفع تقدير الذات بالإضافة إلى وضع ضوابط اجتماعية مع المحيط الخارجي هي الخطوة الأولى لحماية الأبناء من أي انتقاد إلى جانب ردات فعل سريعة وإيجابية لحماية الطفل من أي تعليق أو انتقاد قد يؤذي نفسيته. وهذا ما حصل مع أبو عون (36 عاما) الذي اختبر مع عائلته الممتدة بعض المواقف حيث يتلقى طفله عون البالغ من العمر 8 أعوام باستمرار تعليقات سلبية نظرا لوزنه الزائد، مبينا أنه حذرهم أكثر من مرة لكن من دون فائدة، ويقول معبرا "شعور مؤلم أنك تشوف نظرات الحزن بعيون ابنك من أقرب الناس". ويشير أبو عون أنه تحدث مع ابنه محاولا أن يزيد من ثقته بنفسه ويحول هذا الانتقاد لناحية إيجابية ليحافظ على وزنه وصحته وثانيا توجه لاقاربه واصدقائه وأبدا لهم انزعاجه وتأثير كلماتهم القاسية عليه طالبا منهم أن يفكروا قبل أي تعليق وأن لا يؤذوا طفله أو أي طفل أخرى بهذه التعليقات المؤذية التي لها تأثير كبير على نفسيتهم. بينما تمارا (33 عاما) قررت عدم الذهاب لهذه التجمعات بعد سماعها بعض التعليقات السلبية على شكل طفلتها سارة (9 أعوام) وبأنها غير جميلة ولا تشبه أحدا من العائلة فقد شعرت بضيق وغضب كبير. كان قرارها هو الامتناع عن التواجد فيها حماية لنفسية طفلتها ولتحافظ على علاقاتها مع أقاربها فهي تجهل التصرف الصحيح الذي يجب أن تفعله لوقف هذه التعليقات ولكنها تدرك تماما أن عليها أن تحمي طفلتها وبرأيها هذا هو القرار الصحيح الآن فهي تحتاج الوقت لتعزز ثقة طفلتها بنفسها لتثق بشكلها وتصنع حاجزا أمام هكذا تعليقات. من الجانب التربوي يبين الدكتور عايش نوايسة أن الأساس في عملية تربية الطفل هو تعزيز ثقته في نفسه بجميع الأمور التي تتعلق في حياته اليومية سواء كان في طريقة أكله ولباسه أو شكله و"أن نعلمه المهارات الحياتية والتي ترتبط بشكل كبير بثقته في نفسه وكيف ينظر لذاته". ووفق نوايسة من المهم أن يكون هنالك ضوابط للعلاقات الاجتماعية سواء داخل الأسرة أو مع الآخرين وعدم السماح للتدخل والانتقاد، فالأصل في الأسرة أن يكون لديها ضوابط ولا ضرر من أن تعلنها للآخرين بمعنى "أنا أحب أن يقال لأطفالي كذا ولا أحب أن يقال كذا وكذا". وينوه نوايسة "للأسف نحن مجتمع ننجذب للألقاب وبعضها لها آثار سلبية قد تمتد لسنوات طويلة وبالذات أنها ترتبط بالسلوك". ويشير نوايسة لـ "الغد" أن على الأهل توعية الأطفال من المحيط الخارجي يكون من خلال التربية والسلوك ووضع قواعد وثوابت لكي لا يتأثرون سواء كانت تعليقات عن اللباس أو الشكل والشعر وأن يتجاهلها ولا يتعامل معها، فالتجاهل هو الأهم تحديدا المبني على الثقة بالنفس وليس الخوف. وبحسب نوايسة يبقى الأهم تعزيز ثقة الطفل بنفسه وبما يتناسب مع مرحلته العمرية والنمائية. ومن الجانب الاجتماعي يبين الدكتور محمد جريبيع أن التداخلات في الأسر تكون كبيرة، ففي بعض الأحيان الأقارب وبعض الأصدقاء يعطون لأنفسهم الحق في التدخل ولعب دور الواعظ والمرشد والفهم بكل شيء وبالتالي توجيه الانتقادات. ويوضح جريبيع "تغيب عنا ظاهرة الانتقاد الصحي وغالبا الانتقاد يكون سلبيا وهذا نابع من الغيرة وخاصة بين الأقارب ويتم التعبير عنها بالانتقاد السلبي وقد يطال الأبناء والهدف الأساسي هو التقليل من قيمة الآخر"، منوها أنها بالعادة عندما يكون هنالك انتقاد يوجه للأطفال يكون الهدف الأساسي منه أسرهم إذ يكون موجها للوالدين ويتم بطريقة غير مباشرة عبر الأبناء. ويشير جريبيع إلى أنها ظاهرة سلبية ولذلك نرى أن بعض علاقات الأقارب أصبحت متوترة أكثر وحل مكانها الصداقات، مبينا أن هذه الانتقادات تعكس العلاقات الاجتماعية المتوترة والقائمة أحيانا على الغيرة والحسد ففي السنوات الأخيرة أصبحت علاقة الفرد مع الأقارب كنوع من تأدية الواجب. إلى ذلك، يرى جريبيع أن التعامل مع الانتقادات التي توجه للأطفال بحضور الأهل تكون بطريقتين، الأولى، تقبلها التغاضي عنها وهذا خطأ، والأخرى أن تكون ردة الفعل غاضبة، وهكذا تتوتر العلاقة وتتأزم وأن هاذين السلوكين غير صحيحين، بل يجب أن يكون أسلوبا بتبيان وتوضيح الانزعاج مع المحافظة على العلاقة مع الطرف الآخر. والأهم هو رفع مستوى تقدير الذات عند الابناء وأن تحول هذه الانتقادات لنقاط تحد وإنجاز، وبالتأكيد يتم ذلك إذا كان الأهل يحاورون أطفالهم بشكل مستمر وهنالك لغة حوار وتواصل إيجابي بينهم. والنقطة الأخرى تقع على الأهل، إذ أن هنالك الكثير من الانتقادات التي يجب التغاضي عنها، مبينا جريبييع أن العلاقات الاجتماعية تدوم بالتغاضي فلا يستطيع الفرد أن يقف عند كل انتقاد سلبي يوجه له ويأخذ موقفا ففي النهاية سوف يأتي يوم يجد نفسه لوحده، وهذه الطريقة الأمثل للتعامل مع الانتقادات والتأكيد على أن تكون بأسلوب إيجابي ومقبول. مستشار أول طب نفسي ودكتوراه سريرية طب نفسي أطفال وأحداث الدكتور أمجد جميعان يبين لـ الغد أن هذا الفعل هو نوع من أنواع التنمر والشخص الذي يتلفظ بهذا الكلام هو أنسان غير واع ولا مدرك للضرر الذي يلحقه بالطفل. ويوضح جميعان أنه عندما يأتي شخص ويوجه للطفل تعليقا سلبيا وهو يلعب وسط أطفال آخرين أو في تجمعات كبيرة، تتأثر نفسيته بشكل كبير فقد يؤدي ذلك إلى أن تضعف الروح المعنوية لديه كما تضعف ثقته في نفسه بالإضافة الى تغير نظرته لنفسه. ويشير جميعان أن دور الأهل هنا مهم جدا بردات فعل سريعة وأن يحاول الأب التحدث مع ابنه بأن لا يتأثر بكلام هذا الشخص وأنه حينما يسمع هكذا تعليقات يظهر لهم ثقته بنفسه ولا يختبئ أو يحني رأسه لانه كلما أختبأ كلما قدم مجالا للأشخاص بأن تعلق عليه أكثر. والمشكلة وفق ما يقول، تكمن في أن الشخص يعتقد نفسه كاملا فلا يقدر أو يحترم شعور الآخرين، مبينا أنه حتى الأهل يتأثرون نفسيا بهذه الانتقادات فعندما يكون لدى الابن لديه مشكلة ويتم انتقاده بالتأكيد سيشعر بالسوء. إلى ذلك، الانتقاد أمام الآخرين بأي صفة تسبب للطفل إساءة معنوية ونفسية، والأهم هو تقوية ثقة الطفل بنفسه مبينا أن الأسرة هي التي تعود الطفل على أن يكون واثقا من نفسه بالإضافة إلى البحث عن نقاط القوة فيه، بحيث إذ تكلم أحدهم عليه يكون لديه مناعة وهذه المناعة تبدأ من البيت والصحة النفسية الحقيقية التي تجعل الشخص يتحمل الضغوط ويعالجها. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان