انتهاء هيمنة الدولار

هل مايزال الدولار العملة الأصعب في العالم؟ هل يجب على البنوك المركزية في العالم أن تتخوف من الدولرة(تحول مواطنيها نحو الدولار كوسيلة ادخار)؟ كل هذه أصبحت أسئلة قديمة وبالية، فلقد صرّح جورج سوروس، الملياردير الأميركي، في اجتماع المنبر الاقتصادي العالمي الأخير في دافوس بأن أزمة الاقتصاد الأميركي ستترجم إلى انتهاء هيمنة الدولار التي استمرت على مدى السنوات الستين الماضية(بعد الحرب العالمية الثانية) كعملة الاحتياط الأولى في العالم. ودعم هذا التصريح أرقام صندوق النقد الدولي التي أشارت إلى تراجع حصة الدولار في احتياطي العملات عالمياً، بينما نمت حصة اليورو بالمقابل بشكل ملحوظ في2007.

اضافة اعلان

وفي المنطقة، صرّح ستيف بارو، استراتيجي العملات في شركة بير ستيرنس العالمية بأنه أصبح من الصعب جداً على البنوك المركزية في منطقة الخليج أن تسيطر على السياسة المالية والتضخم في حين أن نظام الاحتياطي الفدرالي(البنك المركزي الأميركي) يقوم بتخفيض سعر الخصم (الفائدة التي يقرض من خلالها للبنوك) بينما يستمر الدولار في التدهور. كما أشار إلى أن أسعار صرف عملات المنطقة قد ظُلمت نتيجة ارتباطها مع الدولار، فأصبحت قيمة الدرهم الإماراتي بـ10-15% والريال السعودي بـ25-30% أقل مما كان يجب أن تكون عليه بالنسبة للدولار، الأمر الذي أدى إلى معدلات تضخم(مستورد) وصل في المتوسط إلى 6.3% في عام 2007 بالمقارنة مع 0.3% في2001 حسب تقرير لشركة ميريل لينش العالمية.

وينصح ستيف بارو بأن المخرج الوحيد لدول الخليج، إذا لم يغير نظام الاحتياط الفدرالي مسيرته وفي حال تحسّن سعر الدولار(وهو أمر غير متوقع)، هو إما إعادة تقييم سعر العملات، أو فك الارتباط بالدولار الذي بدأ يفقد دوره كعملة صعبة(قليلة التقلب بالنسبة للعملات الأخرى)، أو النظر في تبني سلة عملات. كما نصح بنك ستاندارد شارتر المعروف بإعادة تقييم العملة الخليجية بالنسبة للدولار كما فعلت الكويت.

وبالنسبة للأردن، فإن ذات النصيحة تندرج عليه مع اعتقادي بأن الخيار الأمثل، وبعد العديد من التحاليل التي تطرقنا لها في أكثر من ثماني مقالات تتناول مختلف مناحي الاقتصاد، هو رفع سعر صرف الدينار لأن الاقتصاد الأردني شهد معدل نمو حقيقي7% في السنوات الأربع الماضية بينما تراجعت معدلات النمو في الاقتصاد الأميركي الذي تربطنا السياسة المالية الحالية به. فلقد أصبحت عملة الأردن مظلومة أيضا كباقي دول العالم التي ماتزال مربوطة بالدولار.

وسيستمر هذا الظلم الذي يترجم إلى معدلات تضخم مرتفعة، وتقهقر قدرة الدخل على مواجهة متطلبات الحياة، وتدني معدلات النمو الاقتصادي، لأن الأردن يواجه غلاء مستوردا أحد أهم أسبابه هو إضعاف قيمة الدينار بالنسبة للعملات العالمية من خلال ارتباطه بالأسعار القديمة مع الدولار. وسيظلم المواطن مع الاقتصاد فيواجه مثلث غلاء مكونا من ثلاثة أضلاع يدعم كل منها الآخر: ارتفاع سعر النفط، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وتراجع الدولار ومعه الدينار.