انتهاكات "الأقصى" تدفع الأردن للتصعيد: الحكومة تستدعي سفيرنا من تل أبيب

جانب من المواجهات التي شهدتها شوارع القدس بين أهالي المدينة وجنود الاحتلال الصهيوني أمس -(رويترز)
جانب من المواجهات التي شهدتها شوارع القدس بين أهالي المدينة وجنود الاحتلال الصهيوني أمس -(رويترز)

اضافة اعلان

تغريد الرشق

عمان-  في تصعيد أردني لافت، أوعز رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور أمس، إلى وزير الخارجية ناصر جودة، باستدعاء السفير الأردني في تل أبيب للتشاور، وذلك احتجاجا على التصعيد الإسرائيلي المتزايد، وغير المسبوق في الحرم القدسي الشريف، والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقدس.
كما أوعز رئيس الوزراء إلى وزير الخارجية، بتقديم شكوى فورية الى مجلس الأمن الدولي، إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف.
وباشرت البعثة الأردنية لدى الأمم المتحدة، وبإيعاز من وزير الخارجية، باتخاذ الاجراءات الدبلوماسية اللازمة لتقديم الشكوى الى مجلس الأمن الدولي، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا).
وفيما لقيت هذه القرارات الرسمية ترحيبا شعبيا كبيرا، وصفها مراقبون بالخطوة الذكية من الحكومة، والتي جاءت بالتوقيت المناسب، لتقطع الطريق على كل من يقول إن الأردن "يتكلم فقط ولا يفعل شيئا".
وأشاد عدد من المسؤولين الأردنيين السابقين بهذه الخطوة، ومنهم رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبوعودة، الذي يرى أن الأمور أصبحت جادة من وجهة نظر أردنية، وأنه من الواضح أن الأردن، يأخذ الأمور بجدية وان هاتين الخطوتين "سحب السفير والشكوى لمجلس الأمن"، يدللان على ذلك.
وكان المئات من الفلسطينيين تصدوا امس لقوات الاحتلال الاسرائيلي ومتطرفين يهود، اقتحموا باحات المسجد الاقصى، والذي عاثوا فسادا في باحات المسجد، حيث امتدت المواجهات الى بلدة القدس القديمة المحاذية لباحة الأقصى.
واستذكر أبو عودة، التصريحات السابقة للسفير الأردني لدى إسرائيل وليد عبيدات قبل حوالي عشرة أيام، والتي قال فيها "إن الانتهاكات الاسرائيلية قد تهدد اتفاقية السلام".
وتابع أبوعودة قائلا إن الإسرائيليين لديهم خطط لتهويد القدس، بينما لدينا في الأردن "مسؤولية ووصاية ولا يجوز السكوت عن الانتهاكات"، وما فعله الأردن أمس هو "استجابة جادة للانتهاكات والعدوان على القدس، وهو تصرف سليم وندعمه ونؤيده"، وقال "ما دام الأردن قبل الوصاية على الأقصى فعليه تحمل مسؤولية المتابعة".
من جهة اخرى، لفت ابوعودة، في حديثه لـ"الغد" امس، الى ان هذه الخطوات الدبلوماسية الاردنية "مهمة"، لناحية "تحدث الصحافة الغربية والعالمية بها، وما سينجم عنها من سلوك دبلوماسي دولي، لوقف عدوان اسرائيل، وفضح نواياها في موضوع القدس، اضافة الى تحشيد العالم ضد هذا التطرف الذي يهدد السلم العالمي بأكمله".
وفيما ان كان يرى ان الأردن غيّر من سياسته المعتدلة، بأخذه مثل هذه القرارات، رأى ابوعودة ان هذا "لا يعني اطلاقا تغيير الأردن لسياسته المعتدلة، بل هو لا يقبل الظلم وقام بالتصرف ورد الفعل الصحيح".
واستذكر ابوعودة هنا المراحل، التي سبقت هذه الخطوة، باعتبار ان العلاقات الدولية، تمر بمحطات تعبر فيها الدول عن غضبها، واصفا التصرفات الأردنية بهذا الصدد بـ"الدبلوماسية المتزنة".
اما وزير الخارجية الأسبق كامل ابوجابر، فرأى ان القرار يأتي في ضوء "تعنت وخبث ومكر" الاسرائيليين، واستمرارهم في العمل ضد القانون الدولي، والعمل الانساني ضد البشر والحجر.
واعتبر ان المملكة لها كل الحق لتقدم على ما اقدمت عليه، منتقدا، في الوقت ذاته، الصمت الغربي ازاء ما يجري، "وكأنه يحصل في كوكب آخر". وقال إن الأردن "فعل عين الصواب، لا سيما وان المملكة تتحمل مسؤولية الأماكن المقدسة، وهو ليس مطالبا بأن يعلن الحرب ولكن أقل الإيمان هو أن يقوم بما قام به".
ولم يستغرب ابو جابر الخطوة الاردنية، التي قال انها كانت متوقعة، خصوصا وان الاسرائيليين يحضرون لنقاش في الكنيست حول "تقسيم الأقصى مكانيا وزمنيا"، وهو الأمر، الذي لن يحدث، ما لم توافق عليه الحكومة الاسرائيلية، "لذا فإن الملك وجد أنه لا بد أن يفعل شيئا".
وأشار أبوجابر الى ان اسرائيل اختارت هذا التوقيت، لتلك المناقشة وللانتهاكات، لأن اميركا كانت مشغولة بانتخاباتها النصفية، فيما جاء توقيت القرارات الأردنية "مناسبا جدا".
وكانت القرارات الأردنية، التي فاجأت الشارع الأردني بعد ظهر امس، لقيت اشادة كبيرة من هذا الشارع، وتناقلتها وسائل الاعلام الاسرائيلية والغربية على وجه السرعة، في دلالة على أهمية الخطوة، والتي جاءت من واحدة من الدولتين العربيتين، الوحيدتين اللتين وقعتا اتفاقية سلام مع اسرائيل.
محليا، تسارع المعظم لنقل الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واصبح  سحب السفير الذي لطالما طالبت به قوى شعبية وحراكات شبابية، حديث الشارع، فيما لوحظ أن رموزا بارزة من المعارضة الأردنية "رحبّت" بالخطوة ووصفها بعضهم بـ"الممتازة".
وكان الأردن صعّد من لهجته، على مدى الأسبوعين الأخيرين، تجاه الانتهاكات في الأقصى، والحديث عن تغيير الوضع القائم فيه، وصرّح مسؤولون بشكل شبه يومي عن ان الأردن بلور خطة متكاملة لمواجهة تصعيد اسرائيل، وانتهاكاتها المستمرة للحرم القدسي الشريف.

[email protected]