انتهى الوقت!

انتهت المهلة التي منحها الرئيس محمود عباس لحوار الفصائل الفلسطينية الذي تحول إلى حوار طرشان. فمنذ البداية لم يكن هناك بوادر اتفاق على وثيقة الوفاق الوطني، المعروفة باسم وثيقة الأسرى، لأنها تتضمن بند حل الدولتين الذي ترفضه حركة حماس منذ توقيع اتفاقيتي أوسلو. من دون شك فإن عباس، برفضه مهلة العشرة أيام وتمديدها لمدة ثلاثة أيام لاستكمال الحوار في اليمن، يتخذ القرار الصحيح لأن الاستمرار في الحوار من اجل الحوار وكسب الوقت يأتي في مرحلة تتجه فيها أنظار العالم إلى ما يجري هناك في أراضي السلطة الفلسطينية، ويأتي في وقت تتربص إسرائيل فيه بالشعب الفلسطيني بأحاديتها القاتلة والقادمة إن لم تعتدل الأمور.

اضافة اعلان

 

الاستفتاء ضرورة لمعرفة أي اتجاه يريده الشعب الفلسطيني. هل يريد حل الدولتين أم اللاحل بانتظار القدر! وعليه فإنّ الحكومة الفلسطينية يجب أن تمثل تطلعات الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة التاريخية. أما القول بان الديمقراطية تمثيلية، وليس للاستفتاء قوة إلزامية للحكومة، هو وإن كان صحيحا من الناحية الدستورية، فإنّه يغفل أن القضية الأساسية هي التحرر. فنحن لسنا بصدد اللعبة الديمقراطية وكأن هناك دولة غير مستهدفة، وكأن الشعب الفلسطيني ينعم بالاستقرار والازدهار ولا يعاني من احتلال جاثم على صدره لعقود من الزمن. الشعب الفلسطيني يتعرض لعملية تصفية وعلى الجميع أن يخضع لرأي الأغلبية.

موقف الشعب الفلسطيني واضح، فهو مع الاستفتاء ومع وثيقة الأسرى. ففي استطلاع للرأي، أجرته جامعة بيرزيت وأعلنت نتائجه يوم الثلاثاء الماضي، فإنّ ما نسبة 77% مع وثيقة الوفاق الوطني. أما الذين يؤيدون حل الدولتين فقد بلغت نسبتهم 82% في الاستطلاع نفسه. هذا بالإضافة إلى انتخاب الرئيس عباس على أساس برنامج حل الدولتين. ولتقل لنا حماس الآن، كيف يمكن لها الادعاء بأنها تمثل الشعب الفلسطيني وبخاصة بعد الإخفاق الذريع في توفير الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم. وقد عبر الكثير من الفلسطينيين عن استيائهم من أسلوب حماس في الحكم، بخاصة تعنتها الشديد في العملية السياسية. وقد قال 37% فقط بأنهم سيصوتون لحماس في الانتخابات بعد أن عبر عن 50% عن ذلك في استطلاع شهر ابريل.

المهلة التي حددها عباس آخذه في النفاد، ولا يمكن للرئيس أن يتراجع عن موقفه من الاستفتاء وبخاصة بعدما تبنى هذا الموقف اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية. وفي حال قيام الاستفتاء العام، في القريب العاجل، ونالت وثيقة الوفاق الوطني تأييد الغالبية الفلسطينية فإنّ عباس سيكون في موقف أقوى للتعامل مع قوى الرفض الداخلية وأكثر قوة في التعامل مع حكومة أولمرت التي تخشى وبقوة الاستفتاء ونتائجه.

إذن من الواضح أن هناك إستراتيجيتين في العمل الفلسطيني السياسي. واحدة مع الحل السلمي التفاوضي والأخرى مع عدم الحل وشراء الوقت. وهذا ما ميز العمل السياسي النضالي الفلسطيني منذ أوسلو. وقد سبق ونوهنا بأنّ الاختلاف بين الفلسطينيين يجب أن يكون تحت سقف هدف استراتيجي واحد متفق عليه. عندها يكون التنافس المشروع بين الفصائل الفلسطينية المختلفة على أفضل السبل لتحقيق البرنامج والهدف الاستراتيجي.

 قيمة الاستفتاء هو أن يبين وللمرة الأخيرة أي استراتيجية يريدها الشعب الفلسطيني، وعلى الجميع عندها الالتزام بذلك. في المقابل، يعطي الاستفتاء حماس القدرة على التحرر من قيودها الأيديولوجية ويعطيهم سلما للنزول عن الشجرة. لن يتمكن الآخرون من إلقاء اللوم على تغير محتمل في موقف حماس لأنه يعكس رغبة الشعب الفلسطيني الذي يجب أن يكون مصدر الشرعية وليس عددا من أبطال الفضائيات.

[email protected]