انخفاض أسعار النفط.. فرصة لتحقيق مكتسبات!

د. نائل الحسامي

المتتبع لأسعار النفط في السوق العالمية، يمكن له معرفة أسعار عقود النفط الآجلة من خلال دراسة متوسط الأسعار لهذه العقود، والتي تشير الى أن سعر برميل النفط بالمتوسط خلال الـ14 شهرا المقبلة (أي من شهر نيسان (ابريل) 2020 الى شهر حزيران (يونيو) 2021 سيكون حوالي 36.22 دولار).اضافة اعلان
لذلك، فإنه يجب أخذ قرار جريء بشراء عقود نفط آجلة تكفي لغاية منتصف العام المقبل، بحيث يصبح ممكنا تثبيت أسعار النفط طوال هذه المدة، خاصة أن الضرائب على النفط أصبحت مبلغا ثابتا وليس نسبة مؤية، فإذا ما علمنا أن متوسط الاستهلاك اليومي للأردن يبلغ حوالي 180 ألف برميل، فهذا يعني أن توفير 10 دولارات بسعر البرميل الواحد يعني توفير 1.8 مليون دولار يوميا؛ أي ما يعادل حوالي 650 مليون دولار سنويا، فقبل انهيار سعر النفط الحالي كان متوسط الأسعار حوالي 60 دولارا، وبالتالي فإن التوفير السنوي المتوقع يبلغ حوالي 1.6 مليار دولار نتيجة لهذا الانخفاض الكبير في الأسعار، وعلى فرض أن الحكومة سوف تشتري كامل احتياجاتها لمدة 14 شهرا.
وزارة الطاقة لا شك أنها تقوم برصد التغيرات في أسعار النفط، وتدرس رفع توصية الى الحكومة بتعزيز المخزون الاستراتيجي للمملكة من مادة النفط، ومن واقع معرفتي بوزير المالية وبمحافظ البنك المركزي ومساعديه، فإنني أتوقع منهم أن يدعموا مثل هذا القرار الجريء الذي سوف يحسن أرقام العجز التجاري، وبالتالي على عجز الحساب الجاري، كما أنه يتوقع أن ينعكس إيجابا على الإيرادات الضريبية.
أما بالنسبة للمواطن، فإن سياسة معلنة مثل هذه ستؤدي الى مزيد من الشفافية ولن تحتاج الى انتظار قرار لجنة التسعير نهاية كل شهر، وسيتوفر له الحصول على مشتقات نفطية ثابتة ومنخفضة السعر لمدة 14 شهرا، وهذا يؤدي الى زيادة استهلاكه الكلي من السلع الأخرى، وبالتالي زيادة الطلب الكلي، بالإضافة الى انخفاض أجور النقل وغيرها من القطاعات التي تتأثر بشكل مباشر بأسعار الطاقة.
وبالنسبة للقطاعات الإنتاجية، فإن أسعار الطاقة كانت دائما تمثل تحديا كبيرا لهم، وتخفيض الأسعار بنسب تزيد على 25 % سوف يؤدي الى زيادة الإنتاج الكلي بشكل مؤكد.
أخيرا، قد يتخوف البعض من انخفاض آخر بأسعار النفط، وهنا أؤكد أن الأمر يحتاج الى مغامرة لأن أسعار النفط أصبحت تتحرك ضمن هذا النطاق وحتى لو انخفضت فإن الخسارة من انخفاض كبير أيضا بمقدار 30 % لن تؤثر بشكل أكبر من الفائدة المرجوة من تثبيت فاتورة النفط لفترة غير قصيرة من الزمن.