انقطاعات الإنترنت: سياسة أم مشاكل في الشبكات؟!

_111015736_hi059583206
_111015736_hi059583206

ترجمة: ينال أبو زينة

من مكتبه الذي يقبع في طابق شاهق يطل على مدينة أديس أبابا مترامية الأطراف، لدى ماركوس ليما فكرة جيدة عن الأمر، بحسب موقع الـ"BBC". وبوصفه مؤسس مركز الإبتكار التكنولوجي "IceAddis"، فعادةً ما يعج مكتبه المشتَرك برواد الأعمال المنتشيين برائحة القهوة والأحلام الكبيرة. لكن كل شيء يتوقف هناك عندما يتوقف الإنترنت عن العمل.

اضافة اعلان

وتُظهر البيانات التي شاركتها مجموعة الحقوق الرقمية "Access Now" مع الـ"BBC"، أن خدمات الشبكة عُطِّلت عمداً أكثر من 200 مرة في 33 دولة العام الماضي، منها مرة واحد في المملكة المتحدة. بحيث أغلقت شرطة النقل البريطانية شبكة "الواي-فاي" في شبكة مترو أنفاق لندن خلال احتجاج نشطاء تغير المناخ الذين لقبوا أنفسهم بـ"Extinction Rebellion".

وجاء أبرز ما في التقرير فيما يلي:

- إيقاف الإنترنت خلال 65 احتجاجاً لأسباب مختلفة حول العالم.

- 12 تعطيل لخدمات الشبكة في فترات الانتخابات.

- معظم عمليات الإغلاق حدثت في الهند.

- أكبر فترة لإيقاف الإنترنت في التشاد، وسط أفريقيا، واستمرت 15 شهراً.

يقول ماركوس ليما أن كل شيء يتوقف في أديس أبابا مع توقف الإنترنت.

"لا أحد يدخل المكتب- وفي حال دخلوا لن يبقوا طويلاً دون إنترنت".

وتابع موضحاً: "لدينا عقد تطوير برمجيات تم إلغاؤه لأننا لم نتكمن من تسليمه في وقته، لأنه... كان هناك انقطاع عن الإنترنت. وكانت لدينا أيضاً حالات اعتقد فيها العملاء أننا نتجاهلهم، ولكن لم يكن باليد حيلة".

وبقي سائقوا الدراجات النارية فترةً دون تحرك لإيصال الطعام. فمن غير اتصال بالشبكة، لا يستطيع الناس طلب الطعام عبر الإنترنت أو التطبيقات الهاتفية، بحسب ماركوس.

"لتوقف الإنترنت عن العمل عواقبه المباشرة على الشركات والناس هنا".

فصل الشبكة

لا يتعلق الأمر بإثيوبيا فقط، وليس التأثير اقتصادياً فحسب. فقد أظهر بحث "Access Now" أن الانقطاعات تؤثر على عشرات ملايين الناس حول العالم وبأشكال مختلفة.

ويستطيع المسؤولون الحكوميون "قطع" الإنترنت من خلال توجيه أمر لمقدمي الخدمات يقضي بمنع مناطق معينة من تلقي إشارة الشبكة –أو أحياناً، عبر منع الوصول إلى خدمات معينة في الشبكة.

وتشعر جماعات حقوق الإنسان بالقلق لأن هذا الإجراء أصبح أداةً مميزة للقمع الحكومي في جميع أنحاء العالم.

وتقترح البيانات التي حللتها "BBC" أن قطع خدمة الإنترنت يرتبط بشكل متزايد بالاحتجاجات.

وعادةً ما تقول الحكومات أن تعطيل الوصول إلى الشبكة يساعد في ضمان سلامة العامة ووقف انتشار الأخبار المزيفة.

لكن النُقاد يرون أنهم يخنقون تدفق المعلومات عبر الإنترنت –ويضيقون الخناق على أي معارضة محتملة على أـرض الواقع.

ومن جهتها، كانت الأمم المتحدة اعتبرت الوصول إلى الإنترنت حقاً من حقوق الإنسان في 2016، وأن الوصول الشامل إلى الشبكة هو أـحد أهداف برنامج "التنمية المستدامة" الخاص بها.

ومع ذلك، لا يؤيد جميع القادة هذه الفكرة. ففي آب (أغسطس) 2019، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، أن الإنترنت ليس "بماء أو هواء" وأن قطعه سيبقى أداةً مهمة للاستقرار الوطني، الأمر الذي أزعج ماركوس ليما، والذي نوه إلى أن الحكومة: "لا ترى الإنترنت شيئاً مهماً. أعتقد أنهم يظنون بأن الإنترنت يتعلق فقط بالإعلام الاجتماعي، لذلك فهم لا يرون القيمة الاقتصادية له وكيف أن ذلك يؤثر على الاقتصاد".

الهند في المرتبة الأولى من حيث الإنقطاعات

وجدت البيانات الأخيرة أن الهند هي صاحبة أكثر انقطاعات للإنترنت في العام الماضي.

بحيث أبطل مفعول خدمات إنترنت الهواتف لسكان المناطق المختلفة في الهند قرابة 121 مرة، مع حدوث 67% منها في كشمير.

ووجد المحتجون في السودان والعراق أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى تنظيم كل شيء دون إنترنت، عندما تم فصلهم عنه.

ويختلف تأثير كل حادثة استناداً إلى حجم الانقطاع: من الحجب المحلي لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي إلى انقطاعات في جميع أنحاء البلاد لزخم استخدام الإنترنت.

و"الخنق" هو شكل من أشكال التعتيم الذي يصعب رصده، ويحدث عندما تبطئ الحكومة خدمات البيانات. بحيث يمكنهم أن يبطؤا خدمة الـ"4G" الحالية عبر الهواتف إلى الـ"2G" التي تسيدت فترة التسعينات، مما يجعل تبادل مقاطع الفيديو والبث المباشر أشبه بالمستحيل.

وحدث هذا الأمر في أيار (مايو) 2019، عندما اعترف رئيس طاجكستان بخنق معظم الشبكات الاجتماعية، بما فيها "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام"، قائلاً أنها كانت "عُرضة للنشاط الإرهابي".

وتبني بعض الدول الآن، ومنها روسيا وإيران، وتختبر نسخها من الإنترنت الوطني المغلق عن العالم الخارجي، ما يُعد إشارةً إلى تزايد السيطرة على الإنترنت.