انهيار المفهوم

إسرائيل هيوم دان شيفتن 26/1/2020 أحدثت خطة ترامب تغييرا عميقا في الوعي. بعضه تغيير لا مجال للعودة عنه، حتى قبل ان تنشر تفاصيلها وقبل أن يكون واضحا ما الذي يمكن تنفيذه منها قريبا في المجال الاقليمي وفي الساحة السياسية. قبل أكثر من ربع قرن وقع في اوسلو تغيير في الوعي بهذا الحجم في الموضوع الفلسطيني؛ تأتي هذه الخطة لتصلح بعضا من اخفاقاته. في اوسلو اعترفت اسرائيل بـ م.ت.ف كشريك في المفاوضات، رغم أن عرفات بصعوبة لجم التزامه العلني باستراتيجية ("الكفاح المسلح") ولم يتكبد حتى عناء التظاهر بأنه هجر هدفه في تقويض وجود اسرائيل ("حق العودة"). منع هذا التأسيس في الوعي عن اسرائيل طرح شرط مسبق للمفاوضات على الحركة الوطنية الفلسطينية – التخلي التام عن فكرة اقامة دولتهم بالدم والنار على خرائب اسرائيل، الموازية للتغيير العميق الذي احدثه السادات في سياسة مصر. ان غياب مثل هذا المقابل يشرح ادمان المجتمع الفلسطيني على تمجيد "الشهيد" وتعليم ابنائه على فكرة سامة ترفض شرعية الدولة اليهودية. يجدر بنا النظر الى هذه المسألة في المنظور التاريخي. فقد فهم بن غوريون وشريت في 1948 الاخفاق البنيوي في الحركة الوطنية الفلسطينية ("المفتية"- بقيادة المفتي). هما ايضا عرفا بان دولة فلسطينية ذات سيادة ستؤدي الى ديمومة الحرب، كون هذا المجتمع يفضل المس بأعدائه اليهود على أن يعرض مستقبل افضل لأبنائه. اليوم يثبت هذا الفلسطينيون في غزة. الآن ايضا يدور الحديث عن موضوع وعي من الدرجة الاولى. منذ اوسلو صممت م.ت.ف وحماس وعي الجيلين الاخيرين في شكل مرضي للسجود للعنف وهذيان الخراب لليكود. منذ اوسلو تثبت ايضا الوعي بأن التسوية يجب أن تقوم على اساس دولة فلسطينية ذات سيادة، نقطة منطلق حدودها هي حجم المنطقة من "الخط الاخضر". لقد رفض الفلسطينيون عرضين بعيدي الأثر من جانب إسرائيل: الاول، من كامب ديفيد حتى طابا، أعطيا لهم معظم هذه الصيغة؛ والثاني، من ايهود اولمرت في 2008، والذي اقترح عليهم كلها تقريبا. هذه الصيغة تثبتت في وعي العالم كله، بما في ذلك في واشنطن وفي معظم الوقت حتى في القدس، كذخر حديدي للفلسطينيين. عليها بنيت أم كل الكليشيهات: "كلنا نعرف ماذا ستكون عليه مبادئ الحل؛ ولا حاجة الا الى تنفيذها". خطة ترامب تسحب البساط من تحت هذا الكليشيه. من الآن فصاعدا يمكن أن يتمسك بها فقط ناكرو الواقع المواظبون- الفلسطينيون، الاوروبيون وآخرون. عندما يكون العاملان المقرران – اسرائيل والولايات المتحدة – يرفضان هذه الفكرة، تفتح خيارات جديدة؟ ادارة اخرى في واشنطن ايضا، تحاول شطب إرث ترامب، لن تنصرف عن اعترافه بالقدس كعاصمة اسرائيل، لن تتنكر لخوف اسرائيل من اساءة استخدام الفلسطينيين لسيادتهم، تعترف بأهمية غور الاردن الاستراتيجية، وستجد صعوبة في العودة الى الصيغة التي تقدس "الخط الاخضر". يمكن للخطة أن تكون لحكومة ملجومة وحازمة في القدس رافعة لسلسلة خطوات من طرف واحد بدعم اميركي تستهدف الانقطاع عن الفلسطينيين في ظروف أمنية معقولة.اضافة اعلان