اهتمام بمشاكسين ومشاغبين!

بشكل عام، في كل صف من الصفوف المدرسية، كان هناك أربع فئات من الطلاب، الفئة الأولى تشتمل على أولئك الطلاب المتفوقين دراسيًا، والفئة الثانية تضم الطلاب متوسطي التحصيل الدراسي، والفئة الثالثة تشمل الطلاب «الضعاف» في التحصيل الدراسي، أما الفئة الرابعة، فتشتمل على أولئك الطلاب «المشاكسين» أو «المشاغبين» أو أصحاب المشاكل، أو لنكن أكثر دقة أصحاب الصوت العالي.اضافة اعلان
وللأسف، فإن الكثير من أعضاء الهيئة التدريسية، كانوا يهتمون بشكل مبالغ فيه، في الطلاب الذين يمثلون الفئتين الأولى والرابعة.. وإن كان معهم كل الحق في الاهتمام والتركيز أكثر على طلاب الفئة الأولى، والتي هي بشكل عام تمثل دائمًا وأبدًا قلة.
أما الفئة الثانية من الطلاب، والتي تمثل عادة الأغلبية، إن لم تكن الأغلبية المطلقة، فهي دومًا لا تتلقى أي اهتمام يُذكر، ولا أحد ينظر إليها أبدًا، باعتبارها مسالمة، مخلصة، منتمية، مؤدبة، لا تفتعل المشاكل، ويعتمد طلاب هذه الفئة على أنفسهم وذويهم في متابعة تحصيلهم العلمي والأكاديمي، وتدبير أمورهم المعيشية.
أما الفئة الثالثة، فهي تمثل نسبة ليست بسيطة، وطلاب هذه الفئة لا يحظون بأي اهتمام يُذكر، ودائمًا شبه منبوذين، وكأن لسان الحال يقول «فالج لا تعالج»، مع أنهم أكثر الفئات التي تحتاج إلى اهتمام ومتابعة وحماية… وهذه الفئة لا تقل عن الفئة السابقة بالإخلاص والانتماء والأدب، والخوف على المدرسة (الوطن).
يتبقى، الفئة الرابعة، وهنا هو مربط الفرس، فالطلاب الذين ينضوون تحت لوائها، صفتهم «الفجور» وتحقيق المكاسب واعتبارها حقا لهم، وهؤلاء يستعرضون عضلاتهم على زملاء لهم في الصف المدرسي، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء أو التهجم على المدرس والمربي الفاضل.
هذه الفئة، التي تُشكل فئة قليلة جدًا، تلقاها دومًا صاحبة المشاكل، وصوتها دائمًا مرتفع، ويا ليته مرتفع على حق بل على باطل، وتضرب ذلك وتستقوي على هذا، وتقوم بتخريب الأثاث المدرسي من تكسير أبواب ونوافذ ومقاعد دراسية، إلى درجة أنه قد لا يرمش لها جفن عندما تُقدم على حرق مختبر العلوم، الذي يحتوى على مواد كيميائية.
ورغم كل ذلك، إلا أن هذه الفئة، دومًا تلقى كل الاهتمامات والرعاية، ويحاول الجميع استرضاءهم، ومحاباتهم، واحتواءهم، بشتى الوسائل والطرق، لا بل ويكون لها جزء رئيس من الغنائم سواء أكانت مادية أو معنوية.
لماذا يتم محاباة طلاب مشاغبين، ديدنهم الفساد والمحسوبية، على حساب طلاب آخرين، يواصلون الليل بالنهار، كي يتقدم وطنهم ويزدهر، ويُصبح في مصاف الدولة المتقدمة، غير منتظرين جراء ذلك، أي مكاسب مادية أو مناصب، تجعلهم في درجة عُلية القوم.
فالأصل أن يكون أبناء الوطن على قدر من المسؤولية والإخلاص والانتماء للبلد، الذين يعيشون فيه ويأكلون من خيراته، وهم دائمًا مطالبون عند حدوث قضية معينة أو أزمة ما، الوقوف في صف الوطن والدفاع عنه، بلا محاباة أو مجاملة، أو تغليب مصلحة شخصية أو لفئة معينة على حساب أخرى، وبعيدًا أيضًا عن أي مكتسبات مادية أو معنوية.. لا يُريدون من كل ذلك إلا نصرة وازدهار وتقدم الوطن والحفاظ عليه.
وفي الأزمات أو القضايا المفصلية، يتوجب على الجميع، خصوصًا رجالات الدولة، ممن يمثلون أبناء «الفئة الرابعة»، أن ينبروا للدفاع عن البلد، بشكل حقيقي وصادق، بلا أي مقابل.. فالوطن لم يبخل عليهم في يوم من الأيام، بل على العكس كان كريمًا معهم أكثر من غيرهم، فدائما كان يسمح لهم أن يصولوا ويجولوا في أنحاء الوطن، لتحقيق مكتسبات مادية وتبوؤ مناصب قيادية عليا.