اوباما ونتنياهو بين خطاب وخطاب

يديعوت - عاموس كرميل

كانت هذه مسبقا مباراة غير نزيهة. فالمنافسة بين خطابي رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء اسرائيل وان كانت جرت في شبه ملعب جامعي، إلا أن كل الشروط الأخرى كانت تفتقر إلى المساواة بين الخطيبين.

اضافة اعلان

الدليل الفظ على ذلك جاء في مجال الاستماع. خلافا لنتنياهو، الذي تابع من مكتبه بتحفز خطاب اوباما (وهذا الأمر لم يمنع المحللين الاسرائيليين من القول إن حكومة إسرائيل أغلقت أذنيها عن سماع ذاك الخطاب)، انطلق أوباما الى مباراة الغولف خلال خطاب نتنياهو. إن من يجلس في الغرفة البيضاوية في البيت الابيض يمكنه ان يسمح لنفسه بمشاهدة شريط لقائد دولة صغيرة أو تقرير يتلقاه من مستشاريه بعد أن يتم الحدث.

واذا وصلنا الى المستشارين – فخلافا لنتنياهو فإن أوباما لم يجتذب الى نفسه الانتقاد حين استعان بمستشارين مختلفين في كتابة خطابه. وفي حالته، خلافا لنتنياهو، اعتبرت المشاورات مؤشرا على مهنية وتروٍ وليس على شقلبات وانعدام الزعامة.

إن أوباما، بحكم منصبه ومكانته، بسط رقاعا واسعا. فقد تحدث عن العالم بأسره، عن التفاعل بين الثقافات، عن رؤيا عالمية واسعة. تطرقه الى الشرق الأوسط كان قصيرا نسبيا، ويكاد يكون على قدم واحدة، كاقليم اشكالي. أما نتنياهو فكان ملزما بأن يركز على هذا الاقليم. وكانت أي محاولة يقوم بها – وحسن ان لم يقم بها – للابتعاد عن ذلك تواجه بالسخرية.

كما أن أوباما استخدم استخداما كاملا – وعن حق تام من ناحيته – لقدرته المتميزة على إثارة الهتاف والانفعال على المدى القصير من دون أن يلمع على المستوى اللفظي، ومن دون ان يقدم أي بشرى جديرة بالذكر. لكن نتنياهو، مثل كل كبار السياسة الاسرائيلية (باستثناء ربما مناحيم بيغن في حينه) لم يوهب هذه القدرة الفاعلة وغير الجدية. وقد كان مطالبا بكلمات صريحة، وكثيرون في الساحة المحلية طلبوا هذه الكلمات حتى في سياق صريح يناسب آراءهم – بعيدا عن المناورة والتفسيرات الملتوية التي حرصوا على إلصاقها بخطاب أوباما.

في اختبار الكلمات، خلافا لاختبار العناوين الرئيسة والدراما – يبدو أن نتنياهو نجح اكثر من أوباما. وخلافا للرئيس الأميركي فانه لم يتلفظ بأي قول يتناقض مع الحقيقة التاريخية. لم يكن في خطابه أي شيء موازٍ لمبالغات أوباما عن انجازات الإسلام. ولم يكن في خطابه أي شيء موازٍ للتشبيه المثير للحفيظة الذي قدمه أوباما بين الكارثة ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين.

من جهة أخرى تحدث أوباما عن "دولتين يعيش الاسرائيليون والفلسطينيون فيهما بسلام وبأمن، واكتفى بذلك. لم يكن في خطابه أي موقف من كل ما يجعل هذه الكلمات فكرة جميلة غير قابلة للتحقق في المستقبل المنظور. أما نتنياهو، خلافا له فلم يتملص من هذه المشكلة. تحدث عن اسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي -لن تغمر باللاجئين الفلسطينيين، وإلى جانبها دولة فلسطينية مجردة - ورد بذلك على التحديين. وفر التفسير المعقول لحلم الدولتين، السلام والأمن لدى اوباما وكذلك أشار ضمنيا إلى أسباب عدم قابلية هذا الحلم للتحقق.

ولكن لشدة الأسف، فإن قيمة اختبار الكلمات تناسب تخزين الخطابين. فهي أكاديمية فقط وذلك لأن الخطاب هو مجرد خطاب. كما أنه لا يوجد أساس للقول إن نتنياهو أقام الدولة الفلسطينية أول من أمس (الأحد) بمجرد الحديث عن الدولتين. فهذه الدولة لم تقم على الرغم من الكلمات الصريحة  التي كرست لها في قرار التقسيم في العام 1947، وفي اتفاقات كامب ديفيد (بيغن - السادات) في العام 1978 وفي اتفاقات اوسلو (رابين – بيرس – عرفات) في العام 1993. كما أن  أي دولة في التاريخ لم تولد بقوة الكلمات.