اولمرت يتنازل عن شاليط

هارتس – تسفي بارئيل

     

هل هناك من يعتقد حقا ان من الممكن اطلاق سراح جلعاد شاليط بعد عامين ونصف مقابل فتح المعابر ومن دون اطلاق سراح سجناء؟ هذه هي بالضبط الصرعة التي يحاول ايهود اولمرت من خلالها ذر الرماد في العيون. قبل اسبوع اتفق مع مصر، على اطلاق سراح شاليط مقابل قائمة سجناء متفق عليها، تتضمن مروان البرغوثي. ودار الخلاف حول اربعة سجناء اخرين، بينهم احمد سعدات الذي خطط لقتل رحبعام زئيفي.

اضافة اعلان

مصر قدرت، على اساس مباحثات عمر سليمان مع عاموس جلعاد، ان من الممكن التغلب على هذه العقبة وبدأت بالتحضير للمرحلة التالية: دعوة فتح وحماس لمؤتمر مصالحة، كان من المفترض ان ينعقد في القاهرة اليوم (أمس) كأساس للمفاوضات حول فتح معبر رفح. وقد افترض المصريون ان قضية اطلاق سراح شاليط وتطبيق التهدئة في اي اطار كان، سيصبحان جزءا من الماضي بعد حين. فهل كانت مصر المجربة جدا حالمة ام انها قد تعرضت للخديعة؟ هل كذب جلعاد على سليمان ام انه فوجئ هو الاخر من موقف رئيس الوزراء.

ليس مهما كيف نحدد ما يقوله اولمرت، شرطه "الجديد" الذي يعطي اولوية لاطلاق سراح شاليط على فتح المعابر – هو خدعة. ليست لحماس ولم تكن لديها اية مشكلة في الاتفاق على اطلاق سراح شاليط اولا ومن ثم التوجه لاتفاق وقف اطلاق النار. فلو حدثت هذه الموافقة لتناقضت حماس مع المبدأ الذي حددته لنفسها بوجوب الفصل بين التهدئة واطلاق سراح شاليط.

ان كانت إسرائيل ترغب في اطلاق سراح شاليط اولا فليكن والثمن هنا معروف. هذا ما حدث فور اختطاف شاليط في فترة التهدئة الأولى، وبعد حرب غزة ايضا. إسرائيل التي فرضت الحصار على غزة بسبب اختطاف شاليط لم تستوعب شروط حماس، التي تحركت طوال الوقت على مسارين: رفع الحصار وتطبيق التهدئة من دون صلة بشاليط، واطلاق سراح سجناء من دون صلة بالحصار، واثر الضغوط الدولية العربية ادركت اسرائيل ان لا مفر من السير في مسارين.

يبدو الان ان اهتمام اولمرت ليس منصبا على سلم الاولويات – هو بكل بساطة لا يريد دفع الثمن ويقدر ان بامكانه اخضاع حماس من خلال اشتراط فتح المعابر. وهو ليس معنيا باطلاق سراح كل السجناء الذين تطلبهم حماس مقابل شاليط، وان حدث – فمن الافضل ان يفعل ذلك رئيس الوزراء المقبل. ان كان هذا قراره فليقل لنا صراحة: "انا لا استطيع دفع الثمن وتحمله ولذلك قررت التنازل عن شاليط"، فليس من الممكن التوصل الى استنتاج اخر غير هذا من الطريقة التي يدير فيها المفاوضات مع المصريين في الايام الاخيرة.

من دون تهدئة متفق عليها ومن دون شاليط لن تبقى الحرب في غزة مجردة من الانجازات فقط، بل هناك في الزاوية فشل ذريع يتربص متخفيا. فمصر تتمتع بالحرية في مواصلة التفاوض مع حماس وفتح حول معبر رفح الامر الذي لا يرتبط لا باطلاق سراح شاليط ولا بالتهدئة. ومصر مستعدة لفتح المعبر ان وافقت حماس على شروط الاتفاق الموقع في 2005. والتقارب بين فتح وحماس واستعدادية الفصائل الفلسطينية للمصالحة حتى ان اؤجلت المباحثات في الوقت الحالي، والضغط للوصول الى مصالحة كهذه قبل انعقاد القمة العربية في آذار – هي في الواقع لبنة اخرى في الانعطافة المتوقعة. ويضاف اليها تصريح جورج ميتشل بان الادارة الأميركية راضية عن المساعي المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية وتتطلع بنفسها للوصول الى حكومة وحدة فلسطينية.

هذه التطورات ستؤدي الى الحاق فشل مضاعف بإسرائيل. حكومة فلسطينية موحدة تشارك بها حماس وتتمتع بالتأييد الأميركي، الامر الذي يحول موقف إسرائيل منذ عام 2006 القاضي بمقاطعة مثل هذه الحكومة الفلسطينية الى اضحوكة، بينما يؤدي فتح معبر رفح الى تفريغ العقوبات الإسرائيلية المفروضة على غزة من مضامينها. البضائع والخدمات ستمر الى غزة من الجانب المصري من دون عراقيل، بصورة رسمية وتحت رقابة أوروبية، بينما لن يكون لشرط إسرائيل باطلاق سراح شاليط مقابل المعابر أي معنى.

ليس من المتأخر بعد منع حدوث هذا الفشل، واعادة شليت وترسيخ وقف اطلاق النار طويل المدى. ليس من المتأخر ايضا تصويب العلاقات مع مصر والاستعداد للسياسة الأميركية الجديدة نحو الفلسطينيين. ولكن هذا الامر يستوجب التوقف عن الصرعات ودفع الحساب. وهذا الحساب لن يكون اقل بعد اسبوع او شهرين.