باحثون: التيار "الراديكالي" سيجتاح المنطقة العربية خلال أعوام في ظل غياب التعددية

عمان – الغد - رجح باحثون وخبراء في الجماعات الإسلامية في المنطقة العربية، اجتياح ما أسموه "التيار الراديكالي" للمنطقة خلال الأعوام القليلة المقبلة، وذلك خلال أطروحات قدموها في مؤتمر "صعود الراديكالية في العالم العربي" أمس.اضافة اعلان
وأكد الباحثون أن الجماعات الإسلامية المتطرفة "لا يمكن أن تنمو في بيئات ديمقراطية أو تعددية سياسية"، مرجحين تفاقم نمو تلك الجماعات في العراق وسورية على وجه الخصوص.
وتوافقوا خلال مشاركتهم في أعمال المؤتمر الذي نظمته مؤسسة فريدريش إيبرت بفندق اللاند مارك، على "غموض المستقبل السياسي لسورية والعراق" في ظل التطورات الأمنية والسياسية فيهما، وفي ظل تنامي تمدد تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام المعروفة باسم "داعش".
وتمحورت المشاركات من الأردن ولبنان ومصر والعراق ودول أوروبية، حول الأسباب التي دفعت بنمو بعض الجماعات المتطرفة دون غيرها.
من جهته، خلص الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان، إلى أن هناك "صعوبة في الاعتماد على المؤشرات الراهنة في بناء معادلة دقيقة لاستشراف المرحلة المقبلة، خاصة مع تفاوت المشهد في العراق وسورية ومصر وليبيا".
وقال أبو رمان المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن احتمالات استمرار الصراع السوري وإقصاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكذلك نمو الفوضى الأمنية في ليبيا، قائمة مع توفر الظروف المناسبة، دون أن يعني ذلك عدم وقوع "مفاجآت غير متوقعة"، كما حدث في "الصحوات" في العراق.
ورأى أن تنظيم القاعدة أو الفكر السلفي الجهادي هو "صنوان الأزمة الراهنة التي تمر بها المنطقة العربية"، قائلا: "هو خيار مرهون بانسداد الأفق والشعور بالإحباط واليأس والخيبة لدى نسبة من الشباب العربي"، مشيرا الى أن هناك صعوبة واضحة في تصور إمكانية التعايش بين الشعوب العربية وهذا النمط الأيدولوجي والسلوكي لمدة طويلة.
وفيما بين أبو رمان أن التيار الراديكالي يعد "أحد روافد الاتجاه المحافظ دينيا في المنطقة، إلا أن حصاره يكمن في تعزيز التيار المعتدل وإدماجه في العملية السياسية ودفعه للالتزام بها".
وقدم خلاصات عن أعمال المؤتمر في المجمل، من بينها الاتفاق على أن الراديكالية هو "توصيف نسبي يتفاوت من منطقة إلى أخرى ومن بيئة إلى أخرى"، فيما أشار الى أن هناك "اتفاقا على أن عوامل انهيار المنظومة الأخلاقية الاجتماعية إلى جانب الاقتصادية وانهيار الطبقة الوسطى، أثرت جميعها في تصاعد الراديكالية في المجتمعات العربية والإسلامية".
إلا أن اختلافات عديدة أظهرها المشاركون خلال المناقشات، في تقييم تجارب تصاعد الحركات الإسلامية في بلدانهم، وعقدوا مقارنات بين نجاح تجربة الإسلام السياسي في تونس، مقابل ما أسموه بـ"بفشلها" في مصر.
وعرض الباحث المتخصص في شبكة البي بي سي مراد الشيشاني، للبيئات الاجتماعية الحاضنة لبعض الجماعات المتطرفة، معتبرا أنها "انتشرت في بيئات شعبية شهدت حركات احتجاجية وانهيارا للطبقات الوسطى فيها".
لكن حالات عرضت أيضا، تحدثت عن نماذج لقيادات في تلك التيارات ممن حصلوا على درجات علمية متقدمة، فيما تساءل المشاركون عن دور "الإقصاء السياسي والطائفي في نمو تلك الجماعات"، حيث أيد البعض إقصاء "الإسلام السياسي" لصالح "الإسلام الإصلاحي".
من جانبه، اعتبر المستشار في مركز العراق للدراسات الاستراتيجية الدكتور حيدر سعيد، أن "التمدد المفاجئ لـ"داعش" غرب العراق، جاء نتيجة مباشرة لنتائج الانتخابات العراقية التي أجريت مؤخرا"، وقال إن تمدد داعش في الموصل جاء "بالتشارك مع القوى العشائرية السنية التي صدمت بنتائج الانتخابات".
وفيما قدم سعيد عرضا تاريخيا لتطور تنظيم القاعدة في العراق منذ الاحتلال الأميركي، قال إن هناك "شعورا تولد بقوة في الأعوام الثلاثة الأخيرة لدى السنة، أنه لا تغيير سياسيا بالنسبة لهم، ما دفع إلى إطلاق يد "داعش" بالكامل".
وفيما رأى سعيد أن "داعش" تمثل "طرفا رئيسيا اليوم في الموصل وليست وحيدا"، قال: "إن التطور الذي شهدته الموصل في 7 حزيران(يونيو) شكل ورقة تقاعد للتجمع السني وللنخب السنية".
وترك المشاركون في المؤتمر جملة من التساؤلات المفتوحة، بشأن المدة الزمنية التي يمكن أن تستمر فيها القوى الراديكالية بالتمدد، وما إذا كان تمددها حالة مؤقتة أم لا.
ورأى صحفي في جريدة الحياة اللندنية، أن المنطقة تعيش "حالة اضطراب شديد، يصعب فيها التبنؤ بمستقبل حركات السلفية والجهادية فيها"، مستدركا: " لكن المظاهر لتلك الحركات لن تدوم، لأن لا صلة بها لا بالسياسة ولا بالمستقبل...وتطورات المشهد ترتبط بعناصر شديدة التعقيد".
ورأت الباحثة في جامعة هامبروغ الألمانية ماتينا سيرسلودي، أن النقاش في أوروبا ما يزال مستمرا حول المخاوف المتعلقة بتمدد تلك الحركات، قائلة إنه لا "ربيع للجهاديين".
وقالت سيرسلودي، إن "الدول العربية في المنطقة، مسؤولة عن إيجاد بيئات تفرز مجتمعات متنوعة متعددة لا تعكس تركيبتها أحزاب عرقية أو طائفية"، مشيرة إلى أن مصر "يجب أن تكون نموذجا في ذلك"، فيما رأت أن سورية "لا يمكن التنبؤ بإمكانية تطبيق ذلك فيها". 
 وركزت أعمال المؤتمر على الجماعات "السنية" في المنطقة،  فيما يتوقع ان يصار إلى عقد مؤتمر لاحق لمناقشة صعود الجماعات الراديكالية الأخرى.