"بازار الخضر" بوابة إبداع لشباب يتقنون الحرف اليدوية

جانب من منتجات المعرض- (الغد)
جانب من منتجات المعرض- (الغد)

تغريد السعايدة

عمان- مع إطلالة صباح كل يوم جمعة، تجمع الشابة سهير يوسف ما صنعته أناملها من إكسسوارات (أخذت من وقتها وجهدها أياما عدة)، لتكون سبباً في جعلها فتاة منتجة قادرة على أن تسوق هذا الفن اليدوي، ولتجد أخيراً موقعاً لها في التسويق المباشر من خلال انضمامها للمشاركة بـ"بازار الخضر"، في مدينة السلط الذي نظم مؤخرا، وخصص مساحة واسعة لاستقبال "صغار المنتجين" ودعمهم.اضافة اعلان
وتقول سهير إن مشاركتها في البازار، تأتي من باب البحث عن فرصة لتسويق المنتجات التي تقوم بتشكيلها منذ وقت طويل، إلا أن انعدام وجود أبواب للتسويق في ظل جائحة كورونا، وتوقف البازارات بشكل كامل، كان لهما دور كبير في تقلص حجم المردود المادي على كل من يعتمدون على التسويق المباشر، والذي يكون عادةً من خلال البازارات والمعارض.
وللأسبوع الثاني على التوالي، يستقبل بازار الخضر رواده في شارع الوئام، الممتد من شارع الخضر في مدينة السلط، حيث الأجواء التراثية والجميلة التي تستقطب العديد من الزوار ومن مختلف الجنسيات، كون الشارع يتميز بطابع مميز، وفيه العديد من المحال التجارية القديمة، التي يرى مالكوها أن وجود البازار أيام الجمعة، هو فرصة غنية لهم لعرض منتجاتهم المختلفة، التي تحاكي تراث السلط.
يزن الجغبير المسؤول في تنظيم بازار الخضر، التابع لمركز الخضر، حديث العهد، الذي افتتح قبل ثلاثة أشهر، و"هو أولى الفعاليات الخاصة بالمركز"، يؤكد أن البازار سيكون متاحا في كل يوم جمعة دون تحديد وقت لانتهائه، ليكون "محطة" لزوار المكان للاطلاع على العديد من المنتجات منزلية الصنع، والحرف اليدوية.
ويبين الجغبير أن غالبية المشاركين في البازار، هم مجموعة من الشباب الذين تلقوا تدريبا في مركز الخضر، من حرف يدوية ومهارات، إضافة إلى سيدات وأشخاص آخرين، تم إتاحة المجال لهم لعرض منتجاتهم، بهدف مساعدتهم على تسويقها في البازار، في الهواء الطلق، ومراعاة إجراءات السلامة كافة المُتبعة في ظل الوضع الوبائي العام.
هذا الدعم الذي يقدم للشباب من تدريب على الحرف التراثية القديمة، يكون بشكل مجاني في مركز الخضر، حيث تهدف الخطة المبدئية، وفق الجغبير، إلى تدريب ما يقارب مائة شخص على الحرف التراثية اليدوية، والمساعدة على تسويق منتجاتهم من خلال إقامة البازار، خاصة وأن الشارع الذي تم اختياره، يعد أحد أبرز معالم السلط التراثية.
الناشطة الاجتماعية والمختصة بالتراث الأردني ثائرة عربيات، كان لها دور بارز في تنظيم البازار، كونها من سنوات عدة تهتم بالترويج للتراث الأردني بكل تفاصيله، لذلك كانت من الداعمين لتنظيم البازار، وذلك بالتعاون مع منتدى البلقاء الثقافي، وشباب مركز الخضر، وهيئة شباب البلقاء؛ إذ ترى عربيات أن هذه الأنشطة من شأنها أن تسهم في التعريف بكل مناطق السلط التراثية، وبخاصة في قلب المدينة، الذي يتضمن عشرات الأماكن والبيوت القديمة الساحرة، التي تعمد الكثير من الشباب وأصحاب الحرف التراثية على استغلالها في مشاريع تجارية وتراثية في الوقت ذاته.
وتبين عربيات أن المنظمين في البازار يعملون في كل يوم جمعة على تنظيم فعاليات مختلفة ومتنوعة لجذب الزوار والسياح للمنطقة؛ حيث احتوى برنامج الجمعة الماضية على دمج عادات وتراث مدينة إربد في البازار، كما في تقديم الأكلات التراثية فيها، والشرح حول الأزياء التراثية فيها، كما سيكون في كل جمعة، مدينة مختلفة من المملكة يتم فيها عرض كل ما يتعلق بتلك المنطقة، بالتزامن مع عرض كل ما هو جديد من منتجات مختلفة في البازار.
ويمكن لزوار البازار يوم الجمعة، الاستمتاع بتناول إحدى الأكلات الشعبية التراثية، إضافة إلى التسوق بمنتجات مختلفة، عدا عن تجربة ارتداء الثوب السلطي القديم "الخلقة" ورسم الحناء، بطرق مبتكرة، تقدمها إحدى الفتيات المشاركات في البازار، إضافة إلى التعرف لبعض من تراث المدينة، من خلال مشاهدة لوحات فنية في المحال التجارية المحيطة بموقع البازار، والكثير من الفعاليات المختلفة التي تعد "متنفسا" لعائلات سواء في مدينة السلط أو لزوارها من خارج المحافظة ومن السياح الأجانب.
ووفق عربيات، فإن العاملين في البازار عمدوا إلى أن يكون هناك جزء من ريع البازار لأعمال خيرية مختلفة في كل مرة، حيث كان الأسبوع الأول مخصصا لدعم العائلات في غزة، بعد الأحداث الأخيرة التي أدت لاستشهاد عدد من السكان وتدمير منازلهم، بينما خصص في الأسبوع الثاني جزء من الريع لدعم جمعية أصدقاء مرضى السرطان.
رانيا نعيمات، هي كذلك إحدى الفتيات اللواتي يطمحن إلى الاستفادة من تواجدهن في البازار، من خلال عرض منتجاتها اليدوية، التي تختص بفن "المانديلا"، الذي تدربت عليه منذ مدة، وقامت بعمل العديد من القطع الفنية متعددة الاستخدامات، إلا أنها كانت تواجه صعوبة في التسويق، إلى أن جاءت فكرة البازار، لتسارع بحجز مقعدها وتكون إحدى المستفيدات من هذا الحدث التراثي المميز، الذي يزداد متعة في كل مرة بزواره والحاضرين بأجواء عابقة بتراث السلط.
الجغبير يؤكد أن ما يقوم به مركز الخضر من تدريب للشباب وتنظيم مثل هذه الفعاليات يعد جزءا من المسؤولية الاجتماعية لديهم، والعمل جار الآن لتنظيم دورات تدريبية مختلفة تساعد الشباب على الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا والتواصل مع العالم، ويقول "نطمح إلى أن يكون هناك شهادات معتمدة من وزارة السياحة لتدريب الشباب على اسثمار طاقاتهم وإبداعهم في السياحة والتراث".