باص عمان.. نرى ونأمل!

يليق بعمان باص سريع وخطوط نقل ميسرة ، كما يليق بعاصمتنا الحبيبة بيئة نقل نظيفة خالية من كلمات نابية، وباصات مهترئة وشوارع متكسرة، فكل ذاك حق لعماننا التي نحب، ونريد أن تصبح جوهرة بين عواصم الامم، نفاخر فيها العالم، ونقدم من خلالها رؤية متقدمة لما نطمح اليه.اضافة اعلان
نهاية الشهر الماضي أطلق رئيس الوزراء عمر الرزاز مشروع باص عمان، وبحسب الرؤية التي تحدثت عنها أمانة عمان فإن الفكرة ستكبر لتشمل كل احياء عمان وشوارعها، ویتضمن المشروع 135 حافلة نموذجیة بكلفة 18 ملیون دینار، حیث أكدت الأمانة أن المشروع سیعمل بإمكانات حدیثة من حیث طریقة الدفع التي ستكون إلكترونیة بالاعتماد على بطاقات الدفع القابلة لإعادة الشحن والتي یمكن الحصول علیها من نقاط البیع المنتشرة، كما یتم إعادة شحنها بسهولة وبسرعة من نقاط مختلفة أیضاً وقالت إن المرحلة هي الأولى في خطة لتشغیل 286 حافلة مع نهایة العام 2020، وتم تشغیل المشروع من خلال 55 موقفا و33 محطة حتى اللحظة، وستتردد الحافلات على الموقف الواحد من 30 إلى 35 مرة، وتتسع الحافلات الكبیرة لـ 52 راكبا، ضمن مسارات وترددات ثابتة.
وهنا لا أذيع سرا ان اعترفت أن الفكرة رائدة وتستحق الثناء، ولكن في نفس المقام يتوجب ألا نجعلها كعاصفة تهب وتذهب سريعا، وقتها ستضاف فكرة باص عمان لأفكار أخرى أطلقت وأخذت هالة إعلامية ومن ثم خبت وانطفت ولم يعد لها ذكر.
لا شك أن النقل في الأردن بشكل عام وفِي عمان بشكل خاص كان عبر سنين خلت معضلة، لم تستطع الحكومات المتعاقبة إيجاد حلول جذرية وناجعة له، فكانت كل الحلول لحظية وغير منتجة ومتثاقلة، ولم تستطع ان تخرجنا من أزمات المرور الخانقة التي نمر بها يوميا، ولذا توسعت المشكلة وأخذت ابعادا متصاعدة.
ولذا فإن التفكير المستقبلي الجمعي هو الذي نحتاج اليه حاضرا لكي نصل لسبل حقيقية لمعالجة أزمة النقل التي نعاني منها جميعا، والازمة تلك باتت مركبة لدرجة أنها اصبحت عائقا أمام المرأة بشكل خاص في الالتحاق بسوق العمل، ودلالة ذاك أنه من غير المعقول أبدا أن تحصل الفتيات على المراتب الاولى في الثانوية العامة وكذا في الجامعات، ومن ثم تكون المرأة الاردنية هي الأقل حضورا في سوق العمل، وقد استمعت لوجهات نظر الكثير من السيدات اللواتي أكدن ان جزءا من سبب عزوف المرأة عن سوق العمل هو مشكلة النقل والمواصلات التي لا تؤمن للمواطنات بشكل خاص والمواطنين بشكل عام آلية وصول سلسة، والحق فإن النقل في المملكة مشكلة صعبة ومتواصلة، وما علينا كي نشعر بالمشكلة إلا ان نستقل باصا في شوارع عمان، وقتها يمكننا الوقوف على عمق الأزمة وتجذرها.
لسنا هنا بحاجة لمواصلة تشريح الأمور والصعوبات التي تواجه النقل، والوقوف على عمق الازمة، فالكل يعرف حجمها، واعتقد جازما ان دولة رئيس الوزراء عمر الرزاز يعرف حجمها ايضا ولديه أفكار مسبقة حولها، ولذا امام كل هذا الواقع المؤلم فإن أي حلول يتوجب أن تكون جذرية ودائمة.
وقبل أن يقول قائل إن مشروع الباص السريع الذي تعمل أمانة عمان عليه، وكذا فكرة باص عمان من المتوقع ان تسهم في الحد من الأزمة الخانقة التي نعاني منها ومن مشكلة النقل المتأصلة التي باتت تؤرق الجميع، فإنني أقف بجانب أولئك المتأملين بنجاعة الفكرة وإمكانية الحد من تلك المشكلة المتأصلة والمقلقة، وقبل التوسع بحجم التفائل فإن الواجب يدفعنا لتسليط الضوء على أمور مهمة يتوجب على الحكومة التقاطها وأبرزها أهمية إقناع المواطن أن خطوط النقل الجديدة تختلف كليا عما عانيناه سابقا، وتعزيز ثقافة النقل من خلال تأمين خط نقل سليم ونظيف ويمكن لكل الناس التعامل معه، لنرى ونأمل.