بانتظار ما ستفعلون!

يلوم البعض ارتفاع منسوب التفاؤل غير المبرر بحكومة الرئيس عون الخصاونة، أو الحكومة الثالثة خلال العام 2011.
 ربما يكون اللوم في محله، رغم أن هناك تفسيرا منطقيا لما حدث بعد حالة الشد التي عاشتها البلد منذ بداية العام الحالي، والتي ضيّقت على الجميع بدون استثناء، ولسان حال الناس يقول "كفانا توترا وقلقا وخوفا على مستقبلنا".اضافة اعلان
والمشكلة ليست في الايجابية بل في الإفراط فيها، خصوصا وأن الأيام التي أعقبت قرار التكليف شهدت أكثر من حادثة أعادت الناس خطوة للخلف، كان آخرها تصريح النقابات المهنية حول تجاهل الخصاونة لها في مشاورات التشكيل كلاعب في المشهد المحلي، الأمر الذي أيقظ هواجس حول فرص نجاح الحكومة.
للأسف، لم ترتق التشكيلة الحكومية لمستوى التوقعات، وهذه المرة لأسباب مختلفة ليس لها علاقة بتدخل جهات بعينها في تحديد أسماء الوزراء، بل في خيارات الرئيس نفسه، والذي آثر التعيين بناء على الجغرافيا بعد أن توفرت له فرصة لم تتوفر لرؤساء سابقين لم يعلموا بأسماء وزرائهم إلا عند حلف اليمين!.
إذن، الرئيس أضاع فرصة ذهبية في منح قيمة مضافة لحكومته باستثمار الجو العام، خصوصا وأن معايير الاختيار لم ترق إلى مستوى الأزمة المحلية؛ إذ يخلو فريقه من الأسماء السياسية ذات العيار الثقيل بحيث تساعده على حمل هموم المرحلة وضغوطاتها.
لكن ضعف التقييم لا يعني بدء الهجوم على الحكومة، فكلنا نتطلع لنجاحها، وليس بالضرورة أن تكون أسماء الفريق مدعاة للقنوط، فحساسية المرحلة وإدراك عواقب الفشل من جديد يفرض على الجميع الاستمرار في الدفع باتجاه الإصلاح الذي لم يعد ممكنا تأجيله أكثر.
محاولة التدقيق في أسباب الفتور تجاه كل الحكومات تتصل بشكل وجيه بأسس وآليات تشكيل الحكومات، التي لم تعد صالحة للاستعمال في هذا الزمان الذي تتعطش فيه الشعوب العربية للحرية والكرامة والعدالة التي افتقدتها على مدى سنوات طويلة.
وبالمحصلة سيقتنع الجميع أن بقاء الحال من المحال، وان حيثيات الحالة والوعي السياسي، الذي بدأ بالتشكل لدى المجتمع وليس المقصود هنا المعارضة التقليدية، بات يحتاج إلى عقلية مختلفة ونوايا إصلاحية حقيقية، تستجيب لمطالب المجتمع. والى أن نصل إلى قناعات مشتركة لدى الدولة والشارع بضرورة إدماج المجتمع بشكل حقيقي غير مزيف في شؤونهم، ستظل الحكومات تلقى مصيرا واحدا، أساسه عدم إحساس الناس بدورهم في اختيار هذه الحكومات ضمن عمل سياسي حقيقي، باستثناء التوجه إلى صناديق اقتراع مزورة، وانتخابات بلدية لا توفر لهم الحد الأدنى من مستوى الخدمات اللائق. ثمة معياران للنجاح.. الأول سياسي، ويتطلب برنامجا واضحا، تفاصيله ترتقي لتطلعات الحراك الإصلاحي الذي يطالب باستعادة الولاية العامة، ورحيل مجلس النواب، ووضع قانون انتخابات حضاري والالتزام بالرسالة الملكية المتعلقة بطبيعة عمل جهاز المخابرات ودوره في احترام حقوق الإنسان والحريات.
المعيار الثاني يرتبط بحماية المال العام ومعالجة الاختلالات في الموازنة العامة بما يحمي المال العام ويخضعه للرقابة، ووضع حزمة من التشريعات التي تكرس عملية المحاسبة وعلى رأسها قانون "من أين لك هذا"؟.
حتى لا نتهم بالسلبية ومراعاة للمصلحة العامة سنؤخر الحكم على الحكومة الجديدة رغم الحالة الضبابية التي ساقتها تشكيلة الحكومة بانتظار نتائج العمل على الملفات السابقة.