بايدن وعامه الأول رئيسا

خالد دلال قد يكون أهم إنجاز للرئيس الأميركي، جو بايدن، وعبر التاريخ، هو إطاحته بسلفه الجمهوري الذي أثار الجدل حول العالم شرقا وغربا، بشخصيته وسياساته غريبة الأطوار، دونالد ترامب. وهو الإنجاز الذي سيسجل لبايدن مدى الحياة في عيون الكثير من البشر. أما إذا نظرنا لما قام به الرئيس الديمقراطي عالميا، وخلال عام منذ توليه السلطة، فإن كثيرا قد يقال حول أدائه، بين مقتنع وغير ذلك. أردنيا، وهذا ما يهمنا في المقام الأول، جاء وصول بايدن إلى سدة البيت الأبيض علامة فارقة لصالح تعزيز العلاقات الأردنية-الأميركية، التي يرى بعض المحللين أن الفتور قد شابها خلال فترة ترامب، تحديدا بسبب موقفه من القضية الفلسطينية وتضييقه على الشعب الفلسطيني ووقف المساعدات لهم، والأسوأ قيامه، وعبر كبير مستشاريه وصهره، جاريد كوشنر، بإخراج صفقة القرن المجحفة بحق الشعب الفلسطيني، التي ولت بلا رجعة برحيلهما. كذلك جاء فوز بايدن عاملا معززا للمكانة التاريخية والاحترام الكبير للأردن، الذي دأبت الإدارات الأميركية؛ ديمقراطية كانت أم جمهورية، على تقدير مواقفه الداعمة دوما لأمن واستقرار الشرق الأوسط. وليس أدل من ذلك من قول بايدن لجلالة الملك عبدالله الثاني، خلال قمة الزعيمين في واشنطن العام الماضي: “لطالما كنتم إلى جانبنا، وستجدوننا دوما إلى جانبكم”. وللدلالة على أن العلاقات بين الحليفين تعيش أحسن حالاتها، فقد جاءت المباحثات المثمرة، التي عقدها مؤخرا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، أيمن الصفدي، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، التي ركزت على “مذكرة التفاهم الجديدة التي يعمل البلدان على توقيعها لتحل محل المذكرة السابقة، التي ينتهي العمل بها نهاية شهر أيلول المقبل”، التي أشار إليها الصفدي، بقوله: “إن الدعم الذي ستؤطره المذكرة الجديدة سيكون أساسيا في دعم الإصلاحات الاقتصادية الواسعة التي أطلقتها المملكة”، علما أن الدعم الأميركي إلى الأردن العام الماضي وصل إلى مليار و650 مليون دولار. إقليميا، لم تكن الإدارة الأميركية الحالية بحجم الآمال الكبيرة فيما يتعلق بإحياء جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولم تخرج التحركات الأميركية عن تأكيد أدبيات حل الدولتين سبيلا لإنهاء الصراع، بعيدا عن وجود جهود فعلية على الأرض. وما يزال الجمود سيد الموقف، في الوقت الذي يستمر فيه قادة إسرائيل في سياساتهم الاستيطانية التوسعية. أما القرار الذي شكل صدمة للكثير من المراقبين في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، فهو الانسحاب الأميركي من أفغانستان بطريقة أقل ما يقال فيها إنها كانت فوضوية وغير متوقعة استراتيجيا وتكتيكيا، لتترك أفغانستان وشعبها من جديد في قبضة طالبان وصراع مع المجهول. ويأتي الانشغال الأميركي، عوضا، في السعي دبلوماسيا لإعادة ترتيب الاتفاق النووي مع إيران الذي كانت من أولويات إدارة ترامب الانسحاب منه، إلا أنه حتى هذا الملف لم يصل إلى الاستقرار الذي يرسل الطمأنينة لحلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي، بل حكمه التردد إلى درجة كبيرة، وهي السياسة الأميركية نفسها غير الواضحة على الجبهة اليمنية. دوليا، لم يحظ ملف دعم حقوق الإنسان والديمقراطية بالاهتمام الفعلي المطلوب أميركيا، وبقي التركيز محصورا في السعي لكبح نفوذ الصين، باقتصادها القوي، وروسيا، بقوتها العسكرية، على مختلف الجبهات، عبر تعزيز التحالفات مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. أما تفاصيل ذلك فهي كثيرة، والمقام لا يتسع للخوض فيها. ومع كل ذلك، فقد تكون جهود تصدي إدارة بايدن لوباء كورونا وإنقاذ الاقتصاد الأميركي من تبعات ذلك، وردم الانقسامات في المجتمع الأميركي، التي أججها ترامب، عذرا للانشغال عن قضايا عالمية كبرى. وقد يحمل المستقبل القريب اشتباكا إيجابيا أكبر للولايات المتحدة في قضايا المنطقة والعالم دعما للأمن والاستقرار. والأمل بهذا يحدونا جميعا، خصوصا وأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة لها تأثير قوي على أمنها القومي كما يعلمنا التاريخ.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

اضافة اعلان