بث التفاؤل

على النقيض من العامين 2010 و2011، تبدو المؤشرات الاقتصادية اليوم أفضل حالاً بالنسبة للحكومة. ولعل ما ينقص الجميع الآن هو تنشيط الاقتصاد ودفع عجلة النمو، سعياً إلى تحقيق التنمية المطلوبة.اضافة اعلان
خلال الأسبوع الماضي، بث أعضاء جمعية رجال الأعمال الأردنيين بعضاً من معاناتهم لمحافظ البنك المركزي د.زياد فريز، لاسيما تلك المتعلقة بأسعار الفائدة، بعدم قيام البنوك بمجاراة تخفيضات "المركزي" هنا، والتي بلغت تراكميا 1.25 % . وهو الأمر الذي يعي المحافظ فريز أهميته -إلى جانب عوامل أخرى- في دفع تدفق الاستثمارات، وما يصاحبه من توفير فرص عمل.
لكن على أرض الواقع، يبدو أن تداعيات الظروف السياسية في المنطقة هي التي تصنع تأثيراً أكبر من سعر الفائدة، لأن حالة عدم اليقين تؤثر على رجال الأعمال أكثر مما يفعله تخفيض ربع نقطة أو نصف نقطة مئوية للفائدة. ولعل خير دليل على ذلك ما يحدث في بورصة عمان التي تتحرك في نطاق ضيق. فعلى الرغم من إعلان بعض الشركات عن نتائج مالية جيدة، إلا أن التفاعل مع البورصة يبقى ضعيفاً، والشهية للاستثمار فيها سيئة.
وإلى جانب ضعف الشهية، ثمة مشكلة أخرى تواجهها بورصة عمان، تتمثل في اتجاهات فقدان الثقة بالأوراق المالية، والتي نجمت عن المصائب التي ظهرت في شركات مساهمة عامة، وفقدان الكثيرين لمدخراتهم جراء ضعف إدارات تلك الشركات، وافتقارها للممارسات الفضلى في إدارة دفة مؤسساتها.
عندما يتعلق الأمر بالبنوك، فإن السيولة هي التي تشكل الشغل الشاغل لصانع السياسة النقدية، في ظل بحث البنوك عن العميل الجيد. ولذلك، جاء الإطار التشغيلي للسياسة النقدية وإعادة هيكلة أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، من أجل تحريك المياه الراكدة (أي السيولة الفائضة) داخل شرايين الاقتصاد؛ فيما بين البنوك نفسها بالدرجة الأولى. وقد ظهرت ملامح قد تشي بالتغيير في تركيبة هيكلية السيولة الفائضة. فعند المقارنة مع الفترة التي كانت قائمة قبل عقد من الزمن، نجد أن مصرفين هما الأكبر في السوق المحلية، لم يعودا يمتلكان 90 % من السيولة، كما كانت الحال لفترة طويلة. إذ تشير النسبة الحالية لتركيبة السيولة الفائضة إلى أن أكبر مصرفين في البلاد يمتلكان نحو 70 % فقط من السيولة الفائضة.
وليس النقد هو الضرورة حتما، بل اقتراح الحلول ودعم المجتهدين وانتظار النتائج، ما دام الهدف الأسمى هو صالح الاقتصاد الوطني، وذلك بدلا من التمترس وراء أفكار مغلقة.
من هنا، فإن هدف الإطار التشغيلي في السياسية النقدية هو تقليل اعتماد البنوك على نافذة الإيداع وتحفيز عمليات الإقراض فيما بينها. وهو أمر يظل -من الناحية الاقتصادية- أكثر جدوى من العائد على نافذة الإيداع، والبالغ 1.75 %. وللأمانة، فإن تحريك السيولة وتشجيع عمليات الإقراض بين البنوك، ليسا طريقاً معبدة بالورود، لأن المنافسة في القطاع المصرفي قائمة على أشدها، ويريد كل من يحقق شيئاً أن يحتفظ به لنفسه.
إن ما يفعله البنك المركزي في الآونة الأخيرة، هو بذل الجهود الحثيثة لتحريك السيولة. وقد حقق البنك إنجازاً كبيراً حين استطاع المحافظة على جاذبية الدينار بعد "الربيع العربي". واتخذ  سلسلة من الإجراءات التي أفضت إلى التحول من سياسية نقدية انكماشية، إلى أخرى توسعية يقودها البنك حالياً بمنهجيات جديدة، لغاية إحداث التغيير نحو الأفضل.