بدون كمامات..

كما تلقي العروس ضمّة الورد “المسكة” التي تحملها خلال مراسيم الزفاف معلنة انتهاء فصل عزوبيتها ومستقبلة اللحظات الأولى من دخولها للحياة الزوجية يتطلع الناس حول العالم اليوم إلى اللحظة التي يقذف فيها الجميع كماماتهم في الهواء معلنين تحررهم من مخاوف كوفيد 19 الذي هيمن على حياتهم وسلب البعض أرواحهم وأخاف البشرية خلال هذا العام المشؤوم. فهل سيتحقق الحلم الذي يراودنا العام القادم أم أن المسألة ستطول؟ الحقيقة المرّة أن لا أحد يعرف فالصحة العالمية تحذر وبوريس جونسون يعلن أن الفيروس يطور تكتيكاته وأساليبه ونحن ننتظر رحمة رب العالمين. مع نهاية كل عام والاستعداد لاستقبال العام الجديد، تقف الدول والمؤسسات والأفراد مطولا عند إنجازاتها في ذلك العام، وتتأمل النجاحات التي تحققت وتنظر بإمعان عند الأخطاء والعثرات ويدور في خلد المراجعين الكثير من الأفكار والأحكام وقد يكتشف البعض متأخرا فداحة ما قام به أو ما تجاهل الانتباه له. في مثل هذه المناسبات يقدم الجميع لأنفسهم وربما للغير مراجعة تفصيلية دقيقة تحوي خلاصة النجاحات والإخفاقات التي تحققت أو لم ينجحوا في تحقيقها. في تاريخ بلادنا التي ستودع المئوية الأولى وتلج إلى مئويتها الثانية بعد أيام هناك الكثير من القضايا والأحداث التي حصلت هذا العام بعضها اعتيادي والآخر نادر الوقوع وبالغ التأثير. إلى جانب العشرات من الأحداث التي مرت بها البلاد كانت جائحة الكورونا والطريقة التي تعاملنا معها والتغيرات التي حدثت في المنهج والطريقة والإجراءات أشبه ما تكون بمناورة حيّة تكشف عن طرق تفكيرنا وأساليب تخطيطنا وأسرار نجاحاتنا وأسباب إخفاقاتنا والتداخلات التي تؤثر على القرارات المتخذة وأساليب التنسيق والعمل المشترك وكل ما يتعلق بذلك ويتولد عنه من أخطار ومخاوف وآلام. في بواكير انتشار الجائحة سعد الأردنيون بإجراءات الدولة وقدرتها على الضبط والسيطرة والحماية فأبقت على أعداد الإصابات في الحدود الدنيا والوفيات بمعدل يقل بكثير عن المعدلات المسجلة في أكثر بلدان العالم تقدما طبيا وصناعيا وإنفاقا على الرعاية والحماية لمواطنيها. الفخر والسعادة اللذان هيمنا على المزاج الأردني بين آذار وتموز تبددا كنتيجة لحدوث الاختراقات وتزايد الإصابات وتسارع معدلات التفشي التي راكمت أعداد الإصابات والوفيات وجعلتنا أقرب إلى أكثر بلدان الإقليم معاناة من الجائحة وتكبدا للخسائر في الأرواح. في الأردن اليوم يصعب أن تجد مدينة أو قرية لم يدخل لها الوباء، فقد أحس الجميع بخطورة الجائحة وشراسة مسببها وتبين للجميع عجز الإمكانات والتدابير في الحد من آثار الإصابة إذا ما استفحلت، لقد فقد الكثير منا أحبتهم دون تهيئة أو مقدمات وأصبح الموت أسرع من قدرتنا على استيعابه أو تقبل فكرة حدوثه. في كل مكان استولى الحزن على قلوبنا وأفقدنا القدرة على المواساة والتعبير، لكل الأسر والأفراد هناك حاجة إلى الخلاص من الخوف ورغبة جامحة في الحصول على فرصة جديدة وعودة إلى حياة طبيعية خالية من الشكوك والمحاذير والعدو غير المرئي الذي يتربص للفتك بكل من يصل إلى جسده. الوعود التي ضربها القادة والزعماء بأن يعملوا على إنهاء الوباء في غضون أشهر وقبل نهاية 2020 لم تفلح، والجهود التي تبذل اليوم لتخفيف منسوب الخوف وتطمين الشعوب على قرب انتهاء الجائحة تصطدم بالكثير من الأخبار والفرضيات والتحذيرات، فلا أحد يملك الإجابة على أسئلة الناس المتجددة ولا القدرة على إنهاء حالة الخوف والقلق التي تمكنت من الناس في مختلف أرجاء الكون. الأيام القليلة الماضية جددت المخاوف لدى من اعتقدوا بقرب الانفراج وعلقوا الآمال على المطاعيم التي بدأت الدول الأكثر غنى تحجز احتياجاتها منها، وتتطلع الدول الأكثر عوزا إلى اليوم الذي تكتفي به هذه المجتمعات لتنال نصيبها هي الأخرى بعد أن تتلقى الدعم المالي لتوفيرها.اضافة اعلان