بذكرى المولد النبوي.. قيم الأخلاق تتجلى وعبارات تتغنى بخُلق النبي وسماحته

تغريد السعايدة

عمان- بمعالم احتفاء واضحة؛ تتزين المنازل والأحياء والمساجد، بعبارات كلها حب واشتياق وفخر بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وتضج مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع انشادية ونثرية تتحدث عن خُلق النبي وحبه وسماحته.اضافة اعلان
ويأتي الاحتفال بذكرى المولد النبوي لهذا العام، والذي يصادف اليوم الخميس، التاسع والعشرين من تشرين الاول (أكتوبر) الثاني عشر من ربيع الأول للعام 1442 هجرية، في ظل موجات من الحب والفخر بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وذكر مآثره في الإنسانية وقبول الآخر.
ذكرى المولد النبوي نابعة من محبة المسلمين للرسول الذي كان خاتماً للرسالات السماوية، وجاءت دعوته لكل زمان ومكان، وعلى مدار عقود، جعلت من النبي عليه السلام قدوة في المحبة والتعامل والتعايش بين مختلف الديانات السماوية.
مختلف الدول الإسلامية تحتفي بهذه المناسبة بطرق مختلفة وطقوس متعددة، حيث أصدرت عدة دول فتاوى تبيح الاحتفاء بذكرى المولد النبوي والتعبير عن حب النبي والاقتداء برسالته. وفي الاردن، كما في باقي الدول الإسلامية تبدو مظاهر الاحتفال واضحة من خلال إعلان اليوم "الخميس" عطلة رسمية للاحتفال بهذه المناسبة، كما تحرص العديد من العائلات على أن تُبرز هذه المناسبة من خلال بعض من الفعاليات البسيطة داخل المنازل، او حتى بين الجيران أو العائلات الممتدة، والتي قد تتمثل بتوزيع الحلوى وبخاصة بين الأطفال، الذين يحرص الأهالي على ترسيخ محبة النبي عليه السلام والاقتداء في دواخلهم.
"لا تمنع كورونا وطقوسها من الاحتفال بهذا اليوم"، تقول سندس أحمد، التي قررت أن تجهز أكياساً صغيرة معبأة بالحلوى والسكاكر وتوزيعها على جيرانها وأطفال الحارة من خلال تواصلها معهم بشكل دائم، وتتمنى من ذلك أن تكون قد عبرت ولو بجزء بسيط عن محبتها للنبي وإسعاد الأطفال الذين باتوا يعلمون ان سبب توزيع هذه الحلوى هو "حب النبي والاحتفاء بذكرى مولده الذي يعتبر مولد الحق للبشرية جمعاء"، على حد تعبيرها.
مواقع التواصل الاجتماعي هي صورة مطابقة للواقع، والتي بدت مليئة بالصور التعبيرية وعبارات المحبة والفخر والشوق للرسول، وعرض مقاطع فيديو تعبيرية عن حياة النبي التي كانت تمهد لطريق الهداية والإسلام، ليتبادل الأردنيون والشعوب الإسلامية جميعها عبارات التهنئة بهذا اليوم.
يقول عبد الله عليان، شاب جامعي، انه تعمد منذ أيام ان يطرز حسابه الخاص على الفيسبوك بعبارات حب النبي والفخر به والدفاع عنه، والتأكيد للعالم أجمع أن محمدا عليه الصلاة والسلام هو "نبي الإنسانية وحب الآخر والأخلاق الحميدة وداعٍ للسلام والإيمان".
الاستشاري الاجتماعي الأسري رئيس جمعية العفاف مفيد سرحان يقول في هذا اليوم تتجلى عظمة هذا الرسول وعظمة الدين الذي جاء رحمة للعالمين، وأن الأخلاق الحميدة الفاضلة سمة من سمات المجتمعات المتحضرة وهي ضرورة للأفراد والجماعات والأمم، فهي الأساس الذي يقوم عليها بقاء الأمم واستمراريتها لأن الالتزام بالأخلاق يعني قوة المجتمع ومنعته، أما انهيار الأخلاق وانتشار الفساد بكل أشكاله فانه يؤدي إلى الضعف والانهيار. والأخلاق مهمة للفرد كما هي مهمة للمجتمع والدولة، بحسب سرحان، فهي العنصر الأساس في إنشاء الفرد الجيد والأسرة السليمة القائمة على المودة والرحمة، كما هي أساس بناء المجتمع الراقي الذي يتصف بالتماسك والتكافل والتعاون. وكذلك الدولة المتقدمة القوية التي يكون لها شأن بين الدول، لأن الأخلاق الحميدة تساهم في تنمية الشعور الجماعي بالآخر في جميع الظروف، وهي ايضا تساهم في تنظيم العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض، مما يؤدي إلى قوة المجتمع.
ووفق سرحان، فإن الأخلاق الحميدة تقوي العلاقات بين الأفراد والأسر وتنظمها وتقوي أواصر التعاون التماسك، وتزيد من الألفة والمحبة بين الجميع، فالأمة التي تبنى على مكارم الأخلاق تتقوى إرادتها وتقبل على العمل والعطاء والإنجاز فتتقدم وتزدهر وتتطور، حيث نستذكر هذه المعاني ونحن نعيش ذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
كما أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ أكد هذا المعنى ولخص رسالته "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ، وهي دعوة لنا جميعاً أن نتحلى بالأخلاق الحميدة في جميع مجالات حياتنا لأن في ذلك العزة في الدنيا والفوز في الآخرة، حيث يقول الرسول "إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة أحسنكم أخلاقاً"، والخلق الحسن أثره كبير في الدنيا وفي الآخرة حيث يقول الرسول "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن من خلق حسن".
ومع انتشار جائحة كورونا في العالم أدرك الجميع قيمة الأخلاق سواء على مستوى الأفراد أو الأسر والمجتمعات أو الدول، فتحمل المسؤولية قيمة عظيمة وهي مطلوبة من الجميع وفي ظرف انتشار الوباء مهمة الفرد والمسؤول، وقد سبق الرسول عليه الصلاة والسلام في تأكيد هذا المعنى بقوله "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وإن كانت المسؤولية درجات إلا أنها مطلوبة من الجميع.
وفي ظل ما نعانيه في هذا العالم، على الإنسان ان لا يقبل أن يكون سبباً في الضرر بالآخرين أو نقل العدوى لهم، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وهذا بحسب سرحان هي من الأخلاقيات النبوية التي يجب الاقتداء بها، وهذا يحقق العدل والمصلحة للجميع، ولا يميز بين شخص وآخر وإن كان ذلك مطلوبا من الأفراد فهو مطلوب أيضاً من المجتمعات والدول.
كما يصف سرحان أن هذه هي الترجمة العملية لمعنى الإنسانية التي تتطلب التعاون الإيجابي لمصلحة الجميع مع الالتزام بالضوابط الأخلاقية والقيم، ومن أخلاق الرسول العفة والطهر وهي معاني عظيمة وهي لا تعني فقط عفة وطهر الجسد بل هي عفة اللسان وطهر السلوك الذي لا يسيء للآخر فيتعامل معه باحترام حتى لو خالفه الرأي، فالحوار والحجة والإقناع دون إكراه أو إساءة، ومن أخلاق الرسول العدل في التعامل مع الجميع وعدم الظلم والاستبداد وهي أخلاق وقيم ينبغي اتباعها في كل مسارات الحياة.