بركات تغير حياة طفلها وأقرانه من ذوي الإعاقة وتمنحهم الأمل

Untitled-1
Untitled-1

منى ابو حمور

عمان- لأنها الأم بقلبها الذي يفيض حبا؛ نذرت كل حياتها من أجل طفلها وشاهدت الحياة بعينيه اللامعين، أخذت عهدا على نفسها أن تصل به إلى بر الأمان، وأن تكون سندا وقوة وحماية له، فكانت الشمعة التي تنير طريقه وترسم ملامح مستقبله.اضافة اعلان
قدر الأربعينية وفاء بركات أن تكون أما لطفل من ذوي الإعاقة، غير مجرى حياتها ووضعها على مفترق طرق لتجابه كل شيء وحدها بعد أن تخلى زوجها عن طفله.
انفصال الأربعينية بركات عن زوجها بعد أن عصفت المشاكل بزواجهما، خصوصا وانه لم يتقبل وجود طفل يعاني من إعاقة عقلية في المنزل، زاد الحمل عليها وجعل مشوارها أصعب.
رزقها الله بطفلها سمير، منحها معه القوة والشجاعة، فقاومت العجز وقلة الحيلة، ورافقته إلى مركز سيدة السلام لذوي الإعاقة وبقيت ملازمة له لتغير مجرى حياته بقوة إرادتها وتصميمها.
ملأت المكان بحنانها وعطفها، وكانت مثالا يحتدى به للعديد من الأهالي الذين تعلموا منها الصبر والمثابرة.
استطاعت أن تجني بركات التي تسكن وطفلها سمير في منطقة الجيزة، ثمار تعبها، واستحقت جائزة الأم المثالية في الكويت بعد أن قام مركز سيدة السلام بترشيح اسمها كأفضل أم غيرت مجرى حياة طفلها، وأطفال غيرها وأن تحدث فرقا حقيقيا في المجتمع.
جائزة "الأم المثالية" تستهدف أمهات أطفال ذوي الإعاقة، إذ تتناول مشوار الأم مع طفلها والإنجازات التي حققتها معه وكيف تمكنت من تطوير حالته وتجاوز الصعوبات والتحديات، والمساعدات والدعم المعنوي الذي تقدمه للأمهات اللواتي ممن لديهن أطفال من ذوي الإعاقة.
تقول "سبب دخولي في مجال العمل مع ذوي الإعاقة طفلي الوحيد سمير الذي ولد ولديه إصابة إعاقة عقلية شديدة"، نذرت حينها بركات وقتها كله في صقل شخصيته وتطوير حالته الصحية للأفضل، فواجهت صعوبات زواجها الفاشل، فالأب غير متقبل لوجود طفل من ذوي إعاقة في البيت، لذلك كانت السند الوحيد له.
قررت بعد ذلك تسجيله في مركز سيدة السلام في منطقة ناعور
وبدأت مسيرة العمل التطوعي في نفس المركز. كان لهذا المركز دورا فيما وصلت بركات إليه، وبعد رصدهم لشغفها في العمل التطوعي داخل المركز وقدرتها على التعامل مع أطفال ذوي الإعاقة قدموا لها يد العون وأخضعوها لدورات منتسوري ودورة توحد حتى أصبحت مساعد معلم في المركز.
كانت بركات تقوم بزيارات منزلية لأسر ذوي الإعاقة في المركز لتثقيف الأهالي وتعليمهم كيفية التعامل مع أولادهم برفقة خبراء من المركز، فضلا عن تدريبها لذوي الإعاقة من الأطفال وتعليمهم الزراعة أو ما يطلق عليه "ماقبل المهني"، للأطفال من عمر 11 سنة فما فوق.
وتقوم بركات من خلال حصص الزراعة تعريفهم على أنواع النباتات وكيفية زراعتها والتفريق بين النباتات الضارة والنافعة وزراعتها في بيوت بلاستيكة مخصصة لهم.
مسيرة عمل لم تخل من المتاعب لكنها تكللت بالنجاح، من خلال دعم المركز ووزارة التنمية التي كان لها دور كبير في اختيارها الأم المثالية، فقد عانت الكثير وتمكنت من جعل حياة سمير مليئة بالفرح والنجاح والإرادة، إذ رفضت الزواج لأجله وبقيت ملازمة له.
وتصف بركات تكريمها في دولة الكويت بالرائع، باعتبارها الأم المثالية، إذ حظيت بزيارة لمركز الخرافي، لذوي الإعاقات الذهنية الذي يقدم خدمات متقدمة جدا للأطفال من عمر 12 سنة فما فوق في القطاع المهني، حيث يقوم أطفال المركز بتسويق منتجاتهم وفي اليوم الثاني كان التكريم في دولة الكويت بحضور دولي وعربي مشرف جدا.
واجهت بركات خلال مسيرة عملها الكثير من المصاعب والعقبات لعل أهمها غياب ثقافة الأم بكيفية التعامل مع ذوي الإعاقة والصعوبات المادية، وعدم توفر العلاج الطبيعي في المستشفيات الحكومية وغياب شبكة مواصلات آمنه ومريحة للتنقل بين المراكز.
تقول "لا يتوفر أجهزة بأسعار مناسبة للأطفال من ذوي الإعاقة"، فبدأت باستصلاح الأجهزة التي يحتاجها ابنها بشكل يدوي كجهاز الوقوف، الجهاز المستقيم و جهاز أثقال الأرجل، وذلك في مساحة سطح البيت حتى توفر له إحتياجاته بأقل التكاليف وتوفر عليه عناء الخروج من المنزل.
تواصل بركات الدائم مع أهالي الأطفال ومساندتها للأمهات جعلها أكثر قربا منهن وأكثر معرفة وإحساسا بألمهن، مطالبة وزارة التنمية الإجتماعية والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين أن يكون سندا لهن، كذلك دمج الأطفال في التعليم الحكومي بشكل فعال وتقديم الخدمات اللازمة للأطفال وذويهم وتثقيفهم بآليات التعامل مع أبنائهم، لأن ذلك هو نصف النجاح.
تقف بركات اليوم أمام تحد آخر في البحث عن مركز جديد لإبنها الذي سينهي دراسته في مركز سيدة السلام مع نهاية السنة، مناشدة أهل الخير الدعم والمساعدة لتتمكن من إيجاد مركز مناسب لابنها يضيف له ويطور شخصيته ويزيد على نجاحه نجاحا.