بركة حمراء ومياه سوداء.. صرختان لـ"إحياء" البحر الميت

مياه سوداء في منطقة البحر الميت - (الغد)
مياه سوداء في منطقة البحر الميت - (الغد)

حابس العدوان

البحر الميت - يرى بعض المختصين بأن ما يحدث من متغيرات وظواهر في منطقة البحر الميت، تجلت خلال فترة وجيزة بالمياه الحمراء في إحدى البرك القريبة منه، وقبل أيام مجرى مياه سوداء تصب فيه، ما هي الا صرخة لانقاذه من الجفاف.اضافة اعلان
فما ان تداول ناشطون مقطع فيديو للمياه السوداء، وهي تصب في البحر الميت، زعم ناشره بانها نفط، حتى بدأت التخمينات والنظريات تنتشر عن ماهيتها، بخاصة بعد أقل من شهر على ظهور بركة ماء حمراء على بعد 500 م منها.
أمين عام سلطة وادي الأردن بالوكالة المهندسة منار محاسنة، قالت من السابق لاوانه الحديث عن ماهية هذه المياه، ومعرفة مكوناتها قبل التأكد منها مخبريا، وسيكشف عن نتائج الفحوصات حال ظهورها.
وأضافت محاسنة، ان فريقا مختصا من سلطة وادي الأردن، كشف على الموقع، وأخذ عينات منه، أرسلت إلى مختبرات الوزارة لفحصها مخبريا، لمعرفة ماهيتها.
وأشارت إلى أن المؤشرات الأولية، تدل على أن المياه الموجودة في الموقع، عبارة عن طين ووحل أسودين، موضحة ان مكان المياه يقع في المنطقة بين وادي الموجب وقرية حديثة في لواء الأغوار الجنوبية بمحافظة الكرك، وهو قريب من الموقع الذي ظهرت فيه بركة المياه الحمراء قبل أسابيع.
ويؤكد مواطنون ان منطقة البحر الميت، تشتهر بطينها الأسود الذي يستخدم على نطاق واسع علاجيا، بخاصة في المنتجعات وشواطئ البحر الميت، مشيرين إلى أن امتزاج الطين بالمياه، سبب وراء تلون المياه العذبة باللون الأسود.
ويؤكد نقيب الجيولوجيين الأردنيين صخر النسور، ان النظرية الأقرب لظهور المياه السوداء التي تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، هي أنها عبارة عن طين البحر الميت الذي جرفته المياه، ووصلت إلى شواطئه، مشيرا إلى أن ما يحدث في منطقة البحر الميت من ظواهر ومتغيرات، ما هي الا صرخة لانقاذه من الجفاف.
ويضيف ان الانخفاض الحاد في منسوب البحر الميت، حتما سيكون له انعكاسات وسينتج عنه متغيرات على أرض الواقع، مشددا على ضرورة العمل على مختلف الصعد لانقاذه، ووضع حد لانخفاض منسوبه المتسارع.
وكان رئيس قسم مشاريع النفط في وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الأردن المهندس بهجت العدوان، بين في تصريحات صحفية، انه من المستحيل أن تكون المياه السوداء في منطقة البحر الميت نفطا.
وأضاف العدوان ان تلون المياه بالأسود، يأتي نتيجة اختلاط المياه العذبة بطين البحر الميت الأسود، قبل تسربها من بين الصخور، لتصب في البحر الميت ورائحتها الكريهة أكبر دليل على ذلك.
وأكد أن النفط وان كان موجودا، فسيكون على أعماق كبيرة، ولا يظهر على سطح الأرض، داعيا المواطنين إلى عدم التسرع بإصدار الأحكام المسبقة حول ظهور النفط.
يأتي ذلك بعد أقل من شهر على ظهور بركة مياه حمراء في المنطقة نفسها، قامت على اثرها سلطة وادي الأردن بإرسال فرق فنية متخصصة، لأخذ عينات منها وارسالها للفحص المخبري.
وقال إنه تبين لاحقا، وفق إعلان للسلطة، أن معدن المنغنيز وراء تلون بركة المياه التي ظهرت باللون الأحمر، وأن نتائج فحوصات المياه الحمراء أظهرت وجود المنغنيز بكميات عالية، وأنها لا تشكل أي خطورة.
ويشير الرئيس التنفيذي لجمعية اصدقاء البحر الميت زيد سوالقة، إلى أن الطين الأسود مشهور جدا في منطقة البحر الميت، ويوجد بكثرة تحت تراب الشواطئ وداخل مياه البحر، ويستخدمه الزوار والمتنزهون لخصائصه العلاجية، وهو السبب وراء تلون المياه العذبة المنحدرة من الجبال غالبا.
ويؤكد ان انخفاض منسوب مياه البحر، قد ينتج عنه مثل هذه الظواهر الجديدة، بخاصة وانه كلما انخفض منسوب المياه انحدرت اليه المياه العذبة من المناطق المجاورة، وهو ما أدى إلى عدة ظواهر سابقة كالحفر الخسفية التي حدثت في منطقة غور حديثة قبل سنوات.
ولفت إلى أن الجمعية اطلقت منذ سنوات حملة "أنقذوا البحر الميت"، للحفاظ على الخصائص الطبيعية للمنطقة، وتحديدا وان منسوب البحر الميت ينخفض بمعدل متر واحد سنويا.
وبرغم ذلك، يقول السوالقة إن البحر الميت يتحلى بخصائص شديدة الغرابة، بينها إطلاق (‏الاسفلت)‏ الذي تطفو كتل منه على السطح من وقت لآخر؛ ففي سنة 1905،‏ افادت المجلة الدورية عالم الكتاب المقدس‏ (‏بالانجليزية)‏ أن البحر الميت، لفظ على الشاطئ العام 1834 قطعة من الحُمر تزن حوالي 2.700 كلغم.‏ وهذه المادة هي "أول منتج نفطي استخدمه البشر"،‏ وفق مجلة عالم ارامكو السعودية في عددها الصادر في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏/‏كانون الأول (‏ديسمبر)‏ 1984
ويضيف ان المصادر التاريخية، تذكر ان البحر الميت يعد المصدر الأساسي والمهم في إنتاج مادة القار (الإسفلت/ مادة سوداء) في الشرق، فقد ذكر ديودور أن الأردنيين الأنباط كانوا يأخذونه من البحر بكميات كبيرة، تتراوح بين عشرة آلاف إلى ثلاثين ألف قدم مكعب في السنة، وقد صدر القار من الأردن إلى مصر تحديدا في فترة مبكرة بين عام (3900 – 200 ق.م) وذلك قبل استعماله في التحنيط.