برلمانيات يتمسكن برفع مقاعد "الكوتا" وحق النساء باقتصاد مستقل (فيديو)

Video thumbnail for youtube video njwmuc8z62c
Video thumbnail for youtube video njwmuc8z62c

هديل غبّون

عمّان – شكل تراجع التمثيل النسائي في البرلمان التاسع عشر، باقتصاره على المقاعد الخمسة عشر المخصصة للكوتا، تحديا استثنائيا أمام النائبات الجديدات، لتقديم أداء أفضل وأكثر تأثيرا باعتبارهن تحت دائرة الضوء، فيما رأى بعض ممن تحدثن لـ"الغد" أن مقاعد الكوتا هي "وسيلة وليست غاية لتمكين وصول النساء إلى المواقع القيادية"، مطالبات بتخصيص مقعد كوتا لكل دائرة انتخابية في المملكة.

التنمر ضد الناشطات والسياسيات: محاكمات علنية وترسيخ للصورة النمطية

اضافة اعلان


وتراجعت نسبة تمثيل النساء في انتخابات البرلمان التاسع عشر إلى 11.5 %، فيما بلغت في البرلمان الثامن عشر 15.4 % إثر فوز 5 نائبات أخريات على مقاعد التنافس.


ولعل مستوى الرضا عن التمثيل النسائي حتى بعدد مقاعد الكوتا الحالي يعتبر مصدر للقلق لدى الكثير من القطاعات النسائية، خاصة وأن التمثيل النسائي عن دوائر المدن الكبرى في العاصمة والزرقاء وإربد لا يتناسب مع حجم الكتلة التصويتية فيها.


وفازت النائبة ميادة شريم (43 عاما) عن قائمة الإصلاح الوطني في الدائرة اﻷولى بمقعد العاصمة، وحصلت على 6356 صوتا، بعد خوض منافسة ساخنة بين 95 مترشحة في دوائر العاصمة الخمسة.


وتقول شريم لـ"الغد" عن تجربتها في خوض الانتخابات النيابية، إنها كانت "صعبة" بسبب ظروف جائحة كورونا، حيث لا تجمعات ولا مقرات انتخابية، إلا أن وعي الناس أسهم في تجاوز هذه التحديات وإدراكهم لهذا الوضع الوبائي، حيث انتهى ترشحها مع النائب اندريه الحواري في قائمة الاصلاح الوطني، إلى فوزهما كليهما وبردود فعل إيجابية، بحسب وصفها.

التنمر والعنف الإلكترونيان يلاحقان مترشحات للانتخابات النيابية


وعملت شريم، الحاصلة على شهادة في إدارة الاعمال، في العمل الاجتماعي العام لسنوات قبل خوض غمار الانتخابات النيابية، ومن أهمها تولي إدارة مؤسسة مجلس قلقيلية غير الربحية في 2017، اذ تمحور عملها في العمل الخيري وبرامج تمكين الشباب والتدريب والتطوير المجاني.


وعن فكرة الترشح للانتخابات، قالت شريم إنها جاءت انطلاقا من إيمانها في العمل العام والاصلاح، وأضافت "كان عملي ضمن النطاق الاجتماعي والسياسي في مؤسسة مجلس قلقيلية، ومن هنا قررت أن أتوسع في هذا العمل بشكل أكبر".


وعن رأيها في نظام "الكوتا"، أشارت إلى نظام "الكوتا" في اﻷردن هو تمييز إيجابي يصب بمصلحة المرأة ومشاركتها كصانعة للقرار، المرأة اﻷردنية في المجالس السابقة كانت قادرة على الوصول من خلال المنافسة.

لكن في هذا المجلس لم تصل أي امرأة بالتنافس، لذلك فـ"الكوتا" النسائية هي الصوت الوحيد المتبقي للمرأة طالما أن قانون الانتخاب بقي على حاله.


ورأت شريم أن هناك ضرورة ملحة لتعديل قانون الانتخاب، بما يمكن المرأة من الترشح والفوز بمقعد مستقل دون الكوتا، فيما شددت أيضا على أن توزيع الكوتا على الدوائر الانتخابية اليوم بحسب النظام المعمول به، بواقع مقعد لكل محافظة و 3 مقاعد لكل من دائرة بدو الوسط والجنوب والشمال، هو "توزيع غير عادل".


وأضافت شريم "تقسيم عمّان إلى 5 دوائر والزرقاء إلى دائرتين وإربد إلى 4 دوائر، يعني أنه يجب أن يكون توزيع مقاعد الكوتا حسب الدوائر وليس المحافظات لتكون مشاركة النساء أكبر وأكثر عدالة".


وعن أولويات عملها كنائب وطبيعة القضايا التي تحظى باهتمام أكبر لديها، قالت شريم إنها "نائب وطن وليست نائب منطقة بعينها، ما يحتم عليها الاهتمام بكل قضايا الوطن مهما كانت".


وأضافت، "لكنني مهتمة دائما ومنحازة إلى قضايا المرأة ووصولها إلى مواقع صنع القرار"، ومن القضايا الاخرى التي اهتم بها قضايا المتعثرين ماليا والمتقاعدين العسكريين.


وتولي شريم اهتمامها أيضا لقضايا النوع الاجتماعي في عملها البرلماني سواء الرقابي أو التشريعي، خاصة قضايا العنف اﻷسري والعنف ضد النساء.

وأشارت إلى أنه خلال جائحة كورونا تحديدا سجلت العديد من الجرائم بحق نساء ما يتطلب "ضبط وتشريع القوانين التي تحد من دور المرأة في الحياة العامة أو مشاركتها السياسية والاجتماعية".


وتعتقد شريم أن البرلمان الذي لم يمض عليه أكثر من 5 أشهر، ما يزال ببداية الطريق وأن هناك مسؤوليات كبيرة جدا تقع على عاتقه.

فيما رأت أن دورها كعضو في الكتلة اﻷكبر في البرلمان "كتلة المستقبل" وتضم 30 نائبا، سيكون في القريب أكثر "فاعلية".


وقالت، من الصعب تقييم تجربة الكتلة للآن لأن أغلبنا نواب جدد فيها عندما تشكّلت، ولكن في القريب العاجل سيكون لنا دور أكثر فاعلية خاصة أن هناك تقاطعات في الفكر والمنهج السياسي.


وتبدو تجربة النائب من محافظة مادبا أسماء الرواحنة (54 عاما)، أكثر تعقيدا في معركتها للوصول إلى قبة البرلمان، حيث خاضت الانتخابات النيابية في العام 2010 ولم يحالفها الحظ.

لكن إصرارها خلال عقد من الزمن وفوزها في انتخابات تجمع لجان المرأة ومن ثم مجلس محافظة مادبا دفعها إلى خوض انتخابات 2020 مجددا عن قائمة الوفاء، وحازت على ثقة 3566 مقترعا، ضمن منافسة 15 مترشحة.


وعن تجربتها في الانتخابات تقول الرواحنة، "هي تجربة أي امرأة أردنية دخلت هذا المعترك، إلا أنها بدأت مبكرا في العام 1996، عندما خضت انتخابات تجمع لجان المرأة الوطني اﻷردني.

وكانت وقتها انتخابات حقيقية وفزت كمقررة للتجمع حتى العام 2001، ثم فزت لاحقا بعضوية مجلس محافظة مادبا، التجربة ليست جديدة لكن كان عندي إصرار لمواصلة هذا المسار حتى وصلت للبرلمان".


أما عن الدوافع وراء خوض انتخابات 2020 رغم ظروفها الاستثنائية، قالت الرواحنة "اولا من أهم الدوافع معاناتي كامرأة في المجتمع اﻷردني، حيث هناك معيقات تعيق تقدم النساء وتحول دون الوصول إلى الهدف.

والمسألة الثانية أنني كامرأة أدعي أنني استطيع أن أمثّل نفسي وأن أمثل أي امرأة أردنية، ﻷنني مثال للمرأة اﻷردنية بكل معاناتها وبكل نجاحاتها وسلبياتها وإيجابياتها واقتصاداتها واجتماعياتها".


ولا تفصل الرواحنة بين الهدف كامرأة وبين هدفها كإنسان، عليه مهمة في طريق حياته عليه أن ينجزها للصالح العام من جهة وللصالح الشخصي من جهة أخرى. وقالت "البرلمان بالطبع جزء من أهدافي وليست كلها".


وأشارت الرواحنة إلى أن خوض الانتخابات الاخيرة كانت مهمة صعبة، رغم استفادتها بحسب اعتقادها من التواصل مع الناخبين على قاعدة حملة "اطرق الباب" بدلا من التجمعات الجماهيرية في ظل الجائحة، وفي وسط إقليم ملتهب بكل الاتجاهات، ما دفعها ﻷن تحسب خطواتها بدقة.


واضافت، "دخلنا للبيوت بطريقة مبسطة ضمن حملة اطرق الباب وكانت أقل تكلفة مالية، وهذا ما نفتقد له نحن القطاع النسوي، واﻷهم أعطتنا الانتخابات بصيص من اﻷمل بأنه رغم الظروف أننا ما نزال موجودين ونكافح ونستطيع إبراز حسنات وطننا".

وعن نظام الكوتا والتمثيل النسائي في البرلمان، اعتبرت الرواحنة أن "نظام الكوتا فرصة للوصول إلى مراكز صنع القرار في المجالس المنتخبة"، لكنها توافقت مع سابقتها بأن عدد مقاعد الكوتا حاليا لم يعد يمثل النساء التمثيل العادل.


وأضافت "لا بد من زيادة عدد مقاعد التمثيل النسوي في كل مراكز صنع القرار، ﻷننا نتحدث عن مجتمع متكامل والمرأة عندما تفكر بالتشريع، هي تفكر بانعكاساته وآثاره السلبية على نفسها كامرأة وعلى ابنها وعلى زوجها وعلى المجتمع كاملا، المرأة تنظر بدقة أكثر من الرجل لأي تأثيرات على المجتمع".

;feature=youtu.be


وفيما شددت الرواحنة على أن الكوتا هي خطوة تمهيدية لإيصال الصوت الحقيقي للمجتمع، قالت "فهل يعقل أن تكون ممثلات محافظة مثل العاصمة سيدة واحدة، هذا تمثيل جزئي".


وذهبت الرواحنة إلى القول "نحن كسيدات نقع تحت دائرة الضوء بشكل مختلف، فأنا يجب أن أكون متمكنة، وأحمل فكرا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ﻷنني تحت المجهر وليس أمام الوطن فقط بل امام العالم".


وأضافت "صحيح ان تجربتنا النسوية في البرلمان حديثة وأن دول العالم تقدمت علينا، لكنني أؤمن أننا نستطيع خلال الاعوام القادمة أن تكون للمرأة الاردنية بصمة لا تنسى وتأثير فعلي على الساحة وفي كل الميادين".


ودعت الرواحنة الاعلام إلى تسليط الضوء على النساء القياديات في القطاعات الاقتصادية وليس السياسية فقط. وقالت "صناعة القيادات ليس سهلة وقضية تحتاج إلى تكاتف كل الجهود السياسية والاعلامية".


وعبرت الرواحنة، عن أملها بأن يصل تمثيل النساء في البرلمان إلى الثلث، وقالت "هذا حلم ولكن من حقنا أن نحلم".

وعن القضايا التي تحظى باهتمام عملها في البرلمان، قالت الرواحنة إن اهتماماتها متعددة، منها اقتصادي لما له من أهمية في حياة كل امرأة أردنية.


وقالت "لا يمكن أن تقولي لسيدة فكري بالتشريع الفلاني أو أن تنتسبي إلى حزب وهي جائعة أو ابنها لم يذهب إلى الجامعة، وليس لديها مقدرات مالية تكفي احتياجاتها..

لابد من العمل على ان تكون المرأة اﻷردنية مؤثرة داخل الاقتصاد الوطني والقومي، وأن يكون لديها ثقل اقتصادي يحميها، وهذه واحدة من القضايا التي واجهناها في الانتخابات ﻷن واحدة من أسباب إحجام النساء عن خوض الانتخابات كان لاسباب مالية".


وأكدت الرواحنة سعيها في البرلمان إلى سن تشريعات من شأنها أن تؤمن الحماية للنساء في مختلف أماكن العمل وعلى كل المستويات.

ونوهت إلى أن من أبرز اهتماماتها اليوم تعديلات قانون العمل وإقرار مصطلح التحرش للحد منه في بيئة العمل.


وعن ذلك قالت "اليوم معروض للنقاش قانون العمل، ومذكور فيه قضية التحرش، أنا من مؤيدي تثبيت هذه الكلمة بالقانون لماذا، ﻷنني أريد أن أحمي شريحة واسعة في المجتمع ولا أنظر للقضية على أنها تخص المرأة بل ﻷنها إنسان مؤثرة في المجتمع، والكلمة ليس لها أي مانع شرعي لمن يحتج باسم الدين، وليس لها مانع عادات وتقاليد".


ولا ترى الرواحنة أن في إقرار هذا التعريف ضيرا وأن الهدف لا يتعلق بإغلاق مؤسسات بل بمعاقبة الشخص المتسبب بالفعل.


وأضافت "لا بد من النظر ﻷي قانون قبل تشريعه بإيجابياته وسلبياته ومدى تأثيره على المجتمع على المدى الطويل، ولا أنظر من زاوية ضيقة على أنه يؤثر على سين أو صاد من الناس بل على الساحة العامة، وفيما إذا كان يحق أمنا مجتمعيا ويزيد من فرص وصول النساء والشباب إلى الموقع المختلفة".


وعن التشريعات الاخرى التي تنظر النائب الرواحنة لها بعين المتفحصة، فاعتبرت أن هناك الكثير من القضايا التي من الصعب الحديث عنها دفعة واحدة،لكنها أشارت إلى ضرورة التخصصية في العمل.


وأضافت "أنا اؤمن بتحقيق الاهداف جزئيا، هناك قضية الراتب التقاعدي للمرأة على سبييل المثال التي لا تستطيع أن تورثه لابنائها وهذا حرمان في غير محله لماذا هذه النظرة وهذا ظلم في القانون ولو درسوا انعكاسه على المجتمع لما تم تشريعه على هذا النحو".


وتعتقد الرواحنة أن أصعب ما تواجهه اليوم في عملها البرلماني، هو تعطش المجتمع للانجازات خاصة القضايا الخدمية ما يعيق تركيز النواب على التشريع والرقابة فقط، ﻷن هناك إشكاليات اقتصادية على مستوى البلاد ما ينعكس على أداء النواب.


أما فيما يتعلق بالكتلة النيابية التي تنضوي فيها مقررا لها وهي كتلة المسيرة وتضم 16 نائبا، قالت إنها تجربة هي اﻷولى وتحتاج إلى تمازج كبير.

وتمنح السيدات ثقة كبيرة لتأدية دورها في البرلمان عموما، ولطرح أفكارها والتأثير داخل الكتلة ذاتها أيضا.


كما رأت أن العمل في اطار الكتلة هو فرصة للحوار والاستماع بروية، وأن وجودها في الكتلة وغيرها من النساء النواب هو وجود حقيقي وليس شكليا، ويرسخ ثقافة الحوار.

  • تم إنتاج هذا التقرير بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي. ومحتوياته هي مسؤولية "الغد" ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر الاتحاد الأوروبي.