برنامج الإصلاح الاقتصادي مع الصندوق

انتهت قبل أيام قليلة مناقشات الأردن مع صندوق النقد الدولي وتوصل الجانبان إلى اتفاق على مستوى الخبراء حول المراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته الحكومة الأردنية ويدعمه اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد".اضافة اعلان
وأبدى خبراء الصندوق من خلال التصريح الذي نُشر تفهمهم للتحديات القاسية التي لا تزال تفرضها جائحة كوفيد19 على الأردن.
الأثر الأكبر للجائحة كان على شريحة واسعة من الأنشطة الاقتصادية والحالة المعيشية للأسر، وبدا واضحا على معدلات البطالة التي ارتفعت بحوالي 5.7 نقطة مئوية في الربع الرابع من العام 2020 مقارنة مع الربع المماثل في العام 2019 لتصل الى 24.7 بالمائة وهي أعلى مستوى بطالة يسجل في الأردن تاريخياً.
وإذا ما نجحنا في السيطرة على جائحة كورونا من خلال التطعيم والالتزام بالمعايير الصحية، فمن المتوقع أن يشهد العام 2021 تعافيا بنسبة 2 في المائة، مشترطا بثلاثة عوامل رئيسية هي: عودة متأخرة للسياحة، وانتعاش في الطلب الخارجي على الصادرات الأردنية، وتبني سياسات اقتصادية محلية ملائمة.
أولوية السياسات الاقتصادية لا تزال هي التعامل مع الموجات الوبائية الجارية والتخفيف من تأثيرها الصحي والاقتصادي. فعلى صعيد السياسة المالية، يجب أن ترتكز على إصلاح الخلل الهيكلي في مصادر الضريبة، من حيث تركزها في جانب ضريبة المبيعات، وذلك بهدف إضفاء العدالة، وفي الوقت نفسه تعزيز كفاءة الإنفاق العام. وإعطاء موضوع الشراكة بين القطاعين اهتماماً أكبر في التنفيذ وخاصة في القطاعات التي تستوعب مثل هذا النوع من الاستثمارات. والهدف الاسمى أخذ خطوات تجاه تخفيض العجز في الموازنة العامة الذي بدوره سيعمل على تخفيف أعباء المديونية واستدامة الدين.
أما السياسة النقدية، فالهدف الأسمى لها هو المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي واستقرار سعر الصرف وضمان متانة وقوة الجهاز المصرفي، وهذا يتحقق من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية بفاعلية للحفاظ على حجم مناسب من الاحتياطيات الأجنبية. ومن جانب آخر، الاستمرار في الرقابة على الجهاز المصرفي وتطبيق المعايير الدولية ومبادئ الحوكمة الرشيدة.
تصريح الصندوق أشار أيضا إلى ضرورة الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية المتعلقة بتقليل تكلفة الإنتاج، وحماية الأسر ذات الدخل المنخفض، ودعم مشاركة المرأة في القوى العاملة وغيرها.
السؤال الذي يُطرح هو: "هل تعد برامج الصندوق مصممة بشكل مناسب لتقديم مساعدة فعالة إلى الدول التي تلجأ إليه، أم أنها برامج إقراض لا تهتم بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تحتاجها الدول لتخفيف معدلات الفقر والبطالة وتوزيع مكاسب التنمية بعدالة؟"
التجارب السابقة للأردن وغيره من الدول مع الصندوق أشارت إلى أن برامج الصندوق كانت قادرة على تأمين تحسينات مستدامة في ميزان المدفوعات، لضمان تسديد الدول لديونها من الصندوق، لكنها غير قادرة على تحقيق الأهداف المتعلقة بالنمو والتنمية المستدامة وغيرها.
ومن هنا يجب على صانعي القرار التنبه لهذه الحقائق التي طالما اعترف بها الصندوق في السابق، وتبني إستراتيجيات وخطط تنفيذية محلية ملائمة لتحقيق تلك الأهداف وضمان عدم تعارض برامج الصندوق مع أهدف تلك الخطط والإستراتيجيات. حمى الله الأردن.