برهان ووفد أميركي يبحثان ملف السودان.. وبومبيو يعتزم حل الخلاف قبل الانتخابات

figuur-i
figuur-i

عواصم - عاد رئيس المجلس الانتقالي في السودان، عبدالفتاح البرهان، إلى الخرطوم بعد أن اجتمع بوفد أميركي في الإمارات ناقش معه قضايا عدة من ضمنها رفع اسم السودان عن قوائم الإرهاب والسلام مع إسرائيل، وفقا لوكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا).اضافة اعلان
وأشارت الوكالة إلى أن البرهان عاد للعاصمة السودانية بعد أن أجرى محادثات مع الجانب الأميركي استغرقت 3 أيام وذكرت أن المحادثات اتسمت بـ"الجدية والصراحة".
وكشفت الوكالة أن المفاوضات بين السودان وأمريكا ناقشت قضايا عدة على رأسها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والقيود التي تفرضها واشنطن على المواطنين السودانيين.
وكان السلام العربي-الإسرائيلي ضمن القضايا الإقليمية التي نوقشت في المحادثات التي جرت في الإمارات، في إطار السعي لتحقيق الاستقرار في المنطقة وضمان حق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة، وفقا للوكالة الرسمية السودانية.
وذكرت الوكالة أن البرهان سيعرض نتائج الاجتماع على أجهزة الكم الانتقالي لمناقشتها والوصول إلى رؤية مشتركة بشأنها تحقق طموحات الشعب السوداني.
الى ذلك، دخل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في سباق مع الوقت لحلّ خلاف بلاده مع السودان وذلك قبل أسابيع على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
وكما يحصل غالباً في الآونة الأخيرة عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية، فإن إسرائيل ليست بعيدة عن الدوافع الخفية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكتب بومبيو في رسالة إلى أعضاء في مجلس الشيوخ اطلعت عليها وكالة فرانس برس، أن "الولايات المتحدة لديها فرصة لا تأتي سوى مرة واحدة لضمان أن يتم أخيرا تقديم تعويض لضحايا الاعتداءين الإرهابيين اللذين وقعا العام 1998 ونفّذهما تنظيم القاعدة ضد سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا".
وأضاف "لدينا أيضاً نافذة فريدة وضيقة لدعم الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية في السودان الذي تخلّص أخيراً من الدكتاتورية".
ويتضّمن هذا الملف إدراج السودان على اللائحة السوداء الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
وتعود هذه العقوبة التي تُعتبر عائقاً أمام الاستثمارات في هذا البلد الواقع في شمال شرق إفريقيا، إلى العام 1993. وتفاقمت الأزمة مع اعتداءي 1998 اللذين أديا إلى مقتل أكثر من مئتي شخص. وأصبح آنذاك السودان برئاسة عمر البشير المتهم بتقديم الملاذ لزعيم القاعدة أسامة بن لادن على مدى سنوات، منبوذاً بالنسبة للأميركيين.
إلا أن في السنوات الأخيرة، غيّرت واشنطن لهجتها عندما بدأ البشير بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ووافق على استقلال جنوب السودان.
وعادت قنوات التواصل مع الخرطوم في عهد الرئيس السابق الديموقراطي باراك أوباما ثم خلفه الرئيس الجمهوري ترامب. وفتحت الولايات المتحدة حتى قبل سقوط عمر البشير، حواراً لشطب السودان عن لائحتها السوداء.
وسرّعت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالنظام السوداني السابق في ربيع العام 2019، الحركة الدبلوماسية ولم يوفّر بومبيو دعمه لرئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك.
لكن المفاوضات تعثرت بسبب الملف القضائي الحساس المتعلق بدفع تعويضات لعائلات ضحايا اعتداءي 1998.
وقالت متحدثة باسم الخارجية الأميركية لوكالة فرانس برس إن وزير الخارجية بات يعتقد أن هناك حلاً في الأفق وجعل من ذلك "إحدى أولوياته الرئيسية".
وتنصّ "خطته" على أن يودع الخرطوم في حساب مجمّد، أموالاً لن يتمّ دفعها إلا بشروط في الولايات المتحدة لتعويض مقدمي الشكاوى. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن المبلغ يصل إلى 335 مليون دولار.
ومن بين هذه الشروط، شطب السودان عن اللائحة السوداء للدول الراعية للإرهاب وإقرار قانون ينصّ على "السلام القانوني" مع الخرطوم، لتجنّب ملاحقات جديدة في المستقبل.
في رسالته، يمارس بومبيو الضغط على الكونغرس الأميركي ليصوّت على هذا النصّ.
وأوضح أن "هذا القانون يجب أن يدخل حيّز التنفيذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر في أقصى حدّ لضمان دفع التعوضيات للضحايا ما إن يتمّ شطب السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب". ويعني ذلك بشكل واضح، أن إدارة ترامب مستعدة لرفع العقوبة الرمزية عن السودان قبل الانتخابات الرئاسية في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر).
وأعلن أعضاء في مجلس الشيوخ من كافة الانتماءات دعمهم طلب مايك بومبيو. لكن داخل الإدارة الأميركية، هناك قلق حيال مقاومة مسؤولين ديموقراطيين مؤثرين.
ويبرز سؤال حول سبب هذا التسرّع من جانب وزير الخارجية الذي لا يهتمّ كثيراً لشؤون القارة الإفريقية.
ويُرجّح أن يكون هناك ملف آخر مهمّ بالنسبة لإدارة ترامب خلف ملف السودان.
وتوجّه بومبيو أواخر آب (أغسطس) إلى الخرطوم في أول زيارة لوزير خارجية أميركي منذ 15 عاماً، أثناء جولة لإقناع الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ويعتزم معسكر الرئيس الجمهوري المرشح للانتخابات المقبلة، الاستفادة من الاتفاقين التاريخيين الموقعين في عهده بين الدولة العبرية من جهة والإمارات والبحرين من جهة أخرى، وهو إنجاز كان ينقص سجله الدبلوماسي الذي كلما كان أكثر تأييداً للمصالح الإسرائيلية، يُرجّح أن يكون أكثر تحفيزاً للناخبين الإنجيليين.
وبدد عبدالله حمدوك على ما يبدو الآمال الأميركية عندما أكد أن حكومته "لا تملك تفويضا" لاتخاذ قرار بشأن هذه المسألة الحساسة إلى هذه الدرجة.
لكن بحسب مراقبين عدة، فإن المحادثات متواصلة في الكواليس.-(وكالات)