“بريق” مفقود

تؤكد نهائيات أمم أفريقيا لكرة القدم “2013”، الدائرة منافساتها حاليا في جنوب أفريقيا، مدى التراجع الكبير الذي أصاب الكرة العربية في دول شمال أفريقيا، ممثلة في منتخبات كل من تونس والجزائر والمغرب.اضافة اعلان
لا نتحدث هنا عن نتائج المنتخبات الثلاثة في البطولة الأفريقية فحسب، بل الأمر يتصل بتلك الصورة الفنية “الباهتة”، التي ظهرت على المنتخبات الثلاثة في مبارياتها ضمن الدور الأول من الحدث الأفريقي، ما استدعى من بعض نجوم منتخبي الجزائر والمغرب تقديم الاعتذار وطلب الصفح من جمهور الكرة في بلديهما، عقب عجز المنتخبين عن مجرد اجتياز محطة الدور الأول من البطولة.
بعيدا عن المحصلة النهائية لمشاركة المنتخبات العربية في البطولة الأفريقية الحالية، الواقع أن “كرة” شمال أفريقيا العربية، فقدت الكثير من بريقها منذ سنوات عديدة، وتحديدا منذ أن أنهى المنتخب المغربي الشقيق مشاركته الرائعة في نهائيات كأس العالم في المكسيك صيف العام 1986.
والمؤكد، أن ثمة بونا شاسعا بين واقع كرة القدم الحالي في دول شمال أفريقيا عموما، مع ما كان عليه على امتداد عقدي السبعينييات والثمانينيات من الألفية الثانية.
في تلك الفترة، لم تكن منتخبات تونس في “مونديال الأرجنتين 1978”، والجزائر في “مونديال إسبانيا 1982”، والمغرب في “مونديال المكسيك 1986”، مجرد منتخبات “استكمال عدد” في نهائيات كأس العالم.
بل يحفظ أرشيف المونديال في تلك المناسبات، إبداعات جيل طارق ذياب “تونس”، ورابح مادجر “الجزائر”، ومحمد تيمومي “المغرب”، الذين بهروا العالم بعروض فنية راقية، كما فعل منتخب تونس تحديدا في مونديال “78”، ونتائج لافتة وأبرزها فوز الجزائر على ألمانيا في مونديال “82”، ما فرض مكانة لائقة للكرة العربية على خريطة اللعبة عالميا.
تقف أسباب عديدة وراء تراجع المستوى الفني العام لمنتخات تونس والجزائر والمغرب على وجه التحديد، منها ما يتصل باللاعبين أنفسهم، وخصوصا أولئك المحترفين في العديد من الأندية الأوروبية، إضافة الى عنوانين رئيسيين:
الأول، تفتقد المنتخبات الثلاثة في السنوات الأخيرة، “المواهب” القادرة على سد الفراغ الذي تركه اعتزال تلك النجوم، التي طرزت إنجازات عديدة للكرة في بلادها، وكذلك افتقدت الأجهزة الفنية القائمة على إدارة شؤون المنتخبات الثلاثة في الوقت الراهن، القدرة على تعويض غياب المواهب، من “توظيف” إمكانات اللاعبين في بناء فرق تراهن على استراتيجية الأداء الجماعي، في ظل ندرة القدرات الفردية.
والثاني: يتعاطى أغلبية “محترفي المنتخبات الثلاثة” مع أنديتهم الأوروبية بصورة أكثر جدية، سواء من ناحية البذل والعطاء الميداني، أو من ناحية الانضباط السلوكي، وبصورة مغايرة عما يكون عليه حالهم مع منتخبات بلادهم.