بسبب الفاتورة الباهظة للكهرباء.. جرشيون يعودون إلى مدافئ الحطب

صابرين الطعيمات

في تجربة غير مدروسة، اتجهت آلاف الأسر الجرشية خلال الأربع سنوات الماضية نحو الاستغناء عن مدافئ الحطب بالاعتماد على التدفئة الكهربائية "المكيفات"، في وقت شكل تحدي رفع أثمان الكهرباء للشرائح العليا مؤخرا إعلانا لفشل التجربة، والعودة مجددا إلى الحطب كخيار أمثل لتوفير الدفء بالمنازل.

اضافة اعلان


تجربة الأربع سنوات كانت إلى حد ما مقبولة رغم ما شابها من معيقات أقلها حدوث انقطاعات في التيار الكهربائي نتيجة أعطال سببتها المنخفضات الجوية والتي أبقت منازل بلا دفء لساعات لحين إصلاح العطل.


قبول "الدفء الكهربائي" بات الآن خيارا شبه مستحيل لدى العديد من الأسر التي ترسخت لديها قناعات بعدم جدواه وارتفاع كلفته خاصة مع رفع أسعار الكهرباء.


غير ان العودة الى مدافئ الحطب تفتح من جديد باب تأمين وقود هذه المدافئ، ومع صعوبة تأمين الحطب لقلة الكميات وارتفاع اسعاره، تعود مواد التلوث البيئي (ملابس، احذية، مواد بلاستيكية، مواد قابلة للاشتعال) الى أفران المدافئ، في واحدة من اكثر القضايا التي أثارت الجدل والمطالبات بوقف استخدام المواد الملوثة للبيئة كوقود للمدافئ.


الشتاء على الابواب، ويعني ذلك بالنسبة للجرشيين التسابق على تأمين وقود المدافئ، فيما الحصول على الحطب من مصادره الرسمية -مديرية الزراعة- أمر صعب، بعد ان استقبلت المديرية هذا العام ما يقارب من ألف طلب للحصول على الحطب، في حين أن المتوفر لديها لا يزيد على 70 طنا، والتي تكفي 70 أسرة، وفق أرقام المديرية.


في هذه الأوضاع، تعود الى الاذهان مخاوف التعدي على الاحراش، فيما اتخذت الجهات المعنية خطوات استباقية لمنع أي عمليات تعد قد تحصل خلال الايام المقبلة من خلال تشديد الرقابة التي وصلت الى حد تفتيش دقيق لأي مركبة تحمل الحطب.


ووفق رئيس قسم الحراج في مديرية زراعة جرش المهندس فايز الحراحشة، فإن المديرية قد شددت هذا العام من إجراءاتها للحد من التعدي على الثروة الحرجية التي تتزايد بداية كل فصل شتاء لغاية التحطيب وخاصة بعد ارتفاع تكاليف وسائل التدفئة الأخرى وسوء أوضاع المواطنين المادية.


وبين أن كمية الحطب التي تم بيعها مباشرة من المديرية إلى المواطنين لا تتجاوز 70 طنا هذا العام ولم تتجاوز 180 طنا العام الماضي، وهي كميات متواضعة مقارنة مع عدد الطلبات المقدمة إلى مديرية الزراعة وتقارب ألف طلب خلال عامين ونسبة المتوفر لا تغطي جزءا بسيطا من حاجة المواطنين للحطب في جرش، فضلا عن منح المواطنين أكثر من 180 رخصة لتقليم الاشجار في أراضيهم الخاصة.


وأوضح أن مديرية الزراعة تقوم بجمع الأحطاب الجافة والمتكسرة ومخلفات الحرائق من الغابات وهذا العام كانت الكميات التي جمعت متواضعة لقلة عدد العمال العاملين في فرق الاستثمار والسيطرة على عدد الحرائق وتشديد الرقابة على الحراج.


وأوضح الحراحشة أن بداية فصل الشتاء تشهد عادة تعديا على الثروة الحرجية يتمثل بتقطيع الأشجار وتقوم المديرية بمتابعة المواقع التي تتعرض للتقطيع على مدار الساعة لحماية الثروة الحرجية خاصة وأنه من المتوقع أن ترتفع حالات التعدي هذا العام نظرا للظروف الاقتصادية للمواطنين وعدم مقدرتهم على توفير وسائل تدفئة أخرى في فصل الشتاء.


وأكد أن المديرية زادت دورياتها وكثفت العمل على أبراج المراقبة وشددت العقوبات على كل متعد، فضلا عن تعاون كبير بينها وبين الجهات الأمنية بتفتيش المركبات ومصادرة أي كمية من الحطب داخلها خاصة على مداخل ومخارج الغابات، موضحا انه ولغاية الآن لم تسجل أي حالات تعد على الثروة الحرجية.


وبين أن مادة الجفت متوفرة حاليا بالمعاصر وأسعاره مناسبة وهو بديل آمن وصحي وفعال في التدفئة لاستخدامه في مدافئ الحطب.


وقال الحراحشة إن سبب تراجع حالات التعدي على الاحراش هو تشديد الرقابة من قبل كوادر مديرية الزراعة بالتعاون مع الجهات المعنية واتخاذ عقوبات رادعة بحق كل متعد على الحراج.


يقول المواطن رامي العياصرة إنه قام قبل نحو 4 سنوات باستبدال كامل وسائل التدفئة بالمكيفات الكهربائية، إلا أن استخدامها أثبت عدم قدرتها على تدفئة المنزل في حال انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، لافتا الى مواجهته للعديد من تحديات استخدام وسائل التدفئة الكهربائية وأهمها انقطاع متكرر للتيار الكهربائي والارتفاع الكبير في أثمان فواتير الكهرباء هذا العام.


وبين أنه اضطر إلى جانب استخدام المكيفات الكهربائية إلى استخدام مدافئ الكاز في أوقات المساء التي تشتد معها برودة الأجواء، ما رفع تكاليف التدفئة لتتجاوز 200 دينار شهريا، الأمر الذي دفعه الى العودة مجددا إلى مدافئ الحطب والتي يمكن أن تستبدل بالجفت والأثاث المستعمل والملابس القديمة ويمكن جمع الحطب من الأراضي الخاصة التي تحتاج إلى تنظيف.


وقال المواطن أمجد أبو زيد إن استخدام مدافئ الحطب أقل تكلفة مقارنة مع باقي وسائل التدفئة الأخرى والتي تحتاج إلى ما يزيد على 150 دينارا شهريا، أما استخدام مادة الحطب فأقل تكلفة ويتوفر بديل آخر عن الحطب وهو الجفت، فضلا عن أن المواطنين قادرون على الذهاب إلى الغابات وجمع الأغصان الجافة والمتساقطة أو الاستفادة من أغصان الأشجار التي يتم تقليمها سنويا في حقول المزارعين أو الحصول على رخصة بجمع الحطب من أراضيهم الخاصة.


ويعتقد أن تكاليف وسائل التدفئة مرتفعة جدا مقارنة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون وعجزهم عن شراء مواد الوقود ذات التكلفة المرتفعة، ما يدفعهم إلى استبدال كافة أشكال وسائل التدفئة واستخدام مادة الحطب والجفت المتوفرة في المعاصر وسعر الطن الواحد لا يتجاوز الـ 80 دينارا وسعر طن الحطب الواحد يتراوح ما بين 100-150 دينارا حسب نوع الحطب المستخدم ويحتاج كل منزل ما يقارب الى 3 أطنان خلال فصل الشتاء، خاصة وأن درجات الحرارة منخفضة جدا في محافظة جرش ولا يمكن الاستغناء عن وسائل التدفئة على مدار الساعة.


وتابع أن المواطنين وفي جائحة كورونا توجهوا إلى استخدام المكيفات الكهربائية للتدفئة نظرا لإجراءات مكافحة الوباء المشددة، إلا أن استخدام المكيفات أثبت ضعفها كون درجات الحرارة منخفضة جدا وعمل المكيفات يتوقف بشكل كامل في حال تساقط الثلوج، فضلا عن الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي وارتفاع أثمان الكهرباء هذا العام.


وبين أن المواطنين يلجأون إلى الغابات القريبة من مناطقهم السكنية في جمع الأغصان الجافة والمتكسرة والمتساقطة بعد الحصول على تصريح من وزارة الزراعة وتوفير احتياجات أسرته بالإضافة إلى حرق الأحذية والملابس القديمة رغم خطورتها.


وأوضح المواطن بهجت الغدايرة أنه تقدم بطلب لشراء الحطب من مديرية زراعة جرش منذ أكثر من 7 شهور ولغاية الآن لم يتم الرد على طلبه لعدم توفر الحطب في مديرية الزراعة.


وأضاف أن بيع الحطب من خلال مديرية الزراعة يسهم في الحد من التعدي على الثروة الحرجية ويخفف من استغلال تجار الحطب للمواطنين وبيعه بأسعار خيالية لاسيما وان الكميات المتوفرة محدودة أصلا وهو الخيار الأنسب للمواطنين في التدفئة لارتفاع تكاليف الوسائل الأخرى.

اقرأ المزيد :