بشار ولعبة "القاعدة"

طاغيةٌ مثل بشار، ظل يربطه مع الواقع خيط واهن، انقطع مع اقتراب لحظة الحقيقة. في مقابلته مع محطة "سي. بي. أس" الأميركية، نسي أنه يعدّ أيامه الأخيرة، وتحدث بلغته الأكاديمية التحليلية التي كان القادة العرب يضجرون منها في قممهم. وعلى الطريقة الإيرانية في خوض الحروب بالوكالة، والتي يؤديها بشار ويمارسها على غيره، حذر الأميركيين من عواقب مهاجمته من خلال الرد بمهاجمة قواعد أميركية.اضافة اعلان
في الواقع، يخوض بشار حربا بالوكالة عن إيران. فهذه تحسن شروطها في الملف النووي، وتزيد مساحة تأثيرها في المنطقة من خلال صموده أكثر من عامين، والذي دفع ثمنه أكثر من مئة وخمسين ألفا من السوريين. وهو يريد أن تخوض "القاعدة"، مجددا، حربا بالوكالة عنه ضد القواعد الأميركية في حال تم ضربه. وحاله معها كحال شاعر دمشق نزار قباني مع محبوبته التي غنتها أم كلثوم "أسألك الرحيلا"!
"القاعدة" مطلوبة في العراق وأفغانستان وسيناء.. وفي سورية مفيدة لتأليب الرأي العام العالمي ضد الثورة. لكنها في لحظة الحرب، مطلوب منها أن تغادر سورية لضرب القواعد الأميركية. في الواقع، هي الجهة الوحيدة التي تحارب القواعد الأميركية في العالم بعد رحيل تشي جيفارا، قبل أن تتحرك البوارج الأميركية لضرب بشار.
لا أحد يعرف "القاعدة" مثل الأجهزة الأمنية السورية التي اتهمها نوري المالكي، حليف اليوم، علانية بأنها تقف وراء التفجيرات في شوارع بغداد. كانت الأراضي السورية ممرا لمقاتلي التنظيم، وساحة للتجنيد والإمداد والتواصل، أدرك الطرفان حاجتهما لبعضهما. واستمرا في لعبة تبادل المصالح طويلا. وفي الأثناء، كان الأمن السوري يعتقل البعض أو يسلم مطلوبين، أو يقتل آخرين. ولعل أكثر القصص مأساوية قصة تنظيم "فتح الإسلام". فشاكر العبسي، وهو من خلفية نضالية يسارية قاتل طيارا في نيكاراغوا، اعتقل عامين لأنه حاول إطلاق صواريخ على الجولان، لكنه عاد وأسس "فتح الإسلام" في لبنان، وآخر ما عُرف عنه أنه في ذمة الأمن السوري، ولا يتوقع أن يبقيه حيا.
لا يُستبعد أن يعود بشار إلى لعبة "القاعدة" الخطرة، وقد يزودها بصواريخ سلاح كيماوي "بالخطأ". هذه لعبة تُسقط أي رئيس أميركي، لكنها مرتدة أيضا. فحتى لا تأتي هذه اللحظة، يجب التخلص منه بأسرع وقت.
وفي حرب أميركا سيعيش السوريون أهوالا لن تنسى؛ الأطفال سيسمعون أصواتا لم يسمعوها من قبل، حتى الجنود القساة الغلاظ من مجرمي الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، والمتورطون في مجازر بشعة، لهم أمهات وأطفال وبنات وزوجات في لحظة ما ستتوقف هواتفهم عن الإجابة.
في القصف الأميركي والقصف المضاد ستزهق أرواح بريئة. والنظام سيوقع أبلغ الضرر بالمدنيين وبمعالم دمشق، حتى يتهم الأميركيين والجيش الحر. بشار وحده هو القادر على وقف نزيف الدماء لو قرر أن يرحل. عليه أن يصحو ويقبل بالرحيل.

[email protected]