بعثة أممية للتحقيق في جرائم "داعش" وإجراءات أوروبية لمنع الإرهاب

قوات البيشمركة الكردية تحتفل بطردها لتنظيم الدولة الاسلامية من منطقة سليمان بيك العراقية أمس.-(رويترز)
قوات البيشمركة الكردية تحتفل بطردها لتنظيم الدولة الاسلامية من منطقة سليمان بيك العراقية أمس.-(رويترز)

عواصم- وافق مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالإجماع أمس على إرسال بعثة إلى العراق بشكل عاجل للتحقيق في الفظائع التي يرتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية". فيما أعلنت عددا من دول أوروبا عن إجراءات وخططا لها، تحسبا من أي خطر محتمل يهددها من إسلاميين متشددين. اضافة اعلان
في حين قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن جهاديي "الدولة الإسلامية" استخدموا الذخائر العنقودية في موقع واحد على الأقل في سورية.
في غضون ذلك، وصل ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى باريس لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يرجح أن تتطرق إلى صفقة الاسلحة الفرنسية للجيش اللبناني التي تمولها الرياض وتهديد الإسلاميين المتطرفين في المنطقة.
إلى ذلك، أقرت الدول الأعضاء البالغ عددها 47 القرار من دون تصويت بعد أن حذر العراق من أنه "يواجه وحشا إرهابيا".
وكان العراق وأعضاء مجلس الأمن الخمسة تقدموا باقتراح مشروع لمجلس حقوق الإنسان للامم المتحدة في جنيف يدعو إلى اجراء تحقيق عاجل حول الفظاعات التي يرتكبها مقاتلو "الدولة الإسلامية" في هذا البلد.
وأعلن وزير حقوق الانسان العراق محمد شياع السوداني لدى تقديم القرار إلى الدول الاعضاء الـ47 في المجلس خلال اجتماع استثنائي، ان "الدولة الإسلامية في العراق والشام ليست ظاهرة عراقية فوجودها يتخطى الحدود ويشكل خطرا داهما لجميع بلدان العالم".
وأضاف "يجب محاكمة هذه المنظمة الإرهابية مثل المجرمين لدى هذه الدول لأنها تقوم بأعمال إبادة وجرائم ضد الإنسانية".
وتقوم الدولة الإسلامية التي تنشط أيضا في سورية المجاورة وتتهمها الامم المتحدة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وبـ"التطهير الإثني والديني"، بالفظائع في المناطق التي تسيطر عليها في البلدين.
وقال المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة في جنيف محسن نظيري ان "على جميع الدول توحيد جهودها لمواجهة هذا التهديد". وكشف المندوب الروسي اليكسي بورودافكين ان بلاده ستواصل تزويد العراق بـ"الأسلحة الحديثة".
ويدين مشروع القرار الذي حصل على الموافقة من دبلوماسيي الدول الـ47 الأعضاء في المجلس بشدة "التجاوزات والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان وانتهاك القانون الدولي الإنساني الناجم عن الأعمال الإرهابية" التي يرتكبها المقاتلون الإسلاميون في عدة محافظات عراقية منذ الهجوم الخاطف الذي شنته الدولة الإسلامية والتي "قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". ويحض مشروع القرار كل الأطراف على احترام القانون الدولي وحماية المدنيين، وتلبية حاجاتهم بفتح "ممر آمن" امام العاملين في المجال الانساني من اجل الوصول إلى السكان المتضررين.
ويدعو مشروع القرار "المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لمساعدة العراق على استعادة السلم والاستقرار والأمن في المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية والمجموعات الموالية لها".
وأخيرا يدعو المشروع مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى "الإسراع في إرسال بعثة إلى العراق للتحقيق في اشاعات حول انتهاكات وتجاوزات في مجال حقوق الانسان ارتكبتها الدولة الإسلامية والمجموعات الارهابية المرتبطة بها والتحقق من وقائع وملابسات" تلك الجرائم كي لا يبقى المسؤولون عنها من دون عقاب.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، اقترح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عقد مؤتمر دولي في باريس حول الامن في العراق والتصدي للدولة الإسلامية التي اعلنت في اواخر حزيران (يونيو) "الخلافة" في المناطق التي تسيطر عليها في سورية والعراق.
من جهتها، دافعت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل امس عن قرار إرسال أسلحة إلى أكراد العراق الذين يواجهون مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد، وقالت ان القرار يخدم امن أوروبا المعرض للخطر.
وقالت ميركل امام البرلمان ان قرار ألمانيا كسر التقليد الذي تتبعه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية القاضي بعدم إرسال أسلحة إلى مناطق النزاع، كان مهما بالنسبة للعراق المضطرب الذي يشهد ارتكاب "فظائع لا يمكن تخيلها" ضد المدنيين.
وقالت ميركل في كلمة حماسية استمرت 25 دقيقة "لدينا فرصة لإنقاذ حياة الناس ووقف انتشار القتل الجماعي في العراق".
وأضافت "امامنا فرصة لمنع الارهابيين من خلق ملاذ امن اخر لانفسهم. وعلينا ان نغتنم هذه الفرصة".
وقالت ميركل ان نحو 400 مواطن ألماني توجهوا إلى العراق وسورية للقتال إلى جانب الإسلاميين المتطرفين الذين يهددون استقرار المنطقة بأكملها.
وأضافت "يجب ان نخاف من ان يعود هؤلاء المقاتلون يوما ما" ويشنوا هجمات في المدن الأوروبية.
وتابعت أن "المعاناة الجسيمة لأعداد كبيرة من الناس تتطلب التحرك، ومصالحنا الأمنية مهددة". ورفضت ميركل بشدة مخاوف المعارضة من وقوع هذه الاسلحة في أيدي المتطرفين، او ان المانيا تنحدر نحو "العسكرة".
وأكدت "نحن نواجه خيار ان لا نخاطر وبالتالي ان نقبل انتشار الإرهاب، او ان نفعل شيئا لمساعدة من يقاتلون ضد هذا الإرهاب الشرس".
وفي لندن، اعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن خطط لمكافحة الارهاب تساعد الشرطة في مصادرة جوازات من يشتبه بانهم من المقاتلين الإسلاميين، وتشدد اجراءات السفر جوا، وتفرض قيودا على حركة المتطرفين المشتبه بهم.
وصرح كاميرون بذلك امام مجلس النواب بعد أن رفعت بريطانيا الجمعة حالة التأهب إلى "خطرة" بسبب مخاوف من وقوع هجمات ينفذها متطرفون إسلاميون عائدين من العراق وسورية إلى بريطانيا. وأشار إلى حوالى 500 إسلامي متطرف يشتبه بالتحاقهم بالمتطرفين السنة في سورية والعراق.
وقال "سنطرح تشريعا محددا وواضحا يملأ الفراغ (في التشريعات) ويمنح الشرطة صلاحية مصادرة الجوازات موقتا".
كما اشار إلى إجراءات هدفها منع هؤلاء المتطرفين من العودة إلى بريطانيا.
على صعيد متصل، ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ان جهاديي "الدولة الإسلامية" استخدموا الذخائر العنقودية في موقع واحد على الاقل في سورية وان النظام السوري يستمر باستخدام هذه الأسلحة المحظورة على نطاق واسع.
ونقلت المنظمة التي تتخذ من مدينة نيويورك مقرا لها عن تقارير لمسؤولين اكراد محليين وأدلة فوتوغرافية ان مقاتلي "الدولة الإسلامية" استخدموا قنابل عنقودية يومي 12 تموز(يوليو) و 14 اب(اغسطس).
وتم استخدام الاسلحة خلال المعارك التي جرت بين التنظيم الجهادي ومقاتلين اكراد محليين حول بلدة عين العرب الواقعة في ريف حلب والحدودية مع تركيا.
ورجحت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ان تكون هذه هي المرة الأولى التي استخدم فيها التنظيم القنابل العنقودية الا انه لم يكن واضحا كيف تمكن من الحصول عليها.
وتحتوي القنابل العنقودية على عشرات أو مئات من القنابل الصغيرة ويمكن اطلاقها بواسطة الصواريخ او رميها من الجو.
وذكرت المنظمة ان القوات النظامية السورية استخدمت الذخائر العنقودية 249 مرة على الأقل منذ منتصف عام 2012، وذلك بحسب افلام فيديو وافادات ادلى بها شهود، وابحاث.
وطلبت المنظمة في بيانها من مجلس الامن "فرض حظر أسلحة على الحكومة السورية والجماعات المسلحة الأخرى التي ترتكب انتهاكات حقوق منهجية أو واسعة النطاق".
ميدانيا، تمكنت قوات البشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي الشيعية من استعادة السيطرة على بلدة سليمان بيك المعقل الرئيسي للجهاديين الذين استولوا عليها قبل 11 اسبوعا في هذه المنطقة الواقعة جنوب مدينة كركوك.
ويأتي هذا التقدم بعد ان تمكنت القوات العراقية من فك حصار مدينة امرلي التركمانية الشيعية المحاصرة منذ اكثر من شهرين من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.
وتحقق هذا الانجاز وهو الابرز منذ سيطرة "الدولة الإسلامية" على مناطق واسعة في وسط وشمال العراق، بعد ان شن الطيران الحربي الاميركي عمليات قصف محدودة لمواقع الدولة الإسلامية.
وكان سكان هذه المدينة التي يقطنها غالبية من التركمان الشيعة عرضة لخطر القتل على يد المسلحين او الموت من نقص الغذاء والمياه.
وواصلت القوات العراقية تقدمها بعد تحرير امرلي، وتمكنت من تحرير بلدة سليمان بيك، الاستراتيجية الواقعة شمالها، بالاضافة إلى قرية ينكجة.
وقام رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بزيارة مفاجئة إلى بلدة امرلي وتفقد قطاعات الجيش، وامر جميع الوزارات بتقديم الخدمات الضرورية بشكل فوري.
وافاد مراسل فرانس برس ان سليمان بيك بدت خالية من سكانها، باستثناء المقاتلين وقوات البشمركة الذين احتفلوا بالنصر، وهم يحملون راية تنظيم داعش التي تركوها بعد فرارهم.
وتعد عملية فك الحصار على امرلي واحدة من اكبر العمليات العسكرية التي تحقق فيها الحكومة العراقية انتصار كبيرا على عناصر الدولة الإسلامية الذين سيطروا على مناطق شاسعة في شمال ووسط العراق.
الى ذلك، وسعت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في العراق حيث نفذت اربع ضربات جوية على مواقع الدولة الإسلامية قرب امرلي، وهي اول عملية من نوعها خارج حدود محافظة نينوى.
من جانب اخر، قامت استراليا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بالقاء مساعدات انسانية عن طريق الجو على بلدة امرلي.
ولكن المساعدات الغربية لبلدة امرلي تاخرت كثيرا، حيث تكفلت قوات طيران الجيش الوليدة ايصال المساعدات جوا، مع شن غارات لمنع تقدم المسلحين تجاه البلدة.
الى ذلك نجحت القوات الكردية المدعومة من الطيران الاميركي استعادة بعض مناطق التي خسرتها الشهر الماضي لصالح الجهاديين في الشمال.
الى ذلك، قتل 13 من عناصر الامن العراقي واصيب 17 في هجومين انتحاريين في مدينة الرمادي ، حسبما افادت مصادر امنية واخرى طبية.
واعلنت بعثة الامم المتحدة في العراق ان حصيلة اعمال العنف والارهاب التي ضربت العراق في آب (أغسطس) بلغت 1420 على الاقل، فيما اصيب نحو 1370 في الفترة ذاتها.-(ا ف ب)