بعد انتهاء الوباء .. ستكون اسرائيل مختلفة

متظاهرون إسرائيليون يحتجون ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -(ا ف ب)
متظاهرون إسرائيليون يحتجون ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -(ا ف ب)
يديعوت آحرونوت تسيبي لفني 16/10/2020 في اليوم التالي للكورونا، ستكون اسرائيل مختلفة. مررنا بأزمات أمنية واقتصادية وتغلبنا عليها. أما هذه المرة فقد انكسرت المناعة الوطنية التي تتشكل من التكافل المتبادل، الثقة بالقيادة والاحساس باننا شركاء في أمر اعظم منا – دولة اسرائيل. بقيادة نتنياهو تفككت اسرائيل الى قبائل. هوة عميقة بينها وروح كراهية تحوم فوقها. لقد باتت الاجواء مسممة جدا. تتصدى اسرائيل اليوم لاحد الفترات القاسية في تاريخها، حيث يقف على رأسها رئيس وزراء ليس فقط متهم بالجنائي بل ويعمل على تدمير اساسات الديمقراطية. لا توجد ديمقراطية دون حرية الانسان، دون هيئات مستقلة تحافظ عليها ولا تأتمر بإمرة الحكم: اعلام يكشف النقاب، شرطة تنفذ القانون على الجميع ومحاكم تعمل دون روع ودون تحيز. في دولة القانون لا يوجد احد فوق القانون، الانفاذ متساوٍ ونقي من كل اعتبار سياسي ويوجد سور بين قرارات الشرطة والنيابة العامة في الاجراءات الجنائية وبين السياسيين. المفهوم من تلقاء ذاته كان ان على القرارات ان تتخذ في صالح الجمهور، نقية من المصالح الشخصية، الاقتصادية او السياسية لاي من وزراء الحكومة. حماة الحمى، المستشار القانوني ومحكمة العدل العليا هم المخولون بوضع الخطوط الحمر عند الحاجة، كاختصاصيين غير سياسيين. هم بشر، يمكنهم ان يخطئوا ويمكن انتقادهم (انا التي اقمت هيئة الرقابة على النيابة العامة). ولكن دون تدمير الاساسات. كل هذا كان مفهوما من تلقاء نفسه. اعتقدنا انه اجماع، ولكنه لم يعد كذلك. ليس بالنسبة لاولئك الذين يفضل الفقه بالنسبة لهم على القانون وأمر الحاخام يفوق قرار المحكمة العليا. ليس بالنسبة لاولئك الذين خرجوا من حملة نزع شرعية عن حماة الحمى ومحكمة العدل العليا، التي وصفت كغير صهيونية وتساعد العدو. وما الذي يتناسب اكثر مع المتهم بالجنائي من انهيار منظومة انفاذ القانون والقضاء؟ وهكذا، فان رئيس وزراء كان حذرا في الماضي من هجمات مباشرة، اكتشف بان الباب مفتوح فانقض بهدف تدمير منظومات دولتنا التي يقف على رأسها. رئيس وزراء يدعي بان في اسرائيل تحاك الملفات، يشهر بالمستشار القانوني ويتنكر لصلاحيته في أن يقرر بان للمتهم بالجنائي يوجد تضارب للمصالح في أن يتدخل في تعيين محافل انفاذ القانون والقضاء، ليعطي الاشارة للوزراء وللمؤيدين لتكرار الادعاءات الخطيرة بتهديد المستشار القانوني بنصوص سائبة والمطالبة بالتدخل السياسي في المنظومات الاكثر حساسية. وكلما كررنا غير الطبيعي هكذا تعتاد الاذن الجماهيرية على "التطبيع غير الطبيعي". كل هذا جزء من حرب رئيس الوزراء ضد من يعتقد خلافا له وجعله عدو الامة. حين ألم بنا الوباء في الموجة الاولى، كان يخيل أننا نوجد كلنا في القارب ذاته. نتكافل الواحد مع الاخر، نفهم عظمة اللحظة. الى أن تبين ان الزعامة نفسها تدوس على التعليمات بقدم فظة. تحت رعاية الوباء يعمل رئيس الوزراء على أن يسحب حقا اساسا ديمقراطيا آخر – الحق في التظاهر. ومنذ زمن وهو يدعي ادعاء مدحوضا بانه بين الانتخاب والانتخاب محظور على المواطنين الاحتجاج لان هذا "ضد رغبة الشعب". وهذا ادعاء مدحوض ليس فقط لانه لم يكن حسم في ثلاث حملات انتخابية، بل لان احترام النتيجة لا يستوجب من المواطنين تمجيد رئيس الوزراء. حق الناس في التظاهر حسب القانون، ولدعوته ان "ارحل" وكل دعوة غير عنيفة اخرى. أقف متأثرة من مشهد اهالٍ واطفال ينزلون الى المفترق القريب من بيتهم يحملون يافطات كتبوها بايديهم ومعا، شبان وشيوخ، يرفعون اعلاما ويكافحون في سبيل قيمنا. ان الامر العاجل كي نجتاز الوباء هو المعايير على اساس اعتبارات منطقية، طبية واقتصادية – لمن يريد أن يصلي، يتظاهر وينال الرزق. قانون واحد، موضوعي وليس سياسيا وانفاذ موحد للجميع. بعد أن بذر بذور الفوضى بيديه، سيحاول نتنياهو استغلال الفوضى كي يركز في يديه صلاحيات شمولية. عندما سنخرج أصحاء من الوباء، سيتعين علينا ان نشفي الدولة وان ننظف السم المسكوب. الفشل هو ايضا اداريا ولكن الادارة الجيدة وحدها لا تكفي. ينبغي أن نعيد بناء ما هدم، ونعود لنعزز الديمقراطية ونبني من جديد ثقة الجمهور بمؤسساتها. كل هذا يمكنه ان يتم فقط من قبل زعماء يحترمونهم بانفسهم. من ادعى بان الشرطة، النيابة العامة والمستشار القانوني سياسيون، لا يمكنه ان يصلح. ومن هاجم المحاكم لا يمكنه أن يعيد ثقة الجمهور بها. ثقة الجمهور حرجة. علينا ان نحترم قراراتها، سواء أحبوها ام لا. هذا موقف مبدئي، رسمي، محظور أن يتغير في الائتلاف، في المعارضة وبسبب الوقفة اللحظية. ان الوحدة هي ليست وصفة لاسكات الاخر. الوحدة يجب ان تنشأ حول القاسم المشترك وان كان الادنى والذي يمكن لكل مجموعة ان تبني عليه فكرها. سنواصل الجدال ولكن بشكل مختلف، باحترام. القاسم المشترك هو دولة يهودية وديمقراطية، دولة قانون فيها مساواة، حرية رأي وحرية تعبير. لاسرائيل هذه ولدت، وهي لم تكن كاملة الاوصاف في حينه، ولن تكون كذلك في المستقبل. إذا ما اتفقنا على هذا الحد الادنى سيكون بوسعنا أن نرى الجمال في القبائل المختلفة التي تعيش في داخلها. ولمن يقول اني افرض معتقدي كقاسم مشترك، اجيب ان هذا ليس معتقدي الخاص، هذا وثيقة الاستقلال.اضافة اعلان