بعد توالي الخسائر.. هل تشهد الكرك عزوفا عن زراعة الحبوب الموسم الحالي؟

ارض زراعية لم ينبت بها نبات الشعير لقلة الامطار الموسم الماضي بالكرك-(الغد)
ارض زراعية لم ينبت بها نبات الشعير لقلة الامطار الموسم الماضي بالكرك-(الغد)

هشال العضايلة

الكرك - يحجم عدد من مزارعي المحاصيل الحقلية (القمح والشعير) في محافظة الكرك، عن زراعة أراضيهم هذا الموسم، لتجنب تكرار الخسائر التي لحقتهم خلال مواسم أخيرة بسبب ندرة الأمطار.اضافة اعلان
ورغم أن شهر تشرين الأول (اكتوبر) هو الوقت الأنسب لبدء زراعة المحاصيل الحقلية وخصوصا الشعير في المناطق الزراعية شرقي المحافظة، ما تزال آلاف الدونمات بلا حراثة حتى الآن رغم قرب انتهاء الشهر، ويمكن رصد بعض المناطق المحدودة التي شهدت عملية الزراعة، وتشكل جزءا بسيطا من مساحة الاراضي الزراعية بالمحافظة والتي تقدر بحوالي 200 الف دونم تزرع بمحاصيل حقلية من القمح والشعير.
وبحسب مزارعين فان الموسمين الماضيين شكلا اكبر ضربة لزراعة المحاصيل الحقلية بالكرك، بتكبد المزارعين خسائر مالية كبيرة بعد زراعة آلاف الدونمات بلا ناتج بسبب ندرة أمطار الموسم الماضي، والتي بلغت حوالي 165 ملم فقط، بمعدل 40 % من الموسم المطري والذي يقدر بـ 350 إلى 400 ملم.
وكان العام الماضي قد شهد للمرة الاولى منذ عشرات السنين عدم افتتاح مركز لاستلام المحاصيل الحقلية من قبل وزارة الصناعة لإقليم الجنوب بالكرك، وذلك لغياب المحاصيل لدى المزارعين.
ويقدر مزارعون بالكرك خسائرهم للموسم الماضي بحوالي 10 ملايين دينار هي كلفة زراعة المحاصيل الحقلية من القمح والشعير بلا اي منتوج.
وكانت المؤسسة التعاونية الاردنية قد اعلنت قبل اسبوع، عن بدء بيع البذار المحسن من القمح والشعير للمزارعين من خلال محطات إكثار البذار التابعة لها في أقاليم المملكة، وبأسعار مدعومة من قبل الحكومة.
وأكد مدير عام المؤسسة، عبدالفتاح الشلبي، في تصريح صحفي عن توفر كميات البذار المحسن من القمح والشعير للموسم الحالي في كل من محطات بذار إربد ومادبا والكرك، مشيراً إلى تحديد الحكومة سعر بيع طن بذار القمح 500 دينار، وطن بذار الشعير 420 ديناراً، حيث تتحمل الحكومة عن المزارعين تكاليف عملية الغربلة والتعقيم البالغة 75 دينارا للطن الواحد.
وقال الشلبي إن أسعار بيع بذار القمح والشعير التي أقرتها الحكومة للموسم الزراعي الحالي تأتي في سياق دعمها المتواصل للمزارعين في مختلف مناطق المملكة، وتشجيعاً منها على زراعة محاصيل القمح والشعير؛ كون هاتين المادتين تعتبران من المخزون الغذائي الاستراتيجي.
وكان مركز بيع البذار التابع للمؤسسة التعاونية الاردنية بالكرك قد بدأ بيع البذار للمزارعين مؤخرا.
وما زالت آلاف الدونمات بلا حراثة نتيجة تخوف المزارعين من تعرضهم مجددا للخسائر المالية، في الوقت الذي يعتبر فيه هذا الشهر، شهر تشرين الأول (اكتوبر) البداية الفعلية لزراعة المحاصيل الحقلية، وتجري عمليات حراثة متفرقة في بعض المناطق على أمل تساقط الامطار لاحقا.
وأشار المزارع عايد الحباشنة إلى أن غالبية المزارعين بالمحافظة وخصوصا من ملاكي الثروة الحيوانية الذين يعتمدون في تربية المواشي على زراعة الحقول لتوفير الاعلاف لمواشيهم لم يقوموا بزراعة اراضيهم خوفا من تكرار الموسم السابق وتعرضهم لخسائر مالية كبيرة.
ولفت إلى انه قام الموسم الماضي بزراعة اكثر من الف دونم لم يجن منها شيئا وتعرض لخسارة كبيرة بسبب توقف الهطل المطري عند مستوى لا يمكن معه أن تنمو الزراعات الحقلية من القمح والشعير، اضافة الى غياب التعويض من الحكومة التي تقوم بتعويض كل مزارع لأي مشكلة تحدث في مناطق أخرى من الحريق والصقيع والعواصف وغيرها.
ولفت الى أن المحاصيل الحقلية من القمح والشعير، تحتاج لكي تتمكن من الإنبات في هذه الفترة، إلى هطل مطري لا يقل معدله عن 30 ملم، في بداية الموسم وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.
ويؤكد أن تأجيل حراثة الأرض وزراعتها يأتي ايضا من مخاوف تعرض البذور الى التلف، بسبب تساقط كميات قليلة من الأمطار عليها تساعد على إنباتها بشكل جزئي ومن ثم انقطاع المطر لفترة طويلة ما يؤدي إلى جفافها.
واكد المزارع أحمد النوايسه من لواء المزار الجنوبي إن هناك إحجاما لدى المزارعين عن البدء بزراعة الاراضي للمحاصيل الحقلية لتأخر تساقط الامطار والتخوف من تلف البذار، معتبرا أن الوضع بشكل عام قد تغير كثيرا خلال السنوات الاخيرة.
وأشار إلى أن السنوات السابقة يكون المزارع مع نهاية شهر تشرين الأول (اكتوبر) قد أنهى زراعة نصف حقوله وخصوصا الشعير، لافتا إلى انه يقوم كل عام بزراعة حوالي 500 دونم بالمحاصيل الحقلية، وانه حتى الآن لم يزرع أي دونم منها خوفا من تأخر الهطل المطري وعدم إنبات البذور، مشددا على أن المزارعين لم يشهدوا إطلاقا مثل هذه الحالة التي يمرون بها خلال الموسمين الماضيين.
وأكد أن جميع المزارعين لم يحصلوا على اي مردود من زراعة الحبوب للموسم الماضي بسبب حالة الجفاف التي مرت بها المنطقة، مؤكدا أن مركز استلام الحبوب بالكرك يغلق للمرة الاولى من تاريخ افتتاحه قبل أكثر من 30 عاما.
وبين أن المزارعين طالبوا مرارا بإعلان حالة الجفاف وتضرر مزارعي المحاصيل الحقلية من نقص الأمطار، وتكبدهم خسائر مالية كبيرة، والتي تشجعهم الحكومة كل موسم على زراعتها، إلا أن الحكومة لم تقدم حتى على مناقشة شكاوى المزارعين ووضع خطة لتعويضهم أسوة ببقية المزارعين في مناطق مختلفة من المملكة.
واشار مدير زراعة لواء فقوع المهندس مأمون العضايله إلى أنه وحتى الآن لم يقم غالبية المزارعين بزراعة اراضيهم بسبب عدم هطل المطر، لافتا إلى أن الهطل المطري هو اعلان لبداية الموسم، مشيرا إلى أن الموسم لم يبدأ بعد.
واكد أن تأخير الموسم جيد لأنه خلال السنوات الاخيرة حدث تغير في مواعيد دخول الموسم المطري بسبب التغير المناخي.
وكان الناطق الإعلامي لوزارة الزراعة لورنس المجالي، قد أكد للغد في تصريح سابق أن قرار إعلان الجفاف مرتبط بمجلس الوزراء ويحال إلى وزارة الزراعة لأنه قرار حكومي رسمي، موضحا أن صندوق المخاطر الزراعية اقتصر ووفقا للقانون على مخاطر الحرائق والصقيع، في حين أن صندوق تعويضات البيئة مخصص لمناطق البادية وهو مرتبط بوزارة البيئة.