بعد نزوح السوريين: الرفع أو الإخلاء خياران لا ثالث لهما أمام المستأجرين بالمفرق

بنايات سكنية في مدينة المفرق - (أرشيفية)
بنايات سكنية في مدينة المفرق - (أرشيفية)

إحسان التميمي

المفرق- سجلت إيجارات الشقق في محافظة المفرق ارتفاعات متتالية خلال الأشهر الماضية لأكثر من 100 % مدفوعة بشدة الطلب من قبل اللاجئين السوريين ما وضع مواطني المحافظة بين خيارين؛ الرفع أو الإخلاء.اضافة اعلان
ويوضح مستأجرون أن ملاك العقارات السكنية في المحافظة كانوا الأسرع التقاطا لإشارات تزايد تدفق اللاجئين السوريين، فمنهم من بادر برفع الأجرة بنسب مختلفة ومنهم من طلب الإخلاء بحجة إيواء أحد أبنائه؛ بيد انهم ما لبثوا أن أجروها إلى أسر سورية بأسعار مرتفعة.
وأشاروا إلى أن إيجار العقار مرتفع أساسا ولا يتناسب مع دخولهم وأن الزيادة ستشكل عبئا إضافيا على أسرهم وانّ الحال "بلغ حدّ الأزمة" مطالبين الدولة بالتدخل الفوري ووضع حد لطمع واستغلال بعض ملاك العقار للأزمة السورية.
غير أن ملاك العقارات لهم وجهة نظر مخالفة إذ هم يستهجنون اتهامهم برفع الأسعار سيما في ظل غياب دور الحكومة في تنظيم سوق الإيجارات في المنطقة الشمالية.
ويؤكد ملاك عقارات أن ارتفاع قيمة الإيجارات بهذه النسب لا يلغي الدور الذي قدمه عديد من الملاك في بداية الأزمة السورية حينما قدموا بيوتهم أماكن سكناهم وبعض المباني السكنية في خدمة اللاجئين السوريين دون مقابل.
ويقول أحد المستأجرين وهو فارس محمد "لم يدر في خلدي أنه سيأتي يوم اضطر فيه لإخلاء شقتي بناء على رغبة مالكها بحجة انخفاض الأجرة مقارنة مع ارتفاع تكاليف الحياة".
وقال فارس وهو موظف في إحدى الشركات الخاصة إن "الأجرة الشهرية التي كان يدفعها للمالك منذ 5 سنوات مرتفعة أصلا لكنه توقع أن تكون الزيادة بنسبة طفيفة لا بنسبة 75 % من الأجرة ما اضطره إلى تركها والبحث عن شقة أخرى".
 لكن فارس يقول إن "تركي للشقة كان من أبسط المشاكل التي واجهتها لاحقا إذ بقيت ثلاثة أشهر أبحث عن شقة فلم أجد".
وأضاف " في حال وجدت فالأجرة تعادل راتبي الشهري ما اضطرني في النهاية العودة إلى منزل أبي والسكن في غرفة حتى "تفرج الأمور".
أما مازن كريم فكان حظه في البداية أوفر من حظ فارس إذ تمكن العثور على شقة متواضعة بأجرة 155 دينارا إلا أنه تفاجأ بأن صاحب المنزل مصر على الإيجار لمدة ستة أشهر فقط بحجة أن المالك ينتظر عودة ابنه من الخليج لاسكانه في الشقة.
يقول كريم انه "لم يقتنع بحجة المالك فطلب من أحد مجاوريه السوريين الاتصال بالمالك والسؤال عن الشقة فرحب به المالك وطلب منه أجرة 200 دينار دون تحديد موعد للاخلاء، بل أنه اخبر المستأجر السوري"المفترض" بأنه بحاجة ماسة للإيجار للانفاق على أبنائه الأربعة وأكبرهم في الثالثة عشرة".
وخضع مازن للأمر الواقع وقرر الرحيل إلى بلدة الهاشمية في محافظة الزرقاء إذ حصل على شقة بسعر مرتفع ولكن من دون استغلال وتجبر من المالك كما كان يحصل في محافظة المفرق.
وقال أحد المستأجرين وهو صدام عبد القادر انه "تلقى انذارا من مالك العقار يطالبه فيه برفع الأجرة الشهرية لتصبح 155 دينارا بدلا من 110 دنانير لتجنب إخلاء الشقة".
وأكد أنه ليس لديه خيار آخر سوى أن يدفع ما يطلبه مالك العقار.
ويقول عبد القادر إن "البيت الذي يستأجره منذ ستة أعوام في الطابق الثالث قديم البناء ولا تتعدى مساحته 140 مترا مربعا إلا أن الإيجار يستنفد نصف راتبه فيما يذهب النصف الثاني لتأمين جزء يسير من مستلزمات أسرته".
وقال مستأجر آخر إنه تلقى هو الآخر إنذارا برفع الأجرة الشهرية لتصبح 175 دينارا بدلا من 90 دينارا أو إخلاء المنزل بيد أنه يشير إلى أن غير قادر على دفع دينار واحد كزيادة على الأجرة الشهرية.
لكن أحد ملاك العقارات وهو سالم راضي يستهجن تحميل جميع الملاك مسؤولية رفع أسعار الشقق.
ويقول "إن بعض المالكين استضافوا أسرا ولاجئين سوريين دون مقابل، فكيف يتم تصويرهم على أنهم "أمراء حروب"
وأضاف أنه من المعيب أيضا تحميل المسؤولية للاجئين السوريين، في حين أن المسؤولية الوحيدة في "رقبة الحكومة"، التي تخلت عن تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، كما تخلت عن السيطرة على ارتفاع أسعار السلع والخدمات غير المبرر ما قاد في النهاية إلى رفع أسعار الشقق والعقارات.
وقال إن "الحل يكمن في قيام الحكومة باستئجار البيوت المخصصة لإسكان اللاجئين السوريين من خلال وزارة التنمية أو من خلال المحافظة ضمن شروط وأسعار تضمن حق المالك ولا تؤدي بالنهاية إلى رفع الاسعار بموجب قاعدة العرض والطلب".
ويقول أحد المواطنين وهو مؤيد إبراهيم إن "العديد من أسر المفرق تواجه ضائقة مالية مستمرة منذ سنوات نتيجة لارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل إذ تستنزف الميزانيات المنهكة على شراء المستلزمات الأساسية من جهة ونفقات التعليم المتزايدة من جهة أخرى".
ودعا إلى إيجاد صيغة عادلة لتقدير الإيجارات مع مراعاة الجانبين الاقتصادي والاجتماعي "لا ترك الأوضاع تتفاقم بسبب جشع بعض الملاك".
وتساءل أحد السكان وهو خلدون العثمان " إذا كان الرحيل عن منازلنا والسكن في خيم يريح الحكومة".
وقال إنه "يتألم لأوضاع اللاجئين السوريين لاسيما اضطرارهم للقبول باستغلال بعض الملاك، لكن الحل بيد الحكومة عبر سلسلة من الإجراءات تضمن حقوق المالك والمستأجر".
ويقول أحد السكان وهو سميح خدام إن "إيجارات المنازل بلغت حدا غير مسبوق".
وأرجع ذلك إلى تزايد أعداد اللاجئين السوريين الفارين من القتال في بلادهم.
وطالب خدام الحكومة بالتدخل في وضع خطة لإقامة اللاجئين في المحافظة دون التأثير سلبا على حياة  السكان ودون التقليل من جودة الخدمات المقدمة للاجئين السوريين باعتبارهم ضيوفا على كل الأردنيين.
كما دعا السكان الجهات الرسمية إلى النظر بشكل خاص إلى احتياجات محافظة المفرق الناجمة عن الأعداد الكبيرة للنازحين الذين تجاوز عددهم، 100ألف داخل محافظة المفرق.
ويقول أحد السكان وهو بشير السيوف إن "ارتفاع أجرة المنازل بسبب لجوء السوريين أدى إلى دفع  التجار الى رفع أسعار السلع والخدمات الى مستويات غير مسبوقة في ظل غياب الدعم من قبل المؤسسات الحكومية في المحافظة أو حتى إجراءات الرقابة".
 ويشير المواطن صلاح حماد إلى أن وجود اللاجئين السوريين في المفرق وبأعدادهم الكبيرة التي تزداد يوميا يتطلب زيادة في المجهود اليومي لكثير من المؤسسات في اللواء وخاصة الخدمية منها كالبلديات، وقطاع المياه إلى جانب التربية والتعليم.
 وقال حماد إن عدد سكان محافظة المفرق يبلغ نحو 150 ألفا، وارتفع فجأة مع دخول السوريين إلى الضعف تقريبا دون أن يرافق ذلك أي تغيير ودعم للمؤسسات في المحافظة وانما بقي الحال على ما كان عليه.
ويقول المواطن أنور عبد الرحيم إن "وجود  اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة في محافظة المفرق أدى الى ارتفاعات جنونية في إيجارات الشقق السكنية في المحافظة والقرى المحيطة لها".
ويشير عبد الرحيم إلى أن وجود السوريين دفع  مالكي الشقق إلى رفع الأجور أكثر من ثلاثة أضعاف مما بات يشكل قلقا كبيرا للمستأجرين الأردنيين وتخوفهم من لجوء الملاك الى مطالبتهم بإخلاء الشقق فور انتهاء العقد.
ورغم تحذير سكان المحافظة سابقا من تردي الخدمات الأساسية في المحافظة؛ مع تدفق اللاجئين السوريين عليها دون وجود برامج حكومية واضحة وقابلة للتطبيق للتعامل مع انعكاسات ذلك على الأوضاع الصحية والخدمية والتعليمية والاقتصادية والأمنية، إلا أنهم يقولون إن "ارتفاع أسعار الشقق بشكل غير مسبوق ينذر بتفجر الأوضاع الاجتماعية".
 ويقول سكان إن محافظة المفرق تشهد "مزاحمة" من جانب اللاجئين السوريين لأبنائها في كثير من مؤسساتها الصحية والتعليمية والخدماتية، دون "أن تتدخل الحكومة وكأن الأمر لا يعنيها"
  ودعا السكان الحكومة إلى التدخل الفوري لعمل مراجعة شاملة وإعادة تقييم التدفق السوري إلى المملكة تفاديا لمزيد من التبعات والتحديات والانعكاسات السلبية التي بدأت تظهر آثارها واضحة على الصعيد الداخلي وإفساح المجال لمفوضية اللاجئين لتحمل مسؤولياتها خصوصا بعد وصول أعداد السوريين داخل المملكة الى أكثر من مليون لاجئ.