بعيدا عن الجدل والتأويل والاجتهاد

لفت انتباهي خبرا بثته وكالات الانباء أمس، مفاده ان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، فتح ملفا تأديبيا للاعب يوفنتوس كريستيانو رونالدو، بسبب الإشارة التي فعلها في نهاية مباراة أتلتيكو مدريد بإياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، وأن الملف تم فتحه وفقا للمادة 55 من لائحة الاخلاق والانضباط عقب تحقيق جرى من قبل "مفتش"، ونسب لرونالدو القيام بالسلوك غير المناسب، وستتخذ لجنة الاخلاق والانضباط قرارا في هذه الحالة في 21 آذار (مارس) الحالي. ما يلفت الانتباه مسألتين مهمتين في سياق فتح الملف، أولهما الاستناد إلى مادة واضحة في لائحة الاخلاق والانضباط، وثانيهما وضوح موعد إصدار القرار، وهذا أمر مهم للغاية، لأن التعليمات يجب أن تكون واضحة ولا جدال فيها، وتعالج كل مشكلة تحدث في المباريات إلا ما ندر، بعيدا عن الاجتهاد، لأنه لا اجتهاد في موضع النص طبقا للقاعدة القانونية المعروفة. وبالتزامن مع هذا الخبر، ينتظر جمهور الكرة الأردنية عقد الجلسة الثانية للجنة الاستئناف في اتحاد كرة القدم، للبت في الاعتراضات المقدمة من ناديي الفيصلي والوحدات، على العقوبات التي أصدرتها اللجنة التأديبية، أثر الاحداث المؤسفة التي جرت في مباراة الفريقين بدوري المحترفين يوم 7 آذار (مارس) الحالي. ثمة تناقض شديد بين نصوص اللائحة التأديبية وقرارات اللجنة التأديبية في أكثر من موضع.. صحيح أن الفعل غير الاخلاقي الذي صدر من لاعب الفيصلي عدي زهران، وأوقف على أثره عن اللعب لمدة 6 سنوات، غير مسبوق أو متوقع بهذا "السيناريو" السيئ، ولذلك تكاد الغالبية العظمى من اللوائح التأديبية في العالم تخلوا من وجود نص واضح يتطابق مع مثل هذا الفعل، وإنما يعالج بنص عام يشير الى سلوك غير أخلاقي أو مناف للاخلاق، ويتم وضع عقوبات تتراوح بين الايقاف لعدد من المباريات او لمدة 12 شهرا. ولا شك أن الغرامات المالية المتعلقة بمخالفات تغيير "التيفو" المتفق عليه وادخال الشماريخ والالعاب النارية واقامة مباراة لكل فريق من دون جمهور، هي أيضا موضع خلاف بين الناديين المستأنفين من جهة واللجنة التأديبية من جهة أخرى، وهنا لا بد أن يكون للجنة الاستئناف دور مهم في معالجة شغب الملاعب طبقا للقانون، من خلال تثبيت العقوبات المتعلقة بتجاوزات الجماهير على وجه التحديد، لأن كل النداءات السابقة ذهبت أدراج الريح وبقي المشاغبون على شغبهم بل وأمعنوا في شغبهم من دون وجود رادع لهم. ثمة نقطة أخرى لا بد من الحديث عنها، وتتمثل في ضرورة إعادة النظر ببعض النصوص الموجودة في اللائحة التأديبية واشراك أكبر قدر من المعنيين في صياغتها، وعدم اختصارها على عدد من المحامين، الذين ربما يغفل بعضهم عن بعض النقاط المهمة الموجودة في الساحة الرياضية، ولا يمكن لأحد الالتفات اليها إلا اذا كانت لدى المحامي خبرة رياضية، فلا بأس أن يندمج النص القانوني مع الخبرة الرياضية لاخراج لائحة مثالية، تبتعد بعض نصوصها عن الجدل والتأويل والاجتهاد.اضافة اعلان