بغداد تتقارب مع واشنطن وحلفائها رغم ضغوط الأطراف الموالية لإيران

أميركا والعراق
أميركا والعراق

بغداد- يمدّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، رغم كل الضغوط التي يتعرض لها على الساحة السياسية الداخلية من الموالين لإيران، اليد إلى واشنطن عبر "حوار استراتيجي"، وإلى أطراف خليجية عبر جولة قام بها مؤخرا بين أبو ظبي والرياض.اضافة اعلان
وباتت الهجمات ضدّ جنود ودبلوماسيين ومتعاقدين مع القوات الأميركية أو توجيه الإهانات للكاظمي والقيام باستعراضات عسكرية من جانب موالين لإيران يتهمونه بأنه يخدم واشنطن، أمراً شبه يومي في العراق.
وتطالب الفصائل المسلحة الموالية لإيران والسياسيين الذين يمثلونها بطرد 2500 جندي أميركي موجودين في العراق جاؤوا لدعمه في حربه ضد المتطرفين، معتمدين في مطلبهم على قرار برلماني تمّ التصويت عليه في العام 2020 ولم ينفذ بعد، وينص على انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي العراقية.
ويشكل "الحوار الاستراتيجي" الذي ينطلق مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن اختبار توازن جديد للكاظمي المستقل والذي لا يملك قاعدة شعبية أو حزبية.
وقبل هذه المحطّة، استقبل الكاظمي وزيري الخارجية المصري وزار الإمارات والسعودية، الحلفاء الأساسيين التقليديين لواشنطن في الشرق الأوسط.
ويقول المحلل السياسي إحسان الشمري لفرانس برس إن كلّ ذلك "رسالة إلى إيران بأن العراق لديه الحق باتخاذ مسار آخر في علاقاته الخارجية بما يعتمد على محيطه العربي، إذ لا يمكن للعراق أن يكون أحادي العلاقة كما تريد إيران وحلفائها".
وعلى الكاظمي الذي يفترض أن دوره تحضير البلاد لانتخابات مبكرة لا يزال موعد إجراؤها غامضا حتى الآن، التعامل مع معسكر شيعي نافذ موالٍ لإيران، وكذلك مع الأقليات السنية والكردية التي ترى الوجود الأميركي بمثابة حماية لها، ومع الجيران الخصوم لإيران في الخليج.
ويرى مسؤولون غربيون وعراقيون أن الكاظمي يريد من الحوار مع واشنطن جدولاً زمنياً للانسحاب. بهذا، يضمن دعماً عسكرياً غربياً ضد تنظيم "داعش"، لكن مع إعطاء ضمانات في الوقت نفسه إلى الموالين لإيران بأنه يعمل لتنفيذ قرار البرلمان بسحب القوات الأميركية، لكن ذلك قد يستغرق سنوات.
في الأثناء، وحتى قبل بدء المحادثات، أعرب جعفر الحسيني، المتحدث باسم كتائب حزب الله، أحد الفصائل الموالية لإيران الأكثر تشدداً، عن رفضه لهذا الحوار.
وقال "لا قيمة للمفاوضات كون الشعب العراقي حسم قراره بإنهاء الاحتلال الأميركي"، مضيفاً "المقاومة العراقية مستمرة بالضغط على أميركا".
بيد أن الكاظمي يستفيد في الوقت نفسه من دعم طرف شيعي وازن لزيارة الرياض وأبو ظبي، هو مقتدى الصدر الذي دعا قبل 18 عاما الى حمل السلاح ردعاً للغزو الأميركي.
ورأى الصدر في تغريدة أن "انفتاح العراق على الدول العربية خطوة نحو الطريق الصحيح"، علماً أنه هو نفسه زار الرياض وأبو ظبي في صيف العام 2017.
ويرى عسكريون أميركيون وعراقيون، أنه مع تراجع خطر المتطرفين في العراق إلى مجرد خلايا سرية في الجبال والصحاري، بات مصدر التهديد الفصائل الموالية لإيران، مشيرين الى الهجمات المتكررة بصواريخ أو عبوات ناسفة تستهدف مواكب دعم لوجستي للتحالف الدولي، والى تبني هذه الفصائل أحياناً هجمات خارج الأراضي العراقية.
وحاول الكاظمي الأسبوع الماضي خلال زيارته الى الرياض طمأنة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تجمعه معه علاقة شخصية طيبة، قائلاً "لن نسمح بأيّ اعتداء على المملكة".
وكان مقرراً أن تكون السعودية هدف أول زيارة خارجية للكاظمي كرئيس للوزراء في الصيف، لكن لأسباب صحية، طلب العاهل السعودي الملك سلمان إرجاءها. وبدلا من الرياض، زار الكاظمي حينها طهران حيث التقى مسؤولين على رأسهم المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي.
بعد السعودية، زار الكاظمي أبو ظبي حيث تناولت المحادثات الاقتصاد والاستثمارات.
ومع تعهد سعودي بمضاعفة الاستثمارات في العراق خمس مرات، إلى أكثر من مليارين ونصف مليار دولار، يرسل الكاظمي رسالة سياسية داخلية مفادها أنه "لا يريد أن يكون طرفاً مع جانب واحد فقط، بل يريد العمل بشكل دؤوب لجلب استثمارات إلى العراق من الدول المجاورة" وغيرها، وفق ما يقول مسؤول عراقي لفرانس برس، طالباً عدم الكشف عن هويته.
ومن شأن أي دفع اقتصادي للعراق أن يصب في مصلحة إيران في الوقت نفسه، لا سيما أن طهران تحتاج إلى بغداد لشراء وارداتها وتبادل الرسائل مع الدول العربية.-(ا ف ب)