"بقعة ضوء" يدخل قلب الرقابة السورية ولا يسلم من مقصها

"بقعة ضوء" يدخل قلب الرقابة السورية ولا يسلم من مقصها
"بقعة ضوء" يدخل قلب الرقابة السورية ولا يسلم من مقصها

 دمشق - اصبح المسلسل السوري الساخر "بقعة ضوء" هذا العام "مفخرة" التلفزيون السوري للتأكيد على "جرأة" ما يعرضه بينما يشكو القائمون عليه من حذف الرقابة مشاهد مما اودى بمعنى بعض لوحاته الكوميدية وغير معناها تماما.

اضافة اعلان

ويقول مخرج الجزء السادس سامر برقاوي ان موضوع "الحذف ومقص الرقابة" صار معروفا للجميع.

ويضيف ان ان "المشاهدين انفسهم لاحظوا حذف بعض المشاهد عبر متابعتهم ومقارنتهم بين الحلقات التي تبثها الفضائية السورية، وتلك التي تعرضها قنوات أخرى".

ويبث "بقعة ضوء" الذي نال سمعة طيبة منذ جزئه الاول، على خمس قنوات تلفزيونية خلال شهر رمضان منها قنوات سورية خاصة وقنوات عربية اخرى.

وعن كيفية تصرف الرقابة السورية مع جزئه الاخير، يوضح المخرج ان "بعض اللوحات تم حذف نهاياتها (القفلات) وضاع الهدف والمغزى منها كما تم شطب جمل وعبارات وهناك لوحات ادى حذف الرقابة ال تغيير معناها 180 درجة".

لكن "لحسن الحظ" كما يقول فان عرضه الموازي على قنوات غير الفضائية السورية، اتاح للمشاهدين ان يروه "كاملا".

وعاد "بقعة ضوء" هذه السنة بعد توقف دام ثلاثة مواسم. وكان هذا المسلسل اصلا مشروعا جماعيا للمخرج الليث حجو والممثلين ايمن رضا وباسم ياخور.

وتتضمن كل حلقة من المسلسل عدة لوحات كوميدية مختلفة المواضيع والمساحة.

ومن اللوحات التي عرضت في الجزء السادس ووجد كثيرون انها "جريئة"، لوحة تتحدث عن تدريب ضابط امن لعنصر لديه كي لا يقع في "شرك" ما يقوله اعضاء جمعيات حقوق الانسان خلال استجوابهم.

لكن هذا العنصر لا يلبث ان ينسى امر التدريب ويضعف ويتأثر عندما يذكره الضابط باوضاعه واحواله المعيشية السيئة، على اساس ان كل ما يريد فعله هو مساعدته، في وقت يكون الهدف من تمثيلية التدريب هذه هو أن يستعد العنصر ولا يتأثر.

وعرضت ايضا لوحة ساخرة قصيرة بعنوان "فروع" تصور مزارعا فوق شجرة يقلم "فروعها" ويبرر ذلك بعيوب مختلفة لكل "فرع" قبل ان يرى الحل ربما في "قطع الشجرة من اساسها"، ومن المعروف ان اول ما تذكر به كلمة "فرع" عند السوريين هو اجهزة الامن.

ويعيد بعض النقاد "المتابعة الواسعة" للعمل من قبل المشاهد السوري تحديدا الى "تاريخه" وندرة الاعمال الكوميدية المنافسة.

ويرى الناقد في الشأن الفني والثقافي في صحيفة "تشرين" السورية سامر محمد اسماعيل ان الجزء الاخير من "بقعة ضوء" يعاني من "تراجع في المضمون" و"تواضع النصوص"، مقارنة بالاجزاء الاولى، ويربط ذلك ب"الشللية بين القائمين عليه".

ويضيف ان "اشخاصا قلة كتبوا جميع اللوحات (كتب اغلب اللوحات عدنان الذراعي)، وكان يجب فتح الباب امام الكتاب الجدد والعمل يحتمل وجود العديد منهم وهذا سر نجاح الاجزاء الاولى منه".

ويعتبر ان الجزء السادس "لم يحمل الجرأة الكافية التي تضمنتها الاجزاء الاولى".

وتفاخر ادارة التلفزيون السوري ببثها "بقعة ضوء" على القناة الفضائية. واللافت انه يعرض في ذروة المشاهدة، بعد الافطار.

وتقول ادارة التلفزيون السوري في ردها على الانتقادات "الرقابية"، في صحيفة "الوطن" السورية الخاصة ان "بقعة ضوء" هو المثال "الاكثر جرأة والابرز والاوضح للعيان" لما تعرضه الشاشة السورية.

وتضيف ان لوحات العمل تصف "ظواهر كثيرة تتخلل حياتنا، وكثير منها (اللوحات) اثار حساسية البعض وربما احرجهم".

لكن ادارة التفلزيون لا تتحدث في ردها الى الصحيفة عن "الحذف" الذي قامت به، وشوه العمل الذي تفاخر بعرضه.

وهذا الحذف اعتبره الناقد في صحيفة "السفير" اللبنانية راشد عيسى "شاهدا على ازدهار الرقابة السورية كما لم تكن من قبل". ونقل ان من قام بالحذف من "بقعة ضوء" لم يكن لجنتا الرقابة (القراءة والمشاهدة) بل "يد عليا فوق اللجنتين راحت تشطب وتحذف من غير سؤال".

لكن ما تقوله ادارة التلفزيون عن اثارة بعض لوحات العمل لحساسية البعض واحراجهم هو وصف دقيق.

فاحدى اللوحات سخرت من رجال الامن واسلوب عملهم مما اثار غضب "ادارة الامن الجنائي" في سوريا التي اعتبرت ان "اللوحة تعرضت لها بالاسم وصورت رجالها وعناصرها على انهم جهلة وفاسدون، وهذا الامر هو بمنزلة التشهير والقدح والذم"، كما قالت مصادر في وزارة الداخلية السورية تحفظت على ذكر اسمها.

واكدت المصادر ان هناك اجراءات قانونية ونقاشا جاريين بين وزارة الداخلية والقسم الرقابي في وزارة الاعلام، لتحديد "المسؤولية عن بث الحلقة". فالعقبة التي تواجه من يريد الادعاء قضائيا على القائمين على العمل هي ان الرقابة في التلفزيون السوري سمحت بالبث.

وتعقيبا على ما قيل عن "غضب الامن الجنائي وتلويحه بالقضاء"، يقول مخرج "بقعة ضوء" انه "لا يوجد اجراء ملموس بحقنا والامر لم يتعد التداول في وسائل الاعلام".

ويلفت برقاوي الى ان اللوحة "محط الجدل" والتي يعتبرها الكثيرون اقل جرأة من لوحات يقدمها الجزء الاخير هي "ليست لوحة توثيقية بل تقدم بعض المظاهر السلبية وتضع عليها مكبرا".

ويضيف ان "عملنا يشبه ما يفعله رسام الكاريكاتور، فانت لا تستطيع محاسبته وتدينه لان الشفاه مثلا، في رسمه هي اكبر من شفاه الشخصية الواقعية التي يرسمها".