بلجيكا تقود مجموعة الـ 14 لهزهزة عرش الفيفا

بلجيكا تقود مجموعة الـ 14 لهزهزة عرش الفيفا
بلجيكا تقود مجموعة الـ 14 لهزهزة عرش الفيفا

   بيروت - منذ تاريخ تأسيسها في العام 2000، اخذت مجموعة الـ 14 على عاتقها حمل لواء الدفاع عن النوادي الاوروبية وتحصيل حقوقها المهدورة في مكاتب مراكز القرار والسلطات الكروية العليا، حفاظا على مكانتها واستمراريتها الدائمة.

اضافة اعلان

   وافرز هذا التوجه سلسلة جولات من الصراع مع الاتحادين الدولي والاوروبي لكرة القدم، بلغت ذروتها في الايام القليلة الماضية مع اعلان المجموعة 10 اهداف تريد تحقيقها في أسرع وقت ممكن وبشتى الطرق المتاحة وصولا الى قاعات المحاكم القضائية.

   وظهرت مجموعة الـ14 على مسرح الاحداث اثر تكتل 14 ناديا من ابرز واغنى النوادي الاوروبية على الاطلاق، وهي برشلونة وريال مدريد ويوفنتوس وميلان وانتر ميلان ومانشستر يونايتد وليفربول ومرسيليا وباريس سان جرمان واياكس امستردام وايندهوفن وبايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند وبورتو.

   وبعد فترة قصيرة على انطلاقها في مشروعها النهضوي الذي اقنع نواد عدة بمبادئها الكروية، رحبت المجموعة بانضمام اربعة افراد جدد الى كنفها، وهم ارسنال وباير ليفركوزن وليون وفالنسيا، ليرتفع العدد الى 18 ناديا.

   وتعرض مجموعة الـ14 اليوم سلسلة مطالب تنذر في حال تحقيقها باجتياح للتقاليد الكروية المتبعة في اوروبا، الى تغيير معالم المعايير والاجراءات العالمية المتعلقة باللاعبين ونواديهم ومنتخباتهم الوطنية.

   وترتكز قناعات المجموعة على احقية النوادي الكبرى الطلب من اصحاب النفوذ مضاعفة قواها ومستحقاتها المالية لمساهمتها في اعطاء الوجه المثالي للعبة في مختلف الاقطار الاوروبية.

   كما تطالب بحيازة كل من نواديها على صوت مباشر داخل الاتحاد الاوروبي اثناء عملية تحضير الروزنامة الموسمية.

   وتنطلق النوادي من مطلبها الاخير على خلفية اضطلاع كل من الاتحادين الدولي والاوروبي بتحديد مواعيد تصفيات البطولات والمباريات الودية الدولية من دون العودة اليها، في حين انها مجبرة بحسب قوانين "الفيفا" على تسريح لاعبيها في اوقات حرجة.

   ولم تكتف النوادي بطلب استشارتها في هذا الموضوع، مصرة على حصولها على عائدات مقابل مشاركة هؤلاء اللاعبين في البطولات الدولية الكبرى، الى تعويضات عن الاعوام العشرة الماضية تصل قيمتها الاجمالية الى 860 مليون يورو!

   وطبعا جاء الرفض سريعا من قبل السلطات الكروية العليا، التي اذعنت بأنها تخصص الاموال العائدة من البطولات الكبرى لتطوير اللعبة على الساحة الدولية وعلى مستوى قطاع الناشئين، الى تطوير البنى التحتية وتحديثها في كافة اقطار العالم.

   وتأتي هذه المطالب لتعويض الخسائر السنوية التي تقع بها النوادي جراء تعرض لاعبيها للاصابة اثناء مشاركتهم منتخبات بلادهم، مما يحتم عليها معالجتهم ودفع رواتبهم دون الاستفادة من خدماتهم في الشكل المطلوب.

   ووقفت المجموعة في وجه "الفيفا" العام الماضي لمساندة ليون المطالب بتعويض جراء خسارته مدافعه اريك ابيدال، الذي اصيب اثناء مشاركته في مباراة دولية ودية مع المنتخب الفرنسي.

   واذ لم تحصد هذه القضية النجاح التام، اضحت المجموعة تفتش عن ظاهرة مماثلة لنقل المعركة مع الاتحاد العالمي الى اعلى مستويات القضاء.

   وقد وجدت في نادي شارلروا البلجيكي ارضا خصبة لاستكمال معركتها الشرسة، داعمة اياه في الدعوى التي رفعها على "الفيفا" للحصول على تعويض بعد غياب لاعبه المغربي عبدالمجيد اولمرس عن الملاعب لمدة ثمانية اشهر، اثر مشاركته منتخب بلاده في مباراة ودية امام بوركينا فاسو في تشرين الثاني/نوفمبر 2005.

   ويصر شارلروا على ان غياب اولمرس عنه تسبب في فقدانه الافضلية على منافسيه، وبالتالي تقليص حظوظه في المنافسة على لقب بطولتي الدوري والكأس في بلجيكا، في الوقت الذي صعد فيه رئيس "الفيفا" السويسري جوزف بلاتر من لهجتة معتبرا ان العنوان الابرز لقضية النادي البلجيكي هو "قلة الاحترام"، وانه لا علاقة بين اصابة اللاعب وتأثيره على مستوى الفريق كونه انهى البطولة في المركز الخامس.

ويقف "ويفا" مع "الفيفا" في المحكمة لمواجهة اخطبوط النوادي، بعد فشل بلاتر في الوصول الى اتفاق مع رئيس النادي المعني الايراني الاصل عباس بايات الذي طلب مبلغ 615 الف يورو بدلا لعلاج اولمرس.

   ولعل ابرز ما صدر عن هذه القضية حتى الآن، تصريح محامي شارلروا جان بيار دوبريز ان موكليه تعرضوا لضغوط وتهديدات من "الفيفا"، الذي اعلن رئيسه ان القضية نفسها تهدد كيان كرة القدم العالمية متسلحا بدعم خمسة اتحادات قارية من اصل ستة بعد رفض اتحاد الكونكاكاف اتخاذ موقف حاسم وسط الاوضاع المتأزمة.

   الا ان بوادر الانقلاب الكروي لمجموعة الـ14 ظهرت في شكل خطير اثر نشر صحيفة "الغارديان" البريطانية وثيقة زعمت انها من مستندات السياسة الداخلية للمجموعة، التي تنظر باهتمام الى تأسيس بطولة خاصة بها عوضا عن المشاركة في دوري الابطال الاوروبي.

   وتهدف المجموعة عبر هذا الانشقاق الى ضمان مشاركة نواديها سنويا في بطولة على مستوى رفيع، في الطريق الى فرض سطوتها على مكامن اللعبة في اوروبا.

   ولا شك في ان هذه الخطوة تبرز مطامع النوادي المالية، اذ يدرك كل منها ان ساحة البطولات القارية هي الانسب لعقد الاتفاقيات التجارية والاستثمارات المربحة التي تدر اموالا طائلة عليها.

   ورغم نفي رئيس ليون جان ميشال اولا ومدير المجموعة توماس كورث لمزاعم الصحيفة البريطانية، فإنه لا يمكن استبعاد فرضية تسريب المجموعة نفسها لهذه المعلومات من اجل توفير ضغط اكبر على الاتحادين الاوروبي والدولي والحصول على مغانم اضافية وافضلية نسبية على جبهة اساسية من الحرب الشعواء.

   كما لا يمكن فصل هذا الاعلان المسبوق عن قضية شارلروا رغم ان فكرة من هذا النوع ستغير من دون شك شكل ونظام كرة القدم الاوروبية، وتدمر دوري الابطال الاوروبي الذي يعد شكلا ومضمونا افضل البطولات على صعيد النوادي.

   وتكمن المفارقة مرة اخرى ان آخر قضية غيرت وجه كرة القدم وهدمت هرمية القوانين غير المنصفة، جاءت ناحية بلجيكا ايضا عندما انتفض اللاعب جان مارك بوسمان في تسعينات القرن الماضي ليفوز عن اقرانه اللاعبين بمعركة تحريرهم من براثن النوادي مالكة عقودهم، ما وضعهم في موقف قوي واعطاهم الحرية في اختيار وجهتهم المستقبلية بعد انتهاء عقودهم، فعرف الاجراء "بقانون بوسمان".

   وينتظر ان تكشف الاسابيع القليلة المقبلة النقاب عن امكانية تكريس بلجيكا نفسها من جديد معقل الخلاص للبعض او الدمار لآخرين، في عالم لعبة يرتكز النجاح اليوم فيها على النفوذ ووفرة العملة والاستثمارات.