بل خدمات الجيل الأول من الاتصالات!

في الوقت الذي طرحت فيه هيئة الاتصالات الأردنية عطاء تقديم خدمات الجيل الثالث من تقنيات الاتصالات الخلوية الأكثر تقدماً مطلع هذا الأسبوع، شهدت أنحاء عدة من المملكة خلال الأيام الماضية موجة أخرى من تردي خدمات الاتصالات لدى عدد من مشغلي خدمات الخلوي والتي طالت خدمة الإنترنت والعديد من الخدمات الحيوية المرتبطة بها.

اضافة اعلان

خلال معظم أيام عطلة العيد كان المواطنون في جهات عديدة من المملكة يبحثون عن خدمات الجيل الأول من الاتصالات لا الجيل الثاني ولا الثالث، بعدما أصبحت هذه الخدمات التي تعد أساس الكثير من تفاصيل الحياة اليومية مهددة بالتعطيل ورداءة الخدمة ليس في أوقات الأزمات والذروة وحسب، بل ومن دون مناسبة وبما يطال معظم مزودي هذه الخدمات.

تتكرر أزمات تعطل خدمات الاتصالات الخلوية التي تتناوب عليها الشركات، كما هو الحال في تعطل خدمة الإنترنت، وآخرها لأكثر من ثلاثة أيام في جهات عديدة من المملكة؛ ما ترتب عليه تعطل العديد من الخدمات الأساسية مثل ماكينات سحب النقود من البنوك واستخدام بطاقات الائتمان، والمعلومات حول حركة السفر والطائرات وخدمات أخرى لا تقل أهمية.

وفي الوقت الذي تفاجأ فيه المواطنون الذين تبادلوا في العيد حوالي (36) مليون رسالة الكترونية عبر الهواتف الخلوية بالتعرفة الجديدة التي فرضتها بعض شركات الاتصالات والتي اقتطعت بموجبها قرشا واحدا عن كل رسالة اتصالية لتقرير استلام الرسالة، ما يضيف المزيد من عناصر الربحية التي تحققها هذه الشركات التي تعد أكثر القطاعات الخدمية ربحية.

الأردنيون حسب نتائج مسح استخدام تكنولوجيا المعلومات الأخير ينفقون على الاتصالات الخلوية أكثر مما ينفقونه على مواد أساسية في غذاء أطفالهم وينافس هذا الإنفاق الذي وصل معدله حوالي (25) ديناراً للأسرة شهريا ما ينفق على التعليم..، في حين زاد عدد الأسر التي يتوفر لديها خدمة التلفون المحمول من (86%) عام 2007 إلى (94%) عام 2008.

من دون شك قطاع الاتصالات الأردني يعد من أكثر القطاعات نمواً، لكن النمو وحده من دون الإجابة عن أسئلة أخرى تحدد اتجاهات هذا النمو، قد لا يخدم المصالح الوطنية، يجب أن نلاحظ أن هذا القطاع هو أكثر القطاعات تزويداً لوسائل الإعلام بالإعلانات التجارية، فهو الأكثر إنفاقاً على الترويج والإعلانات التجارية، لذا نجد أن معظم وسائل الإعلام تحجم عن متابعة مشاكل هذا القطاع، كما تحجم عن وضع اليد على جوانب التقصير أو حماية حقوق المواطنين.

لم نلاحظ على سبيل المثال وجود تحقيقات استقصائية أو تقارير مرئية أو مسموعة تتابع حقوق المواطنين والحق في خدمة اتصالية ذات جودة عالية وبأسعار عادلة، وحتى جمعيات حقوق المستهلكين تغيب عن هذا المجال الاستهلاكي الشره بشكل واضح.

لا تزال معايير الجودة في الخدمة الإتصالية غير واضحة، فالتنافسية القائمة في هذا القطاع تعتمد على عروض الأسعار، ولا ترتقي لمستوى جودة الخدمات وكفاءتها، ولم تبن شركات الاتصالات المحلية والشبكات الدولية معايير جودة واضحة ومعلنة للجمهور وأحيانا نجد بعضها لا تعمل بالمعايير التي تطبقها في بلدان أخرى.

من حق المستهلكين الذين يدفعون بدل الخدمات بسعر يعد وفق معادلة الدخل وكلف التشغيل من أعلى الأسعار الإقليمية أن يطالبوا بأسعار عادلة، ومن حقهم أن يطالبوا بالتعويض عن فترات الانقطاع وضعف الخدمة، ومن حقهم المطالبة بمعايير واضحة ومعلنة وموثقة للتعويض وتعمل تلقائياً، ومن حق المستهلكين المطالبة بإشهار أسعار واضحة للمكالمات الدولية التي أصبحت هي الأخرى احد الفخاخ التي توقع المسافرين بشركتها، كل هذه الأمور تتطلب منظومة جادة لجودة الخدمات في هذا القطاع.

وبالعودة للجيل الرابع الذي ينتظر أن يقدم تقنيات اتصالية متقدمة؛ منها إجراء اتصالات مرئية مباشرة من خلال الهاتف الخلوي إلى جانب استخدام تقنية الإنترنت بجودة فنية أعلى، فإن توقيت طرح العطاء في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والإقليمية وتداعياتها المنتظرة لا يشير إلى بيئة صحية تبشر بجلب أفضل العوائد على خزينة الدولة، ولنا في رخص الخلوي تجارب مرة وملفات معلقة.

[email protected]