بماذا تفكر دائرة الأراضي؟

بماذا تفكر دائرة الأراضي؟ قرر مجلس الوزراء اعتبارا من 25 أيار (مايو) الحالي ولغاية 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل إعفاء أول 120 مترا مربعا من مساحات الوحدات الإنشائية التي تقيمها البنوك والشركات الإسكانية من رسوم التسجيل وتوابعها شريطة أن لا تتجاوز مساحتها 300 متر مربع عند إعادة تسجيلها للمستفيدين.

اضافة اعلان

وطالب رئيس دائرة الأراضي شركات الإسكان بعمل حسومات لتنزيل الأسعار، لتحريك نشاط القطاع، كما أعلن أن هذا القرار له تأثيرات إيجابية حيث يسهم في تقليل الكلف على أصحاب المشاريع الإسكانية، فيحقق بذلك تنشيطا للقطاع في الفترة المقبلة مما سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ككل.

 كما تضمن القرار تخفيض رسوم تسجيل الأراضي إلى النصف لتصبح 2.5% بدلا من النسبة المعمول بها حاليا والبالغة 5% وذلك عن الأراضي الخلاء أو المزروعة فقط.

 المؤلم في القرار أنه اعتراف صريح بأن القرار الذي سبقه قبل أكثر من عامين برفع تقدير الاراضي والبيوت من قبل الدائرة كان خطأ لأنه أدى الى تراجع نشاط قطاع العقار الذي يسهم في تحريك 35 قطاعا آخر مساندا له، ما أدى أيضا الى تراجع الاقتصاد ككل.

 ولا بد وأن نذكر هنا، دور التخبط في صياغة السياسات الاقتصادية حيث كان القرار السابق مشفوعا بقرارات أخرى محبطة للقطاع، كرفع أسعار الفائدة ووضع 20% سقفا على الإقراض للشركات العاملة في القطاع والاقتصاد الكلي كرفع الرسوم على الشقق ثم تخفيضها، وغيرها من التخبطات الواضحة (السقوف على الإقراض، رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي، رفع سعر الفائدة، الممارسات الاحتكارية، وغيرها) التي لا حاجة لنا أن ننساها لأنها حدثت قبل شهور فقط.

 كما أن دائرة الأراضي ذاتها وقعت ضحية لقرارها فلم يتراجع أداء القطاع فقط بل وتراجع معه دخلها في الثلث الأول من العام بـ41 مليون دينار لأنها باعترافها في نص القرار الحالي رفعت (خارج سوق العرض والطلب) كلفة البيع والشراء فنأى الناس عن السوق ونأت هي عن رسومها.

 القرار الجديد ليس ذكيا أيضا، لأنه يقوم على مبدأ غير محبب في علم الاقتصاد السياسي وهو مبدأ عدم استقرار السياسات الاقتصادية. فالقرار مؤقت (ستة أشهر فقط)، والرسالة المبطّنة في القرار هي أنه حين تعود العافية للاقتصاد ستعود الرسوم الى ما كانت عليه. وبما أن القرار الاقتصادي لا يكون أبدا تجريبيا فيجعل من أموال وحقوق المواطن حقل تجارب، لا بد من الشفافية والمصارحة والحوار.

 سؤال: ماذا ستفعل الشركات التي بدأت في تنفيذ عملها قبل شهور ولن تنتهي من البناء قبل ستة أشهر (أي بعد انتهاء فترة القرار)، هل ستخطط لمستقبل أسعار بيوعاتها من دون أي علم بما ستكون الرسوم عليه؟ هل ستستفيد فقط الشركات التي أنجزت مشاريعها بينما لن يستفيد من لم ينجز؟ الواضح أن الغموض قد يؤدي الى الانتظار والترقب من ناحية العرض حتى تنتهي الفترة وتتضح الأمور، خاصة في ظل ارتفاع كلفة الاقتراض وشح السيولة في القطاع، ما يؤدي الى تراجع الاستثمار في القطاع، فتنحسر الفائدة المرجوة للقرار أو يؤدي الى نتائج عكسية.

 السؤال الأخير: هل مصلحة المواطن ممثّلة في مثل هذه القرارات أم أن هنالك جهة أبوية تعرف مصلحة المواطن أفضل منه؟ ربما قد يكون من الافضل أن نكتب من الآن فصاعدا عن الوضع الاقتصادي في المريخ بعيدا عن هذه الشذرات من القرارات المستنيرة.

yosef.[email protected]